خبراء: "كورونا" أسهم في الحفاظ على البيئة

"استديو الرؤية" يرسم خارطة طريق لإنجاح مشروعات الاقتصاد الأخضر

 

الرؤية - مدرين المكتومية

استضافَ برنامج "استوديو الرؤية" اثنين من خبراء الحياة الفطرية والاقتصاد الأخضر؛ للحديث حول دور الاقتصاد الأخضر في إنقاذ العالم، خاصة في ظلِّ المتغيرات التي فرضتها جائحة فيروس كورونا حول العالم.

وحلَّت الدكتورة ثريا بنت سعيد السريرية أول عُمانية ترأس المجموعة العربية التخصصية للنبات التابعة للهيئة العالمية لإبقاء الأنواع بالاتحاد الدولي لحماية الطبيعة، والدكتور محمد جمال كفافي رئيس المجلس العالمي للاقتصاد الأخضر وكبير مستشاري الطاقة والتنمية بالصندوق العالمي للتنمية بالأمم المتحدة، ضَيفيْن على البرنامج الذي تُعِده وتقدمه مدرين المكتومية عبر تطبيق "زووم".

وسلَّطتْ الحلقة الضوءَ على تأثير جائحة كورونا على الحياة الفطرية، ومستقبل الاقتصاد الأخضر بعد كورونا، إضافة لتسليط الضوء على طبيعة الاستثمارات الممكنة في ظل الاقتصاد الأخضر، وآليات حماية الغطاء النباتي، وكيفية الاستفادة من الاستزراع لتعزيز النمو الاقتصادي.

وقالت المكتومية في مستهل الحلقة إن الاقتصاد الأخضر يهدف للحدّ من المخاطر البيئية، وتحقيق التنمية المستدامة، دون أن تتسبب في تدهور بيئي؛ حيث يتم من خلاله تتبُّع التكاليف الخارجية التي تُعمّم على المجتمع عبر الأنظمة البيئية بشكل موثوق. وأضافت أنَّ من السمات التي تميّز الاقتصاد الأخضر عن النُّظم الاقتصادية الأخرى وضعه تقييمًا مباشرًا لرأس المال الطبيعي وخدمات النظام البيئي؛ باعتباره ذا قيمة اقتصادية، إلى جانب تمتّعه بنظام محاسبة بيئية كاملة التكلفة، مُشيرة بلغة أكثر بساطة إلى أنَّ الاقتصاد الأخضر هو الاستفادة من الطاقات والمشاريع غير المضرة بالبيئة، بل وتسعى إلى استدامتها وديمومتها.

من جِهتها، أكَّدت الدكتورة ثريا السريرية أنَّ السلطنة لديها تحول واضح نحو الاقتصاد الأخضر وفقا لرؤية عمان 2040، لافتة إلى أنَّ الاقتصاد الأخضر عامل رئيسي لتحقيق استدامة البيئة، وأنَّ الجهود مُتواصلة لإدخال التكنولوجيا الخضراء في الزراعة والثروة السمكية. وقالت -خلال حديثها في البرنامج- إنَّ العالم يتَّجه إلى استخدام التكنولوجيا والتقنيات الحديثة من أجل الحفاظ على الموارد الطبيعية من أجل نشر مفهوم الاقتصاد الأخضر، مُبرِزة عدة مشاريع يمكن تنفيذها في مجالي الاقتصاد الأزرق والأخضر؛ من بينها استغلال الطاقة الشمسية وطاقة الرياح وتدوير النفايات. وأضافت أنه يمكن إدخال ابتكارات جديدة في قطاع الزراعة تعزز من الاقتصاد الأخضر؛ من خلال تحويل الآليات التقليدية إلى متطورة، وتوظيف إمكانيات الاقتصاد الأزرق في المجال اللوجستي. وشددت على أنَّ السلطنة تعد من الدول الرائدة في المنطقة في الاقتصاد الأخضر؛ فهناك تنوع في مشاريع الطاقة الشمسية والرياح، معربة عن أملها في أن تشهد خلال الفترة المقبلة تزايد تلك المشروعات.

وشدَّدت السريرية على أنَّ ثقافة الاقتصاد الأخضر يجب أن تنتشر على جميع المستويات؛ حيث يتعيَّن توعية جميع المؤسسات بأهمية هذا التحول، فضلا عن توعية المجتمع بضرورة هذا التوجه. وقالت إنَّ الاقتصاد الأخضر بات ضرورة حتمية، والتوعية المجتمعية به يجب أن تبدأ من النشء، من خلال إدخاله في المناهج الدراسية. وأوضحت أن أغلب الاقتصادات تعتمد على الموارد الطبيعية، لكن المطلوب الآن المحافظة على هذه الموارد الطبيعية للأجيال القادمة، ويتمثل الحل في ذلك اللجوء إلى الاقتصاد الأخضر أو الدائري، ولا بد من وجود إستراتيجية واضحة لتطبيق هذا المفهوم. وأعربت السريرية عن أملها في إنشاء منظومة خاصة بالاقتصاد الأخضر في السلطنة في القريب العاجل، وأن يتزايد الاهتمام الرسمي والمجتمعي بهذا الاقتصاد.

من جانبه، أشاد الدكتور محمد جمال كفافي بما توليه السلطنة من اهتمام كبير بالتوجه نحو الاقتصاد الأخضر، لكنه شدد على أهمية إنشاء مركز وطني للاقتصاد الأخضر لضمان نجاح التوجه. وقال كفافي إنَّ من أبرز مشاريع الاقتصاد الأخضر تحويل الصرف الصحي إلى طاقة واستخدامه في ري الأشجار، مضيفا أنَّ العالم يتجه بقوة نحو استغلال الصرف الصحي وتحويله إلى طاقة؛ إذ يمكن استخدام الصرف الصحي في بعض الزراعات، مشيرا أيضا إلى التوجه ننحو استخدم الكهرباء في وسائل النقل البري. وبين أن المشروع الآخر في منظومة الاقتصاد الأخضر يتمثل في إنشاء محطات للشحن الكهربائي للسيارات، إلى جانب التحول إلى إنترنت الأشياء، لافتا إلى أن السلطنة قادرة على ذلك بفضل التعداد السكاني والإمكانيات المتاحة.

وأوضح أن الاقتصاد الأخضر نجح في توفير الملايين من الفرص الوظيفية الجديدة حول العالم؛ حيث إن هذا النوع من الاقتصادات يهدف إلى خلق نظام اقتصادي بيئي، يكون له تأثير كبير على النظام الاجتماعي. ودعا كفافي في ختام حديثه إلى ضرورة قيام الدول بسن قوانين "المحاسبة البيئية"، إلى جانب إنشاء كيان معني بالاقتصاد الأخضر في السلطنة يضم جميع المؤسسات، فضلا عن وضع مؤشر اقتصادي لقياس التقدم في هذا التوجه. وأعرب عن أمله في نشر ثقافة الاقتصاد الأخضر بين السكان، وأن يتم تدريس الاقتصاد الأخضر من الصفوف الأولى في المدارس وحتى الجامعات.

وشهدتْ الحلقة مُداخلة ثرية من الخبير البيئي علي بن سالم كفيتان؛ حيث قال إنَّ الطبيعة استطاعت أن تتعافى بصورة واضحة عندما التزم الناس بيوتهم خلال جائحة كورونا، مشيرا إلى أهمية أن يكون عام 2020 عاما اقتصاديا وبيئيا حافلا؛ حيث ظهرت ثقافة بيئية جديدة في ظل الجائحة. وتساءل كفيتان عن مدى استعداد المجتمع العماني ودول الشرق الأوسط عامة للاقتصاد الأخضر، وقال إنَّ عُمان تملك الإمكانيات للتحول نحو الاقتصاد الأخضر، لكننا في الوقت نفسه ثمة حاجة ماسة إلى مبادرات في هذا الجانب. وأضاف أنَّ الاقتصاد الأخضر يسهم بدور كبير في المحافظة على النظم البيئية الهشة من خلال الإبقاء عليها والاستفادة منها؛ لذا يجب تكثيف المشاركة المجتمعية من خلال جمعيات تُعنى بالاقتصاد الاخضر، مع وضع خارطة طريق لتكريس هذا المفهوم، وإقناع المسؤولين بأهمية هذا الاقتصاد.

تعليق عبر الفيس بوك