"الكتاب والأدباء" تنظم محاضرة فكرية بعنوان"فوبيا الاختلاف"

مسقط ـ الرؤية

أقامت الجمعية العمانية للكتاب والأدباء مُمثلة في لجنة الدراسات والفكر، محاضرة فكرية ثقافية حملت عنوان "فوبيا الاختلاف" قدمها الناقد السعودي محمد العباس، وذلك عبر قناة الجمعية في ZOOM، بالإضافة لبثها مباشرة على قنواتها في يوتيوب وتويتر، وأدارها الكاتب إسماعيل المقبالي، واشتملت المحاضرة على عدد من المحاور من بينها الفلسفة التي ارتقت بالاختلاف إلى مستوى القيمة ودور النص بما هو بنية اختلافية في فك احتباسات المحل الاجتماعي، والنصوص الأدبية كسرديات اختلاف، ومدارج التشابه التي تحد من قيمة الاختلاف، بالإضافة للمُجتمع المدني كمسرح للاختلاف، مع تلاشي الاختلاف وطمس الهوية، وغيرها من المحاور في شأن قيمة النص والاختلاف. واقترب العباس من تعريف اليونسكو للثقافة والموروثات التي تميز كل مُجتمع من المجتمعات الإنسانية، مع إضافة تصورات إلى هذا التعريف في الألفية الثالثة، والتي أنبتت على معاني التعدد والتشظي والاختلاف، وما حدث أيضاً في بعض الدول العربية على سبيل المثال،

وأشار مقدم المحاضرة في حديثه إلى ماهية الاختلاف والذي وصفه بأنه أداة لفك الاحتباسات الاجتماعية، مشدداً على أن صاحب الاختلاف لابد أن يمتلك فكراً ورأياً ومنهجاً ونصاً، حيث لايُمكن الاختلاف مع فكرة أو جماعة أو أي تيار بدون وجود المنهج والنص، حيث البنية الشكلية للخطاب، وضرب العباس مثالاً على الاختلاف هو غلق الفضاءات الفكرية والثقافية بقرار سياسي، أو أن يقوم فكر ما بتحديد المسار الثقافي والفكري لمجتمع ما ويحد من اتساع رقعة الثقافة في ذلك المُجتمع، خاصة إذا ما رأى ذلك الفكر أنَّ المسار الثقافي قادر على التجديد والتحليل والأخذ بكل ما هو قابل للاختلاف. وأوضح العباس أنَّ الاختلاف دائماً ما يتركز في المسائل السياسية والاجتماعية، لكن التاريخ يقول إنَّ هناك انغلاقات وانحباسات في الفضاءات الاجتماعية، وهنا يمكن أن يفتح الفضاء الاجتماعي ذلك النص الذي يشكل بنية الاختلاف حيث قوته وماهية حجته التي تدفع على العمل به. وذهب العباس ليربط المجتمع المثقف بالنص، ذلك النص الذي يعرف بحقيقة المجتمع أيضاً وحيويته، ولابد له في المُقابل أن يتنج نصوصاً سياسية واجتماعية وثقافية أيضاً. وهنا أوجد مثالاً حيا على المجتمع الثقافي العماني وظهور واقع قصيدة النثر العُمانية، على سبيل المثال من الأسماء سيف الرحبي وزاهر الغافري ومحمد الحارثي ـ رحمة الله عليه ـ وعبدالله حبيب وغيرهم، ممن شكلوا حضورا واسعا على عكس الرواية في تلك الفترة الزمنية المحددة، وفي مرحلة متأخرة دخلت الرواية وقدمت صورة المجتمع كونها مسارا محددا من السرديات، على سبيل المثال رواية الباغ لبشرى خلفان، ورواية الأعتاب لمحمد قراطاس، وحديثهما عن مفصل هام من تاريخ عمان السياسي والاجتماعي ولكل رواية وجهة نظر مختلفة لمعالجة تلك المرحلة، وهذا يعود حسب قول العباس إلى أنّ الذات التي كتبت "الباغ" تختلف في نزعاتها السياسية والثقافية والفكرية، عن الذات التي كتبت "الأعتاب"، وهنا لا يميل العباس إلى اعتبارات معينة حسب قوله إلى رواية دون غيرها، وإنما هنا الحديث عن روايات متوازية.

وأطلع العباس الحضور المتابع للفعالية الثقافية على أن أغلب الدول العربية عاشت انغلاقات وتحولات مُتعددة وكان للنص الاجتماعي والثقافي والسياسي دور بارز في إظهار تلك التحولات والانغلاقات. فالنص حسب رأي العباس هو معبر عن الهوية ويتقاطع دائماً مع الفكر الإنساني والتجديد المصاحب له. وفند قوله أيضاً بالصراع الدائر في فترة ما بين الفكر الفقهي والفكر الكلامي وما صاحبه من انغلاق في النص. أما في الوقت الراهن فإنَّ الواقع الافتراضي الاجتماعي هو خير مثال على فك الكثير من الرموز التي ظلت لفترات مغلقة غير قابلة للانفتاح، وهذا أمر في ذاته إيجابي، ويبعث الأمثل في إيجاد فضاءات أكثر اتساعاً لتحول قوة النص إلى سلوك مُجتمعي وثقافي واسع في نطاقاته ومساراته.

 

 

تعليق عبر الفيس بوك