ابن علوي والحياد الإيجابي

إسماعيل بن شهاب البلوشي

 

لم يعثر جوادك يا ابن علوي، ولم تزل القدم، غير أن للمدى محرافًا تقف عنده المُوريات افتخارًا بسبقها ونصرها، كي يكون للتكريم والشكر ممن له المقدرة إلى من يستحق في الوقت المناسب، وكي يكون للإنجاز لوناً وطعماً وقيمة يسجلها التاريخ للأبد وفقط إلى الذين لا يمكن لإنجازهم إلا أن يكون مرجعاً لمحبي روائع التاريخ "العِظام أمثالكم".

بين الفينة والأخرى وفي بعض المناسبات قُدر لي أن أكون واحداً من حضور الحديث الجانبي لمعاليكم أو خلال محاضرة، ولقد كان للجندية العمانية الأصيلة سمةً بارزة وواضحة وأنت تحد البصر وترمق به إلى الأعلى تتبعه برفع يدك قبل أن تقول حديثاً حاداً يمثل السمت العماني ونظرته الإيجابية المتوازنة إلى العالم حديثاً أنت ونحن مؤمنينَ به، ولذلك فأنت توصله إلى من هو أمامك متبوعاً بالكلمة الأسمى والأعلى "عُمان".

نعم معاليك.. شرحت للعالم تلك السياسة الثابتة والواضحة المعلنة أن عمان وسلطانها وشعبها تاريخاً وحضارةً لهم سماتهم وثوابتهم التي لا تقبل المساومة وبأي ثمن، وأن عمان لا تتغير ولا تساير الأحداث، خروجاً عن تلك المبادئ، ولو أن العالم أخذ وقتاً طويلاً حتى علم وتعلم أخيراً أن الحياد الإيجابي العماني ليس جموداً في سياستها؛ بل إنه ذلك الحياد الذي يجعل من أخوّة الأشّقاء عمقاً وعزوةً لعمان ومنصحاً بالخير وخط رجعةٍ لهم جميعاً، وأن الصديق هو ذلك البعيد الذي احتفظت معه عمان على مر التاريخ بعلاقات ومعاهدات وسمة وصفة لا يمكن التفريط فيها بسهولة، لأن إعادتها لو تغيرت سيكون قياساً غير مناسب لدولة راسخة كعمان، غير أن ذلك لا يعني  مطلقاً أن يكون على حساب الأخوّة الخليجية أو العربية أو الإسلامية.

وإنني كمواطن عماني أفتخر بك وأشعر بعظيم السعادة أني لم أراكَ ولم أقرأ عنك أو أسمع عنك يوماً في جمع أو مكان نتج عنه الضرر بشجرة في الدنيا قبل إنسانها؛ غير إنني رأيتُك مصلحاً، رأيتك بين الأضداد راعياً لإعادة الأمل في إسعادهم وجمعهم، وهذه هي أماني كل مواطن في أي دولة ينتظر من وطنه التربع على عرش قمة الخير والإيجابية.

إن تكريمك معالي الوزير اليوم من القامة العمانية الأعلى مولانا حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم- حفظه الله ورعاه- هو تكريم لمرحلة وجزء من تاريخ السياسة العمانية التي أدرتها بحزم وعزم وقوة، لم يستطع أحداً من رجالات العالم إلا أن يقف لها احتراماً  وتقديراً، وحملت معها كل المراحل التاريخية والثوابت العمانية العظيمة، فتوشحَ وسامكَ مفتخراً رافعاً رأسك إلى الأبد بين كل محبيك، ولك منا كل التقدير والفخر والاعتزاز، متمنين لك الصحة والعافية والعمر المديد، ومتمنين لخلفك الكفء الهمام السيد بدر بن حمد بن حمود البوسعيدي التوفيق والنجاح، والذي بالطبع لم يكن وليد اللحظة في مدارس السياسة السلطانية العمانية، بل إنه واحد ممن أبحروا في مدارس السياسة بكل مقدرةٍ وعزةٍ.