التعلم عن بُعد لذوي الإعاقة البصرية

سلمى العلوية *

* باحثة دكتوراه في جامعة السلطان قابوس

أثَّرت جائحة كورونا على سير العملية التعليمية في دول العالم أجمع، ومن بينها سلطنة عُمان. كما أثرت على طبيعة تعليم وتعلم الطلاب العاديين بشكل عام، والطلاب من ذوي الإعاقة بشكل خاص، بمن فيهم الطلاب من ذوي الإعاقة البصرية.

ولما كانت الخيارات مُتعدِّدة لاستكمال التعليم في الفترة المقبلة؛ ومن بينها: خيار التعلم عن بُعد، فإنني أرى أنَّ هذا الخيار هو الأنسب لتعليم الطلاب من ذوي الإعاقة البصرية في ظل هذه الجائحة، لاسيما في وجود التقنيات المساندة لاحتياجاتهم في توظيف التعلم عن بُعد؛ حيث دعمت الكثير من الشركات أجهزتها بالبرمجيات التي تُسهِّل على الطلاب من ذوي الإعاقة البصرية التعلم وفق مدخل التعلم عن بعد؛ ومنها برامج قارئ الشاشة؛ مثل: برنامج جوز (Jaws)، وبرنامج هال (Hal)، والتي تعمل كقارئ لشاشة الكمبيوتر أو الهاتف باستخدام آلية نطق النص. إضافة إلى ذلك، يقوم المرشد الصوتي على سبيل المثال بنطق الحروف التي يقوم الطلاب من ذوي الإعاقة البصرية بكتابتها أثناء عملية البحث في محركات البحث المختلفة وقراءة الموقع الذي سبق للكفيف زيارته من قبل، بدلا من إعادة كتابته مرة أخرى، وبرنامج كروزويل (Kurzweil) الذي يقوم بخاصية تحويل الملفات الإلكترونية إلى ملفات صوتية تمكن الكفيف من سماعها في أي وقت كملف صوتي عادي. كما يقدم برنامج تكست زوم (Text zoom) للطلاب ضعاف البصر خدمة تكبير شاشة الحاسب الآلي أكثر من الحجم الطبيعي، وهناك الكثير من البرامج التي وفرتها الشركات التي تتنافس في تجويد الخدمات المقدمة للطلبة من ذوي الإعاقة البصرية، والتي تساعد بشكل كبير في تسهيل تعلمهم عن بُعد، ومن هذه الشركات على سبيل المثال شركة آبل وشركة الناطق للتكنولوجيا.

ومن هذا المنطلق، فإنَّ هذه البرامج مكَّنت الطلاب من ذوي الإعاقة البصرية من القيام بأهم الممارسات الإلكترونية؛ كسهولة تصفذُح المواقع الإلكترونية ومحركات البحث المختلفة والبريد الإلكتروني، واستخدام المنصات التعليمية المخصصة لهم بكل سهولة ويسر؛ مما يشجع على توظيف التعلم عن بُعد في المرحلة المقبلة.

وتعدُّ المنصات التعليمية الإلكترونية معبرَ أمان لتحقيق التعلم عن بُعد في ظل الأوضاع الراهنة، لاسيما وأنها تتناسب مع الطلاب من ذوي الإعاقة البصرية؛ لما تتَّسم به من سهولة في الاستخدام وإمكانية الوصول لكل طالب ومميزاتها التي تمكن الطلاب من ذوي الإعاقة البصرية من متابعة شرح المعلم، وسهولة إنجازه لواجباته والمشاريع التعليمية المطلوبة منه، علاوة على سهولة متابعة أولياء الأمور لأبنائهم، وإمكانية دعمهم في عملية تعلمهم حتى في حالة عدم تمكن الوالدين من استخدام طريقة برايل.

ويحظَى الطلاب من ذوي الإعاقة البصرية في سلطنة عُمان بالكثير من المؤهلات التي تُمكنهم للتعلم عن بُعد؛ ومن بينها: الخبرات السابقة لدى الطلاب في التعلم الإلكتروني والتي اكتسبوها من مادة الحاسوب، والتي كانوا يدرسونها قبل الجائحة كواحدة من المواد الأساسية، علاوة على المقومات التي يمتلكها معهد عمر بن الخطاب للمكفوفين مثل غرفة الحاسوب والأجهزة الإلكترونية الأخرى الخاصة بالطلاب ذوي الإعاقة البصرية.

ومن هنا، يُمكن القول إنَّ التعلم عن بُعد يعدُّ مدخلا مناسبا لتعلم الطلاب من ذوي الإعاقة البصرية، وأنَّ توظيفه سيوفر الكثير من الوقت والجهد للطلاب والمعلمين، كما أن توظيفه سيحقق فوائد المدخل المتعارف عليها؛ مثل: زيادة التحصيل الدراسي للطلاب، وزيادة دافعيتهم للتعلم، كما سيحقق العديد من الفوائد الأكاديمية والنفسية والاجتماعية والاقتصادية الأخرى لهذه الفئة.

وفي الختام، نأمل أن نرى التعلم عن بُعد هو الخيار المطبق بالفعل على هذه الفئة، مع الأخذ بتذليل التحديات المصاحبة لتطبيقه كدعم الطلاب من ذوي الإعاقة البصرية بتوفير أجهزة إلكترونية مدعمة بالبرامج المناسبة لإعاقتهم؛ لضمان تعلمهم كبقية أقرانهم الطلاب العاديين.

تعليق عبر الفيس بوك