من قلبي سلام لبيروت‎

أنيسة الهوتية

لا أكتب هذا العنوان وهذه المقالة لمُجرد مُواكبة الأحداث البيروتية الحالية التي هزَّت الكيان البشري، قبل أن تهز بيروت بذلك الانفجار الأشبه بالذري والنووي وليس فقط انفجار أطنان من نترات الأمونيوم، لأنَّ نوع الانفجار وحجم الضرر الناجم عنه يدل على انشطارات ذرية من اليورانيوم المشع أو البلوتونيوم، بكميات كبيرة.

والتي وإن لم تقذف على بيروت كما تمَّ قذفها على هيروشيما وناجازاكي في الحرب العالمية الثانية إلا أنها على مايبدو كانت تتخلل أطنان نترات الأمونيوم المخزنة تلك منذ ستة أعوام! والتخزين هذا بحد ذاته يرسم علامة استفهام بحجم الكون؟

ورغم تعليق بعض اليهود في أولى ساعات الانفجار أنَّه تمَّ التمكن من تفجير مخزن أسلحة في مرفأ بيروت تعود إلى حزب الله، وبعدها بقليل تمَّ حذف التعليقات من المواقع ومن الصحف الإلكترونية وأعلنت إسرائيل أنها لاشأن لها بالانفجار!

 

ولربما أنَّ تصريحهم الأخير حقيقي وأنَّ اليهود صادقون هذه المرة، ولكن هل ستة أعوام لم تكن كافية للتخلص من تلك المواد، أم أنها تمَّت مصادرتها كرهينة كل تلك السنوات مع التطلع لاتفاق مناسب للاطراف!

والغريب في الموضوع أنَّ السفينة التي كانت محملة بتلك النترات غرقت في البحر منذ عامين حسب قول قبطانها، ولو كانت لاتزال على ظهرها لكانت اختفت لأنها سهلة التحلل في الماء.

إلا أنَّه تمَّ تفريغ السفينة منها عن قصد وحفظها في مخازن تحميها من الضوء والحرارة!

وماذا الآن بعد هذا الانفجار الذي أودى بحياة الضعفاء والمساكين، وأدى إلى خراب الممتلكات والبيوت لشعب يكفيه ما به من تعب، وجوع، وحرمان، وفقر، شعب أصبح يحلم بالهجرة رغم عشقه لبلده الجميلة التي لايختلف على جمال طبيعتها شاعر وفنان، شعب أصبح كاليتيم في بيته! شعب أصبح يطالب الرئيس الفرنسي باحتلال بلاده حتى يعيش، شعب يطالب الدول من مختلف منصات التواصل الاجتماعي بعدم إرسال المعونات إلى الحكومة اللبنانية!!

 

ولا أريد أن أعلق بشيء على طلب عدم إرسال المعونات، ولكن فرنسا بحد ذاتها يعيش فيها 9 ملايين مواطن فرنسي تحت خط الفقر المدقع، ولا زال هذا الفقر يتفشى! فكيف بفرنسا أن تنقذكم يا إخوتي وهي لم تتوصل إلى حل لعلاج تفشي الفقر لديها! هذا مع وجود عشرات المليارديرات الفرنسيين والذين لو تبرعوا فقط بالطعام الفائض من مخازنهم، والملابس القديمة لكانوا أنهوا حالة الفقر تلك في بلدهم.

وهو الحال تماماً بالنسبة للبنان، فثمانية لبنانيين يتخللون جدول أغنى رجال العرب المليارديرية، ولو تعاونوا لأجل وطنهم لرفعوا عنه حالة الفقر تلك، ناهيك عن المشاهير الأغنياء بمختلف أنواعهم.

أما الحكومات، فستبقى بلا بركة تفتقر لمحبة الشعب مادامت لاتضمن لهم الحياة الكريمة، لأنَّ مُهمة الحاكم الأولى والأساسية حماية شعبه وتوفير المعيشة الكريمة لهم قبل أي شيء آخر، حينها يفتدي المواطن بنفسه قائده ووطنه.

 

وخروجاً من أزقة بيروت ودخولاً إلى أزقة 2020، التي بعد انفجار بيروت أتت بمفاجآت من سلسلة حرائق في دول مختلفة لأسباب مختلفة!

ونسألها ماذا بعد يا عشرين عشرين؟!

مازالت أمامنا أربعة أشهر منك، وبضعة أيام! نرجو أن تكونين فعلاً قد أنهيتِ مفاجآتك وأن قادمكِ أخف وزناً ووطأً.

ولكن لن ينسى التاريخ مُصاب بيروت ولن ينساه البيروتيون أبدا، كما لازال اليابانيون يعزون أنفسهم في واقعة هيروشيما والتي أكملت بعد يومين من انفجار بيروت 75 عاماً، ويبقى الشرق الأوسط من أزمة العراق، إلى سوريا واليمن ولبنان وفلسطين ممثلة بغرب آسيا مسرحاً عالمياً يعرض المآسي بمختلف الأنواع!