"الخطة البديلة" تغيب عن أذهان السياسيين حال فشل إنتاج لقاح لـ"كوفيد- 19"

ترجمة- رنا عبدالحكيم

فجرت الأنباء السارة حول إمكانية التوصل للقاح فعال ضد فيروس كورونا، ينابيع الأمل لدى الأمريكيين الذين يكافحون ضد تفشي هذا الفيروس التاجي، حتى الدكتور أنتوني فاوتشي الذي طالما أحبطت تحذيراته القاتمة الرئيس دونالد ترامب، بدا متحمسًا إزاء النتائج الأولية للقاح.

ووفقاً لتقرير نشرته شبكة "إن بي سي نيوز" الإخبارية الأمريكية، فوجود لقاح فكرة مشجعة حتى مع فشل الدولة في احتواء الفيروس أو تنفيذ أنواع تدابير الصحة العامة التي طالب بها الخبراء، إذ يعني أنَّ ثمَّة آلية قادمة لإنقاذ البشرية إذا تمكنت من الصمود لفترة كافية.

لكن بعض الخبراء عبروا عن قلقهم من اعتياد الأمريكيين على فكرة أن لقاحاً أو علاجاً معجزة على الأبواب. في حين أن اتفاقًا واسعًا على أن الأنباء الأخيرة واعدة، إلا أنَّ البعض يساوره بالقلق من أن احتمالية الإغاثة في المستقبل يمكن أن تولد الرضا عن الذات وسط تفشٍ حاد يودي بحياة مئات الأشخاص كل يوم.

وقال كارل بيرجستروم عالم الأحياء في جامعة واشنطن "أعتقد أنه يجب علينا بالتأكيد وضع خطة احتياطية.. وهذا أمر لم يتم الحديث عنه بما فيه الكفاية."

وحتى في أفضل السيناريوهات، قد تكون الولايات المتحدة على بعد 6 أشهر أو أكثر من إنتاج اللقاح على نطاق واسع، وقد لا تتحقق أفضل السيناريوهات، الأمر الذي قد يتطلب من صناع السياسات والجمهور وضع خطط بديلة على المدى الطويل.

وتابع بيرجستروم "حتى الآن يبدو أن مسألة تطوير اللقاح تعتمد على فكرة أن جهود إنتاجه تمضي دون أخطاء كانت متوقعة".

وفي حال وجود خطة بديلة "الخطة ب" فليس من الواضح طبيعتها وماهيتها في الوقت الراهن. ويكافح البيت الأبيض وحلفاؤه في الكونجرس للتفاوض حتى على مشروع قانون الإغاثة المؤقتة، وتكهن ترامب مرارًا وتكرارًا بأن الولايات المتحدة ستنتج قريبًا لقاحا أو علاجا، أو أن الفيروس "سيختفي" من تلقاء نفسه.

حقيقة الأمر أن البعض يشعر بالتوتر، ولذا حذرت كين فرايزر الرئيس التنفيذي لعملاق صناعة الأدوية "ميرك"، من أنَّ أي شخص يبادر إلى تحقيق تقدم طبي قبل عام 2021 فهو "يسيء إلى الجمهور" نظرًا للتحديات المتأصلة في تطوير وإدارة اللقاح.

وقالت فرايزر في مقابلة مع أستاذ كلية التجارة بجامعة هارفارد تسيدال نيلي، "أعتقد أننا عندما نخبر الناس أن اللقاح يأتي على الفور، فإننا نسمح للسياسيين بإخبار الجمهور في الواقع بعدم القيام بالأشياء التي يحتاجها الجمهور، مثل ارتداء الكمامات".

وفي حين أنَّ العديد من اللقاحات المُرتقبة في المملكة المتحدة والصين وأمريكا تتقدم بشكل جيد، فمن الممكن أن تكشف المرحلة التالية من التجارب الأكبر عن آثار جانبية أكثر خطورة أو حدود لفعاليتها. وإذا كانت التوقعات العامة مرتفعة للغاية، فإنَّ البعض يشعر بالقلق من أنها قد تضغط على المسؤولين- خاصة في عام الانتخابات- للسماح باستخدامها بسرعة كبيرة.

وحتى إذا حصل لقاح على كل علامات السلامة والفعالية، فهناك احتمال أن تكافح الحكومات لتوزيعه بسرعة، ومن ثم ستشتري إدارة ترامب مئات الملايين من الجرعات من اللقاحات المحتملة مقدمًا، على أمل أن تتمكن من التحرك بسرعة إذا تمت الموافقة عليها، لكن لا يزال من الممكن ظهور عوائق.

وأمضى توفر سبيرو نائب رئيس السياسة الصحية في المركز التقدمي الأمريكي (شبه اليساري)، أشهرًا في البحث في الجوانب اللوجستية الخاصة بتطعيم الجمهور ضد الفيروس التاجي بمجرد الموافقة على اللقاح. وتتضمن المشاكل المحتملة التي يراها: الفشل في إنتاج قوارير زجاجية كافية، والخلل الإداري البيروقراطي حول من يدير مسألة توزيع اللقاح، ومن سيكافح لإقناع عدد كاف من الأشخاص بأنه آمن للتطعيم.

ووجد استطلاع أجرته وكالة أسوشيتد برس الأمريكية هذا الأسبوع أن 20% من المستطلعين قالوا إنهم لا يعتزمون الحصول على لقاح إذا أصبح متاحًا، و31% غير متأكدين من ذلك.

وقال سبيرو "علينا ألا نتوقف عن البحث عن استراتيجيات لاحتواء الفيروس في هذه الأثناء".

وشارك آفيك روي رئيس المؤسسة المحافظة للأبحاث حول تكافؤ الفرص، في كتابة إطار استجابة للفيروس التاجي في أبريل الماضي؛ حيث جادل بأنَّه ينبغي على المسؤولين أن يفترضوا لأغراض التخطيط أنَّ التقدم في اللقاحات أو العلاجات قد لا يتحقق. وقال روي "لقد أمضيت 12 سنة كمستثمر في شركات التكنولوجيا الحيوية.. وعندما تكون قريبًا من تطوير علاجات جديدة، فأنت على دراية تامة بعدد مرات فشلها، وفي أكثر من مرة لا تنجح البيانات التي تبدو واعدة في المراحل المبكرة مقارنة بالمراحل المتأخرة".

ووفقًا لروي، فإنَّ قبول احتمال عدم وجود لقاح كمبدأ تنظيمي يمكن أن يضفي مزيدًا من الإلحاح على تثبيت تدابير آمنة مثل أجهزة مسح درجة الحرارة، وحماية السكان الضعفاء مثل كبار السن، وتطوير الخطط لإعادة فتح المدارس بأمان. وأضاف "إذا كنا سنقول إنه من المقبول إغلاق الاقتصاد وإبقاء المدارس موصدة الأبواب لأننا سنحصل على لقاح في غضون ستة أشهر، فهذا ينطوي على الكثير من الافتراضات المبكرة".

ويمكن أن يُساعد تحسين توافر الاختبارات وأوقات الاستجابة، التي كان البيت الأبيض مترددًا في تخصيص المزيد من الموازنات الفيدرالية لها، في الكشف عن الفاشيات قبل أن تخرج عن نطاق السيطرة. ومن شأن توظيف المزيد من موظفي التقصي الوبائي وتدريبهم، وربما حتى تجريب التطبيقات لمساعدتهم، أن يساعد في تتبع انتشار الفيروس. والعثور على علاجات فعَّالة تسرع الشفاء وزيادة القدرة على البقاء على قيد الحياة، يمكن أن يجعل السيطرة على الوباء أسهل باعتباره تهديداً يومياً. ودعا أندي سلافيت مسؤول الصحة السابق في إدارة الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما، إلى تعزيز الجهود الوطنية لإنتاج كمامات "إن 95" عالية الجودة للاستخدام العام اليومي، بدلاً من الكمامات القطنية الأكثر شيوعًا.

تعليق عبر الفيس بوك