"كوفيد 19" يؤذن بفجر جديد لـ"الاستثمار المؤثر" في الاقتصادات الناشئة

◄ الصناديق السيادية والشركات تتجه نحو القطاعات التنموية في أعقاب "كورونا"

ترجمة - رنا عبدالحكيم

قال تقريرٌ لمجموعة أكسفورد للأعمال إنَّه في حين من المتوقع أنْ ينخفض ​​الاستثمار العالمي بشكل حاد هذا العام نتيجة لوباء فيروس كورونا، فإنَّ الاستثمار المؤثر -تمويل المشاريع التي تحدث أثراً اجتماعيًّا أو بيئيًّا إيجابيًّا، فضلاً عن العائد المالي- يميل للثبات نسبيًّا، ويُمكن أن يُسهم بدور رئيسي في انتعاش اقتصادات الأسواق الناشئة.

وفي إشارة إلى الشُّعور بالكساد الذي ساد الأعمال، والذي صاحب التباطؤ الاقتصادي المرتبط بالفيروس، توقَّعت منظمة الأمم المتحدة للتجارة "أونكتاد" في يونيو الماضي، أن تنخفض تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر العالمي بنسبة 40% هذا العام، في حين شهدت الاستثمارات الجديدة وعمليات الاندماج والاستحواذ انخفاضا بأكثر من 50% على أساس سنوي في الربع الأول. ومع ذلك، يبدو أنَّ مزاج الاستثمار المؤثر "Impact Investing" -الذي يوجه عادة نحو المشاريع في قطاعات تنموية مثل الطاقة المتجددة والإسكان والرعاية الصحية والتعليم- بات أكثر مرونة.

ووفقًا لمسح شمل 294 مستثمرًا مؤثرًا تم إجراؤه خلال شهري مارس وأبريل، قال غالبية المستطلعين (57%) أنهم سيحافظون على خططهم الاستثمارية لعام 2020، بينما توقع 16% زيادة حجم رأس المال الذي يستثمرونه. ووجد التقرير -الذي نشرته شبكة جلوبال إمباكت إنفستينج (GIIN) ومقرها نيويورك- أنَّ 20% كانوا يخططون لخفض الاستثمار، في حين كان 7% غير متأكدين.

وفي حين أن مزاج المستثمرين قد يكون أكثر صلابة منذ ظهور النتائج، إلا أنَّ المسح يظهر مع ذلك نظرة إيجابية بشكل عام في بيئة صعبة.

وانعكستْ نتائج المسح على العديد من قرارات الاستثمار رفيعة المستوى، منها ما قام به صندوق الثروة السيادي النروجي -أضخم صندوق ثروة سيادية في العالم- عندما اتخذ قرارا بالتخلص من 12 شركة تعمل في استكشاف النفط والغاز، في حين أعلن مدير الأصول الإيطالي Azimut عن خطط لجمع مليار يورو لصندوق البنية التحتية الاجتماعية للاستثمار في دور الرعاية والمدارس وسكن الطلاب.

وجاءت هذه التطورات بعد الأخبار في بداية العام بأن شركة بلاك روك، أكبر مدير للأصول في العالم، هدفت إلى زيادة 10 أضعاف في الاستثمارات المستدامة على مدى العقد المقبل.

وعلى الرَّغم من أن مزاج المستثمرين يبدو ثابتا على الأرجح، إلا أن "كوفيد 19" جلب مع ذلك بعض التحديات الفريدة للتأثير على الاستثمار. ففي المقام الأول، تسبب المناخ الاقتصادي في جعل بيئة التمويل أكثر صعوبة لرجال الأعمال ذوي التفكير الاجتماعي. ويهدد ذلك بتعقيد تنفيذ بعض المشاريع، لكن بعض المستثمرين المؤثرين يتطلعون بشكل متزايد إلى التعاون مع رجال الأعمال والصناديق ذات التفكير المماثل من أجل تبسيط الاستثمار وتسريعه بشكل أفضل.

وفي 12 مايو، أطلقت شبكة GIIN ائتلافًا استثماريًا، بهدف الجمع بين مختلف شبكات الاستثمار ذات التأثير لمواجهة التحديات الاجتماعية والاقتصادية واسعة النطاق لـ"كوفيد 19". وبحلول نهاية الشهر، أعرب 97 مستثمرًا -معظمهم من مديري الأصول والمؤسسات والشركات العائلية- عن اهتمامهم بالانضمام إلى التحالف.

وأعلن تحالف Covid-19 Investor Coalition، الذي يتألف من مجموعة تضم أكثر من 20 مستثمرًا بقيادة شركة رأس المال الاستثماري "فيليدج كابيتال Village Capital" الأمريكية، أنهم يتطلعون إلى استثمار 500000 دولار في مشاريع مختلفة خلال الأشهر القليلة المقبلة، في حين أن شركة "تيبينج بوينت" أعلنت عن إنشاء صندوق للاستثمار المؤثر، وهو جهد تعاوني آخر، في يوليو أنه سيقدم منحًا بقيمة 752000 دولار أمريكي لثماني مؤسسات تعمل في الاستثمار المؤثر.

وقالت أما جيامبو العضو المؤسس لشركة الاستثمار المؤثر في غانا -وهي هيئة يقودها القطاع الخاص في المجلس الاستشاري الوطني: "هذه لحظة تحفيز الاستثمار المؤثر وإثبات فائدته في أسوأ سيناريو نعاني منه". وأضافت "يتدخل المستثمرون المتأثرون في تمويل المجالات التي من المحتمل أن تحقق أكبر علامة على المدى الطويل في نمو الشركات الصغيرة والمتوسطة والاقتصاد الحقيقي والقطاعات الأساسية مثل التكنولوجيا والصحة والتعليم وتجارة التجزئة والخدمات اللوجستية والزراعة".

وقالت توكونبوه إسماعيل المؤسسة المشاركة والشريكة الإدارية في شركة الاستثمار النيجيرية أليثيا كابيتال، إن المشروعات ذات التركيز الاجتماعي أو البيئي يمكن أن تكون لها الأولوية في ضوء تفشي الوباء.

وعلى الرغم من أن معظم المستثمرين المؤثرين يتمركزون في أوروبا وأمريكا الشمالية، فإن استثماراتهم تلعب دورًا رئيسيًا في الاقتصادات النامية. وتقدر مؤسسة التمويل الدولية التابعة للبنك الدولي أن 30% من الصناديق ذات التأثير استثمرت في الأسواق الناشئة، مقارنة مع 20% من الصناديق التقليدية.

ومع ذلك، أشار مسح شبكة GIIN إلى أن جائحة الفيروس التاجي خلقت بعضا من عدم اليقين بشأن شهية المستثمرين لمخاطر الأسواق الناشئة. ومن بين الذين ردوا بأنهم كانوا يتطلعون إلى تقليل استثماراتهم نتيجة لفيروس كورونا (20% من المشاركين في الاستطلاع)، فإن الأغلبية الساحقة لديها أصول في البلدان الناشئة.

وفي ملاحظة أكثر إيجابية، كان 58% من جميع المشاركين في الاستطلاع يتطلعون إلى الاستثمار في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى في خضم كوفيد-19، وهو أعلى رقم على مستوى العالم، وجاءت أمريكا اللاتينية في المرتبة الثانية بنسبة 41%.

وقالت توكونبوه: "سنستمر في رؤية زيادة في الاستثمار لأن الفرص كثيرة ولا تزال البلدان الإفريقية بحاجة إلى التدفق. وبغض النظر عن الاقتصاد، يدرك الجميع الحاجة إلى استمرار ذلك، لا سيما في الدول التي كشف كوفيد-19 فيها عن ثغرات في الخدمات الاجتماعية والصحة والتعليم والبنية التحتية. فقد أزاح الفيروس الغمامة، وأظهر لنا أننا لم نستثمر ما يكفي، سواء بشكل علني أو خاص".

تعليق عبر الفيس بوك