وقفة مؤلمة

أحمد بن سعيد المرزوقي

تُوزن العقول ومدى ثقافة الفرد بمدى إيجابية تفاعله مع الأوضاع المحيطة، سواءً السلبي منها أو الإيجابي، ليس بمقدار ما جمعت في صفحات ملفك من شهادات، فكم رأينا من مُثقف عاث فساداً في مجتمعه، ضارباً بقرارات الحكومة عرض الحائط، وكم مِمَّن يعتبرهم البعض بأميي العلم أو أصحاب الشهادات الدنيا قدموا نماذج من تحمل المسؤولية وآثروا مصلحة الوطن والجماعة على مصلحتهم الذاتية من يُحب وطنه ويغار عليه يُؤلمه أن يقرأ خبراً في صحيفةٍ، أو يسمع تقريراً في قناة إخبارية أن بلاده ووطنه وأغلى ما ضم أحلامه وأحبابه يُصنف من الدول الموبؤة والدول التي يمنع السفر إليها بعد ما كانت حمامة السلام ويُشار لها بالبنان.

ليس الأمر مقتصرًا على ذلك، بل هو أكبر مما تتخيَّل؛ فالخوف ليس على تقريرٍ يُسجل ويُكتب أو مرتبةً تتراجع وتضعف، إنَّما على شعبٍ ينْهكُ ويفتِكُ بهِ الوباء كل فردٍ على أرض عمان كل صغير وكبير كل امرأة ورجل هم مسؤولون ومحاسبون عمن يتسببون لهم بالعدوى والمرض، ليس أهليكم فقط بل مجتمع بأكمله وازدهار بعامته وكينونة بمتسعها مسؤولون ومساءلون أمام الله بأنكم خالفتم مافيه صلاح الجماعة، وتساهلكم الذي تظنون أنه شيء لا يذكر، سيجلب الفشل لما تحاول الحكومة جاهدة لوضعِ حدٍّ له، راهنت على وعي الشعب وحقاً كشف الشعب من كان واعياً ومن كان لا يمُت للوعي بصلة، اعتبرتم الحجر كأنه حبس، وقد كان سلاماً لكم وللوطن، ورأيتم أن الخروج للتنزه وممارسة الهوايات وطلبات المطاعم والتسوق أمورًا أهم من وطننا بكثير.

الأغلب يتحدث بدور الناصح، لكن النصح لا يعنيه، ولا ينطبق عليه، وكأنه مستثنى من ذلك، وأنه في حصانة من الفيروس، وأنه لا بأس إن خرج قليلا، لكنك كنت دافعاً لغيرك، فأنت خرجت ولم تُصب فاتَّبعوك، وكنت ذا أثر وأيُّ أثر لا بأس حقاً، فقد كان الحرص والخوف تهويلٌ للوضع، وضعف إيمان وقلة توكل على الله، لا بأس حقاً، لأنك عندما قُدر لك أن تُصاب، قُلت "أعراضه خفيفة، ولا ضرر إن خرجت فهو فيروس ضعيف، ولن يضر"، كما يظنون لا بأس حقاً، فأنتم من يصنع للوطن مساره، وأنتم من يحفظ للوطن عافيته، وأنتم من يعوَّل عليكم الوطن درء الوباء عنه، ولكم القرار!

تعليق عبر الفيس بوك