"إندبندنت": الحكومة البريطانية تفشل في الاستفادة من دروس "كورونا"

ترجمة- رنا عبدالحكيم

انتقدت صحيفة ذي إندبندنت البريطانية، آلية تعامل الحكومة البريطانية مع أزمة فيروس كورونا، ساخرة من هذه الآلية بالقول إنها نجحت فقط في وضع بريطانيا ضمن أعلى الدول المُسجلة لوفيات ناجمة عن مرض "كوفيد-19".

وأوضحت أن رفض وزراء الحكومة البريطانية الاعتراف بأنَّه كان بالإمكان اتخاذ تدابير أو تنفيذ إجراءات تغير طبيعة المشهد في المملكة المتحدة، لن يسهم في تقديم الدروس المستفادة والتعلم من الأخطاء.

وفي مقال رأي للكاتبة سارة ولستون، ذكرت أن بريطانيا لم تكن في وضع يسمح لها باتباع إرشادات منظمة الصحة العالمية بشأن إجراء الفحوصات والتقصي الوبائي، وذلك لعدم توافر المعدات وعدم كفاية المرافق، بجانب أنَّ أنظمة الصحة العامة مجزأة وقليلة التمويل، وهذا يعني أنها ستغرق في المشاكل سريعًا.

وترى الكاتبة أن بريطانيا تأخرت في قرار الإغلاق العام، وعلى الرغم من كل الوعود والأهداف الطموحة، تسببت الإمدادات الضئيلة من معدات الحماية الشخصية في جعل موظفي الصحة والرعاية الاجتماعية عرضة للإصابة بالعدوى وزادت من خطر انتقال المرض بين المرضى الآخرين. وتمَّ تطبيق الحجر الصحي على القادمين من الخارج بعد أشهر، فيما لو كان تم تطبيقه في وقت مبكر لساعد ذلك في منع تغول الفيروس على جميع أنحاء المملكة المتحدة.

وكشفت أزمة الفيروس التاجي بوضوح عن عدم المساواة الصحية الموجودة مسبقًا، ما أثر بشكل غير متناسب على السود والآسيويين وغيرهم من الأقليات العرقية وكذلك المجموعات الصغيرة الأخرى.

وعددت كاتبة المقال تأثيرات كورونا على القطاعات، وقالت إنه بالنسبة لقطاع الشباب، ستكون الفجوة التعليمية عميقة ومن المُرجح أن يدفعوا تكلفة باهظة على المدى الطويل بسبب التداعيات الاقتصادية على التعليم، خاصة مع خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي في نهاية العام الجاري.

وترى أنه رغم ذلك يصر رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون على أنه "فخور" بأدائه. وحتى وقت كتابة هذا المقال، سجلت بريطانيا أكثر من 64000 حالة وفاة منذ بدء تفشي الوباء، ورقم أكبر مما كان متوقعًا عادةً استنادًا إلى المتوسط ​​على مدى خمس سنوات لنفس الفترة.

وانتقدت الكاتبة كذلك تقاعس الحكومة البريطانية عن حماية دور رعاية المسنين، وقالت إن إدعاءات الحكومة بأنها عززت مبكرا آليات حماية هذه الدور محض افتراء خاطئ.

وحذر رئيس هيئة الإحصاء في المملكة المتحدة السير ديفيد نورجروف، من أن الإحصائيات أصبحت غير مفهومة ولا معنى لها لأنه "يبدو أن الهدف هو إظهار أكبر عدد ممكن من الاختبارات حتى على حساب فهم ما يحدث".

وتوضح الكاتبة أنَّه حان الوقت لجميع مسؤولي الصحة العامة والمستشارين الذين يحيطون بالوزراء في جلسات الإفادة الصحفية اليومية، لمزيد من الوضوح والشفافية. فالبعض، مثل البروفيسور جوناثان فان تام نائب كبير الأطباء، وروث ماي كبيرة مسؤولي التمريض، تحدثوا صراحة عن الأزمة، لكن تمَّ إبعادهم عقابًا لهم.

وفي غياب الشفافية الحكومية أو الاستعداد لتعلم الدروس، ترى الكاتبة أن بريطانيا بحاجة ماسة إلى تحقيق سريع أو تشكيل لجنة برلمانية للتأكد من أنه يمكننا التعلم من الأخطاء ومنع موجة ثانية من انتشار الفيروس. وضربت أمثلة على لجان سابقة، مثل لجنة المعايير المصرفية، التي تم إنشاؤها لتوفير استجابة سريعة في أعقاب الأزمة المالية الأخيرة.

وأضافت أنَّه يمكن للجنة مماثلة من البرلمان (بغرفتيه اللوردات والعموم) أن تُعزز الجهود نحو رؤية واسعة للاستفادة من الأخطاء. ومن شأن هذه اللجنة أن توجه المشورة للبرلمان وتجري جلسات استماع مُعلنة مع عدد من اللجان المتخصصة وإسداء النصائح.

واختتمت الكاتبة المقال بالتأكيد على أنَّه لا أحد يشك في صعوبة موازنة التحديات الصحية والتعليمية والاقتصادية المُقبلة، لكن المشكلة تكمن في تنامي الشكوك حول استعداد الحكومة البريطانية أو على الأقل قدرتها على تعلم الدروس اللازمة لمُواجهة أي أزمة مستقبلية.

تعليق عبر الفيس بوك