لماذا نحب عُمان؟

 

د. أحمد أبوخلبة الحضري **

** طبيب يمني مُقيم بالسلطنة

بدأت كتابتي بتساؤل: لماذا نحب عُمان؟ سؤال يتبادر منه تساؤلات كثيرة، لماذا نحب عُمان؟ لماذا يكن المواطن اليمني والعربي بشكل عام احتراما وحبًّا متفردا لسلطنة عُمان؟

تساؤل لم تكن الإجابة عليه كتابة أو كلاماً بل واقعًا عشته شخصياً كمواطن يمني مقيم في هذا البلد المعطاء، كان انطباعي كأي يمني مقترن في عقله السلطنة بطيب أهلها وبساطتهم وكرمهم وهدوئهم وأخوتهم الصادقة، فعندما نقول سلطنة عُمان فإننا نعني عمان الإنسان، عُمان السلطان، عُمان البلد الضارب تاريخه في أعماق التأريخ.

منذ طفولتي نشأ لدي انطباع رائع عن السلطنة تدريجيًا، ربما حديث والدي لي في الثمانينات كان بداية قوية وإيجابية لتكوين ذلك الانطباع، كان والدي رحمة الله عليه من المحبين لدرجة كبيرة للسلطان قابوس رحمة الله عليه وسلطنة عُمان، فكان كلما ذكر اسم صاحب الجلالة المغفور له بإذن الله السلطان قابوس، يحدثنا بإسهاب عن سلطان عادل بنى نهضة وأسس ركائز دولة، حاكم وضع جل اهتمامه نمو وازدهار وعيشة كريمة للمواطن العُماني، كان دوما يحكي لنا عن عُمانيين التقى بهم في غربته في بلد عربي في السبعينات، وكيف عاد المواطن العماني المغترب إلى بلده وعاش حياة كريمة في ظل نهضة انطلقت وسارت بخطى حثيثة وعزيمة لا تلين، كان هذا الحديث دوماً يتردد على مسامعي منذ الطفولة، وبعدها وكما أشرت وعندما كتب لي الله أن أعيش في هذا البلد وتشرفت بالعمل كطبيب في السلطنة الحبيبة، وجدت شعبًا نموذجاً في التعامل الراقي والأخلاق الرفيعة، وجدت إخوة لنا بكل معاني الكلمة.

مرت الأيام وحلَّ ببلادي اليمن أزمات وحروب ومازالت، وظلت سلطنة عُمان هي الأخ الشقيق والسند لنا في الشدائد ولم يفرط مطلقاً في الجار، ولم نلمس من هذا البلد إلا الخير، ولم نجد من هذا البلد إلا النموذج الصادق لكل معاني الأخوة، لم تكن عُمان في يومٍ ما منحازة أو مؤيدة لطرف ضد آخر في كل الصراعات، بل ظلت على مر التأريخ هي شوكة الميزان التي يلجأ لها كل الأطراف لحل الخلافات، فعُمان بلد لا عداء له مع أحد، بلد لم يشارك أو يساند أو يؤيد سفك دم أحد مطلقاً وبشهادة الجميع فعُمان حمامة سلام على مر التأريخ.

وبعد كل هذا، يظل تساؤل لماذا نحب عُمان؟

بالطبع لنا أن نحب ونعشق هذا البلد ونتمنى له الخير ودوام الأمن والاستقرار، ولصاحب الجلالة السلطان المُعظَّم هيثم بن طارق بن تيمور -حفظه الله ورعاه- ، خير خلف لخير سلف، نسأل الله له دوام السداد والعون لمواصلة مسيرة العطاء والنَّهضة. في حديث لي مع صديق عُماني وتعمقنا في تفاصيل مبدأ الحياد الذي تنتهجه سلطنة عُمان، تمنيت أن يصبح هذا النهج مادة علمية تدرس في الجامعات لتتعلم الأجيال معنى الاعتدال والوسطية ومعنى السلام والحرية ولتعرف الأجيال القادمة، سواء في السلطنة أو خارجها، ذلك السُّلطان الحاكم العادل الذي أعطى بلاده كل حياته والذي ضرب لكل زعماء العالم أروع مثال في ترسيخ مبدأ السلام وفي تأسيس نهضة بلد أرضاً وإنسانًا.

فليحفظ الله هذا البلد ويُديم أمنه واستقراره.

تعليق عبر الفيس بوك