"جارديان": المناوشات العسكرية بين الهند والصين لن تفضي إلى حرب واسعة

ترجمة - رنا عبدالحكيم

تَسَاءلتْ صحيفة "ذا جارديان" البريطانية عمَّا إذا كانت العلاقة بين الصين والهند ستنتقل من مرحلة العلاقات التوافقية إلى العداء المستفحل، مشيرة إلى حادث مقتل عشرات الجنود الهنود في تبادل نادر لإطلاق النار بين الجانبين، على الحدود، وهي أول حادثة في نحو 45 عاما.

وخاضتْ الصين والهند حربًا على الحدود في العام 1962، واشتبكتا مرة أخرى في العام 1967، لكنهما أبدتا حرصا على تفادي نشوب حوادث من هذا النوع، والتي قد تفضي إلى نتائج مغايرة. وأسفرت الحادثة عن أول مواجهة بين قائدين قوميين يقودان دولا نووية، رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي والرئيس الصيني شي جين بينج. كما هددت الحادثة بتفجير محتمل للأوضاع؛ إذ لا تسمح أي من سياسات الزعيمين بمجال كبير ليبدو أحدهما ضعيفًا في قضايا السيادة الوطنية والسيطرة الإقليمية.

وفي يوم السبت، اتهمت الصين الهند بـ"الاستفزاز المتعمد"، وانتقدت مشروعاتها للبنية الأساسية في المنطقة الحدودية، رغم أنَّ المشروع يقع داخل المنطقة التي تسيطر عليها الهند.

وجاءتْ المعركة التي وقعت تحت سفح الجبل بعد حشد مستمر للقوات الصينية وزيادة في الدوريات، حول خط السيطرة الفعلية (LAC)، وهي الحدود الفعلية ومنطقة يدرك قادة البلدين أن التصعيد فيها ينطوي على مخاطر.

وقال أندرو سمول زميل في صندوق مارشال الألماني: "يبدو أن هذه دفعة أكثر تنسيقا بكثير من جانب الصين لتغيير الوضع الراهن". وحذر من أن المعلومات المنشورة حول المناطق الحدودية متابينة، ومعظمها من مصادر هندية تكملها صور الأقمار الصناعية، لكنَّه أكد الوجود الصيني المتزايد، وفقا لصور الأقمار الصناعية.

ومن غير المحتمل فيما يبدو أن يُخطط القادة لمعارك على حدود متنازع عليها؛ حيث شهدت مشاحنات خطيرة قبل شهر، ولا يبدو أن اشتباكا مثل ذلك تم دون موافقة ضمنية على الأقل من أعلى المستويات في كلا الدولتين.

ومع ذلك، ليس الوقت مناسبا بالنسبة لبكين لإثارة المشاكل مع جارتها الهند، نتيجة لانخراطها في عدة أزمات، بعدما تعرض اقتصادها للانهيار بسبب جائحة الفيروس التاجي، علاوة على تدهور علاقاتها مع الولايات المتحدة؛ حيث وصلت لأدنى مستوياتها منذ إعادة العلاقات الدبلوماسية في السبعينيات من القرن الماضي. كما تمر هونج كونج بمظاهرات ثورية، بعدما أثار فرض بكين لقانون أمني هناك غضبًا دوليًّا. وشنت السلطات الصينية حربًا تجارية مع أستراليا بسبب مطالبها بإجراء تحقيق في أصول "كوفيد 19"، كما تواصل المواجهة مع كندا بشأن تسليم مسؤول تنفيذي كبير يعمل في عملاق التكنولوجيا "هواوي".

ويعتقد بعض المحللين أن العدوان على الحدود الهندية رد من الصين على الضغوط المحلية؛ حيث بدا أنَّ الزعيم الصيني يتخبط بين الأزمة الاقتصادية وتوتر العلاقات مع الولايات المتحدة الشريك التجاري الأبرز للصين، بينما يريد إظهار قوته في قضايا السيادة الوطنية.

وقال تايلور فرافيل مدير برنامج الدراسات الأمنية في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا: "أشعر أن الأزمة بشكل عام رد فعل للضغط الذي يشعر به الرئيس الصيني". وأضاف: "بسبب "كوفيد 19" والانتقادات التي واجهتها الصين دوليًّا، والأزمة الاقتصادية في الداخل، وما يصاحب ذلك من تدهور العلاقات الصينية الأمريكية، اتخذت بكين موقفًا صارمًا بشأن عدد من قضايا السيادة كوسيلة للإشارة إلى أن الصين لا تخاف".

ويرى آخرون الحادثة على أنها عدوان أكثر انتهازية من حكومة الهند استبدلت خلال العقد الماضي، التركيز على الأولويات الاقتصادية والاستقرار العالمي في سياستها الخارجية بقومية عدوانية في الداخل. وتشير تصريحات مودي إلى أنه كان على استعداد لدفع ثمن سياسي لتجنب المزيد من التصعيد. وقال مودي -في بيان متلفز- إنَّ القوات الصينية لم تتسلل عبر حدود البلاد، رغم أنَّ ذلك يتعارض بشكل مباشر مع ما صرح به وزير الخارجية الهندي السابق.

وعلى الرغم من استبعاد أنَّ تكون للاحتجاجات في شوارع الهند والتهديدات بمقاطعة البضائع الصينية تأثير اقتصادي كبير، فضلا عن عدم وجود تهديد حقيقي بعمل عسكري، فإنَّه من المحتمل أن تكون بكين قد هونت من حجم الأضرار التي خلفتها هذه المناوشات.

تعليق عبر الفيس بوك