صندوق الرفد.. وغياب رواد الأعمال أثناء "كورونا"

أحمد بن بدر الرواس

إنَّ غياب رواد الأعمال بشتَّى أطيافهم في كلِّ المجالات التجارية أثناء أزمة "كورونا"، تساؤل يُثير الكثير من الدهشة وعلامات الاستغراب حول هذه المشاريع؟ أين ذهبت تلك المشاريع التجارية؟ أين المشاريع الصناعية والتجارية وغيرها من المشاريع الحيوية في الكثير من الأنشطة؟ هل ذهبت أدراج الرياح؟ أين روَّاد الأعمال ومشاريعهم التي ملأوا بها الصحف والمواقع الإلكترونية قبل أزمة "كورونا"؟ فلم يستطيع مشروع واحد الوقوف أو الصمود أمام إعصار "كوفيد 19" ولو يوما واحدا.

لقد سقطت ورقه التوت عن البُنى الأساسية للكثير من الدول الكبرى، والدول النامية ودول الخليج المنتجه للنفط والغاز كذلك، وذلك من خلال اعتماد معظمها على استيراد الصناعات الصينية بشتى المجالات، لقد كان هذا على المستوى الخارجي للأزمة. هل يا تُرى يُعِيد صندوق الرفد خططة الإستراتيجية ما بعد أزمه "كورونا"؟ ويُسهم بقوة في تنمية البنية الأساسية للدولة؛ من خلال تبني المشاريع القومية ذات الجدوى الحقيقية القادرة على العبور للعالمية، والصمود أثناء الأزمات.

لقد أماطت أزمه "كورونا" اللثام عن مدى هشاشة المشاريع والمجالات المدعومة من قبل صندوق الرفد بشكل خاص، وبانت نتائجها أثناء الحجر المنزلي، ولقد عايشنا أثناء أزمة كورونا مدى أهمية وجود شباب عُمانيين بمهن أساسية فى غاية الأهمية في المجتمع المحلي، خاصه نشاط المخابز والمطاعم ومحلات البقالة؛ وذلك للأمانة والنظافة التى يجب أن يتحلى بها العامل بهذه الأعمال والمهن أثناء أزمة "كورونا" تحديداً، والنظافة بشكل خاص اهتمت بها الشريعة الإسلامية اهتماماً عظيماً، سواء في الثوب أو البدن أو الجسد، وديننا الحنيف يهتم بالنظافة في كل الجوانب الحياتية قبل أن نعرفها من الإجراءات الإجبارية لفيروس كورونا المستجد من منظمة الصحة العالمية.

من هنا، لم نستطع الوصول لجهة آمنة للمحافظة على الوجبات بشكل يومي وصحي مثلما لمسناه من خلال المطاعم الشعبية بسهل أتين (المضابي)، فقد نجحت هذه المشاريع أثناء الأزمة نجاحا كبيراً. وكان الشاب العماني صاحب المطعم عينه على الزبون وعينه الأخرى على نظافة وسلامة الأكل، واتباعه الإجراءات الصحية ومراقبته للبس الكمامة والقفازات للأيدي للعاملة لديه؛ حيث كان الوافد تحت المجهر الحقيقي لرب العمل لحظة بلحظة، وفي كل شاردة وواردة.

وضرب الشاب العماني بهذه المهن أمثلة قوية للأمانة، وفي المحافظة على المجتمع في عدم نقل العدوى من خلال تطبيقه الشروط والمعايير الصحية أثناء الحجر المنزلي.. ونتمنَّى من كل الجهات -سواء صندوق الرفد أو بنك التنمية العماني- أن تُركز على هذه المهن؛ لأنها تُلامس صحة المواطن والأسرة التي بعضها يعتمد بشكل أساسي على الوجبات السريعة.

وسؤالنا: هل يرفد صندوق الرفد الدولة ويدخل مجالات أكثر جُرأة خاصة المجالات التي كانت عصب الحياة أثناء الحجر المنزلي؟ وهل من هذه المشاريع مشاريع بسيطة جدا وحيوية مثل المخابز والمطاعم الشعبية؟ فقد ظهر أثناء الأزمة مدى الحاجة الضرورية لرغيف العيش للأهميته الحيوية لكل أسرة وبيت.

ثبَت بالدليل الملموس أنَّ هذه المهن كانت تحت سيطرة الوافدين للأسف الشديد، فأين الشباب من هذه المشاريع الحيوية التي تُدر دخلا يصل لعدة آلاف من الريالات شهريا؟ لقد كانت هذه المهن الحيوية القومية خارج السرب، وغاب عنها مستشارو القوى العاملة وخبراء صندوق الرفد. وتفوَّق من هنا رواد الاعمال من الوافدين على رواد الأعمال العُمانيين من الشباب وغيرهم؛ من خلال اختيارهم المهن ذات الحاجة الأساسية للمجتمع وذات الربحية المادية العالية، واكتفى بعض رواد الأعمال العمانيين بمشاريع ثانوية ليست ذات قيمة حقيقية تتواكب مع حاجة المجتمع لها يوميًّا؟

... إنَّ المرحلة القادمة تتطلب من كلِّ مُؤسسات الدولة تمكينَ الشباب العماني من المشاريع الحيوية لديها في كل المجالات، وأن تُسهم مشاريع صندوق الرفد في النهضة المتجددة، وأن تكون سواعد الشباب هي من ترفع هذا الوطن عاليا تحت قيادة جلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم -حفظه الله ورعاه- وفتح المجال للشركات المتوسطة والصغرى للشباب للمنافسة ليس للسوق المحلي فقط بل للعالمية.

تعليق عبر الفيس بوك