السماح بالصلاة في الجوامع السلطانية

 

ناجي بن جمعة بن سالم البلوشي

مع بدء بعض دول المنطقة التخفيف على أبناء مجتمعاتها من القيود المفروضة عليهم منذ فترة زمنية ليست بقريبة، هذه القيود التي ساهمت كثيرًا في وقف وتيرة انتشار وباء كورونا (كوفيد-19) بينهم مما جعل تنفيذها والتقيد بها سلوكاً ذا إسهام واضح وملموس في إنقاذ الكثير من الناس من الموت المحقق كما إنها تمثلت في جوانب عدة في الحياة المجتمعية منها الدينية والاقتصادية والاجتماعية.

لكننا اليوم نجد أنفسنا أكثر سيطرة عن ما سبق من أحوال في المعرفة بالوباء والمرض وطرق انتقاله ومعالجة بعض جوانب انتقاله والاحتياط من طرق العدوى منه، هذه المعرفة تجسدت في وضع واعتماد الكثير من الإجراءات الاحترازية بيننا كلبس الكمامات الملزمة في كل الأماكن العامة وقياس درجات الحرارة في كل جهة معنية بالعمل والأعمال والتسوق والتبضع وقد تشمل الانتقال واستخدام وسائل النقل مستقبلاً مع البقاء على غسل اليدين بالماء والصابون والتعقيم بالمطهرات القاتلة للفيروسات، ولبس قفازات بلاستيكية أثناء اختيار المنتجات والتسوق وغيرها من أنواع الإجراءات الاحترازية الشخصية التي تجعل منَّا متعايشين مع المرض ومحترزين منه.

وحيث إنَّ الصلاة عبادة ووسيلة اتصال بين العبد وخالقه كما هي ركن من أركان الدين الإسلامي الحنيف مكلف كل مسلم بتأديتها في أوقاتها المفروضة في أي هيئة ومكان وموضع، وهي عند المُسلم في مجملها لا تختلف عن أي شيء في الحياة التي يعشيها في يومه فهي له الواجب وهي له الأسلوب وهي له السلوك وهي له الراحة وهي له الاطمئنان، يحتاج إليها في كل يوم ولحظة، كما أنَّه يحس بها وبجماليتها وروحانيتها إذا أدركها في جماعة أو بها خطبة كصلاة الجمعة والعيد، فهي ارتباط مجتمعي اجتماعي حالها كحال بقية الفروض الإسلامية التي لايوجد مثيل لها في طقوس ومعتقدات أناس غير المسلمين، ورغم حب المسلم وحرصه الدائم على إدراكها في جماعة أو بها خطبة توعوية تعلمه عن دينه كل ما هو مفيد له إلا أنَّ هذا لا يعني أنه سيُعارض الشرع الحنيف فيما اتخذه أهل المعرفة وولاة أمره في مجمل القرارات واللوازم التي لابد له منها في المحافظة على نفسه، لكن ربما هناك من الأسباب التي قد نرى فيها بوادر فوائد للجانبين دون الإخلال بميزان الصحة والفائدة المجتمعية الدينية هذه الأسباب التي نفكر فيها ستكون واضحة إذا قررنا دراسة إقامة الصلوات في الجوامع السلطانية على مشيِّدها رحمة من الله ورضوان.

فعند رؤيتنا للجوامع السلطانية التي شيدها السلطان الراحل قابوس بن سعيد- طيب الله ثراه- نجد أنها مؤهلة تاهيلاً كافياً فيما يتواجد اليوم بيننا من أسباب الإجراءات الاحترازية التي تقوم بها المنشآت الحكومية والخاصة فيما يعنى بأماكن العمل الجماعي وما بها من إجراءات احترازية، خاصة وأننا بدأنا في رفع القيود تدريجيا عن الكثير من الأنشطة الاقتصادية والاجتماعية ووضع الاشتراطات الصحية اللازمة لها، مما يوجد في أنفسنا شعورا وتعظيما خاصا لبيوت الله عز وجل وهو شعور لدى كل مسلم متأملا قول الحق تعالى (فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآَصَالِ) (36) النور.

لذلك هنا سنستعرض هذا التأهيل الكافي في تلك الجوامع لمثل تلك الإجراءات فتواجدها بكل ولاية تقريباً يعني بأن الصلاة ستقام في كل أنحاء السلطنة دون استثناء وهو ما نرجوه في رد الإحسان للمحسن، يعمل بها حراس على مدار الساعة تم تدريبهم على الأمن لفرضية الدخول والخروج والتقييد بالاشتراطات المعمول بها كالقيام بقياس درجات حرارة المصلين عند دخولهم، بها اتساع بالمساحة مما يساعد المصلين في التباعد مترين بين المصلين في صلاة الجماعة، تخطيط مكان صلاة كل فرد باستخدام مؤشرات شريطية بلاستيكية، تعقيم الجامع فور الانتهاء.

وإذا كانت هذه كلها أفكار قد تكون مناسبة لفتح تلك الجوامع وبدء الصلاة فيها غير أنها ليست ببعيدة عن أعين وقرارات المتخصصين الذين معهم من المعلومات والقرارات ما هو مُناسب لمثل هذه الظروف.

تعليق عبر الفيس بوك