دور المتاحف العمانية في ظل أزمة كورونا

 

ردينة بنت عامر الحجرية **

** مديرة متحف المدرسة السعيدية للتعليم

 

تزخر عُمان بحوالي 10 متاحف حكومية، و9 متاحف خاصة موزعة على مُختلف محافظات السلطنة على حسب إحصائية هذا العام 2020، ويزور هذه المتاحف أكثر من 367 ألف سائح سنويًا، بناءً على آخر إحصائية مسجلة لعام 2018، لما تتفرد به متاحفنا من تنوع في المعروض، وقيمة في الآثار واللقى والمخطوطات النادرة، ولما في هذه المتاحف من أهمية تاريخية عكست قدم الوجود العماني وترابط عُمان بالعديد من الدول والحضارات والشعوب حول العالم منذ الأزل.

وإذ تمر عُمان خلال هذا العام كبقية الدول بأزمة جائحة فيروس كورونا، والتي قادت العديد من الحكومات إلى اتخاذ إجراءات احترازية وسياسات تحد من انتشار الوباء بين مواطنيها، وعلى ذات الخطى سارت حكومة سلطنة عُمان مُمثلة في اللجنة العُليا المكلفة ببحث آلية التعامل مع التطورات الناتجة عن انتشار فيروس كورونا، حيث رسمت خطة أثبتت جدراتها في الحد من عدد الإصابات والوفيات، إلا أنَّ لتلك القرارات التي اتخذت سلبيات على العديد من المؤسسات الاقتصادية والثقافية والسياحية ومنها المتاحف التي اضطرت إلى إغلاق أبوابها أمام الزوار طيلة فترة الإغلاق الصحي التي لا يعلم حتى الآن موعد القضاء على الفيروس وإيجاد اللقاح المناسب له.

وفي هذا الصدد كان علينا وعلى المختصين بأمر المتاحف ألا نبقى مكتوفي الأيدي أمام هذه الجائحة وألا نُهمل رسالة المتاحف المبتغاة للمجتمع حتى لا تفقد تواصلها وقيمتها في المكون الحضاري الاجتماعي وذلك عن طريق العديد من المُقترحات والأفكار التي سأعرضها في النقاط التالية:

أولاً: تطبيق فكرة "متحفي في منزلي"، ومضمون هذه الفكرة هي أن يقوم القائمون على المتحف بتسجيل وتصوير المخطوطات أو القطع الأثرية الموجودة لديهم وتحويلها إلى مادة رقمية ثم عرضها بشكل جذاب في مواقع إلكترونية خاصة بهذه المتاحف، بحيث يكون هذا العرض كالمتحف المتنقل الذي يمكن للراغب أن يطلع عليه حيثما وجد سواء كان في المنزل أو العمل، كما سيكون مرجعًا ثرياً للباحثين وطالبي العلم.

ثانيا: التعريف بالمتاحف العمانية من خلال فيديوهات خاصة بكل متحف تبين تاريخه ومحتوياته، ثم تعرض هذه الفيديوهات في التلفزيون العُماني أو اليوتيوب وبقية وسائل التواصل الاجتماعي.

ثالثا: يمكن للمرشدين العاملين في المتاحف أن يكونوا أكثر نشاطًا في هذا الشأن وألا يكتفوا بعملهم الروتيني في قاعة المتحف؛ حيث يمكنهم الآن عبر خدمة الاتصال المُباشر التي توفرها برامج مثل (انستغرام) و(سناب شات) و(فيسبوك) أن ينقلوا مشاهد حية من تجوالهم في المتحف، حيث يقومون أثناء تجولهم بإرشاد وشرح لموجودات المتحف، والتفاعل مع متابعيهم بالرد على الأسئلة والاستفسارات، وفي هذا المُقترح أفكار حديثة وناجحة سوف أقوم بتفصيلها في مقال مستقل.

هذه بعض المقترحات المهمة التي يجب علينا أن ننتقل إلى العمل بها ليس من أجل مجابهة الإغلاق الناتج عن أزمة كورونا وإنما لأنَّ معظم المتاحف العالمية أصبحت تروج لآثارها وتسوقها وتوصلها للمجتمع العالمي عن طريق خدمات الاتصال الحديث، فهذه الأفكار التطويرية ليست علاجًا مؤقتًا وإنما هي غاية مصيرية علينا أن نستغل هذه المحنة لكي نؤقلم أنفسنا عليها.

تعليق عبر الفيس بوك