فرحة العيد غير مكتملة

 

د. خالد بن علي الخوالدي

Khalid1330@hotmail.com

 

عيد الفطر السعيد هذا العام 1441هـ جاء في زمن استثنائي (كورونا..كوفيد 19) والعيد فرحة وسعادة وشعيرة عظيمة تأتي بعد شهر من الصيام، والفرحة والسعادة في هذا العيد بالذات لا نستطيع أن نجزم بها فهي نسبية بين طوائف المجتمع ولكن ما نستطيع أن نجزم به بأنّها ناقصة وغير مكتملة.

ففي هذا العيد فقدنا أرواحا غالية علينا كانت موجودة معنا في الأعياد الماضية وغيابها مؤثر ومؤسف؛ ولكن الفقد الأكبر في عموم المجتمع العماني هي فقدان أبي الجميع والقائد الملهم الذي تربينا في مدرسته وتعلمنا في كنف أخلاقه العالية هو أعز الرجال وأنقاهم كما وصفه حضرة جلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم -حفظه الله ورعاه- وهو المؤسس الحقيقي لمجد وتاريخ عمان الحديث حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم- طيب الله ثراه- فكانت فرحة العيد ناقصة وغير مكتملة بفقدانه.

حاولنا قدر الإمكان أن نتقمّص السعادة ونحن نحتفل بعيد الفطر المبارك هذا العام حسب ما هو متاح من وسائل وطرق وإمكانيات إلا أنّ هذه السعادة والفرحة جاءت ناقصة وغير مكتملة، صلينا صلاة العيد في منازلنا مع العائلة الصغيرة ورفضنا كل المحاولات لتجمع العائلة الكبيرة لصلاة العيد في منزل أحد الإخوة تنفيذا للتعليمات والقرارات التي رأيناها فرضا ملزما علينا واضعين نصب أعيننا قوله تعالي (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَٰلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا). ونحسب أننا أطعنا الله ورسوله في صوم شهر رمضان وتعظيم شعيرة العيد من خلال تأدية صلاة العيد وطاعة ولي الأمر بعدم التجمع ولكن قلوبنا تاقت إلى صلاة العيد في مصلى العيد ومع جماعة المصلين من الأرحام والأصحاب والخلان والجيران ومع يصاحب ذلك من روح المحبة والصفاء والنقاء وتصافح القلوب قبل الأيادي في لحظات لا توصف من الحميمية والإخاء والمودة والمحبة، لذا كانت الفرحة ناقصة وغير مكتملة في هذا العيد.

حاولنا التواصل مع أرحامنا بغير الطرق التقليدية فعمدنا إلى وسائل الاتصال الحديثة من البرامج التي تجمع عددا أكبر من الأشخاص تنفيذا للتعليمات والقرارات إلا أنّ هذه الوسائل لم تغنِنا عن شوفة أحبابنا وإخواننا لذا كانت الفرحة ناقصة وغير مكتملة، حاولنا أن نمارس العادات والتقاليد العمانية الأصيلة والمترسخة لدينا في أيام العيد فذبحنا وعملنا العرسيّة (العرسي) وجهزنا اللحم للتنور والمشاكيك طبعا في المنازل دون تجمع ودون أن يكون الدفن في التنور الكبير الخاص بالعائلة الكبيرة والجيران، وألبسنا الأطفال ملابس جديدة وعيدناهم بالعيدية ولكن الفرحة والسعادة لم تكتمل وكانت ناقصة في قلوبهم وعلى وجوههم، فلا أجدادهم ولا أعمامهم وأخوالهم وأولادهم موجودون كالعادة في لمة واحدة وبابتسامة واحدة وبقلب واحد، ولا التنور والمشاكيك لها طعم كطعمها ونحن نجهزها مع بعض ونضفي عليها سوالفنا وضحكنا مع بهارات من المقالب الخفيفة والروح المرحة.

وها هي أيام العيد تنقضي ولا يتغيّر في الأمر شيء، ملتزمين في منازلنا ومستمعين للتعليمات والقرارات التي تصدر من اللجنة العليا الموكل إليها متابعة تطورات انتشار فيروس كورونا (كوفيد 19) وهنا نود أن نشيد بجهود اللجنة وبالطواقم الطبية التي كانت تعمل وتواصل الليل بالنهار في متابعة حثيثة وصادقة للمرضى في المستشفيات، كما نشيد بدور شرطة عمان السلطانية وبجهود الأجهزة الأمنية والعسكرية التي كانت تعمل من أجل تطبيق القانون وتنفيذ قرارات اللجنة العليا، ولا نجد نحن الملتزمين أي مبرر ومسوغ لأولئك الذين يضربون بهذه التعليمات عرض الحائط ونحمله المسؤولية كاملة في زيادة الإصابات والوفيات بسبب فيروس كورونا، وسنظل ملتزمين إن شاء الله بالتعليمات حتى لو كانت الفرحة والسعادة ناقصة وغير مكتملة، ودمتم ودامت عمان بخير.