ترجمة - رنا عبدالحكيم
يواجه الاتحاد الأوروبي الأزمات تلو الأخرى، فبعد معضلة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي تفاقمت أزمة الديون، ومن ثم جائحة فيروس كورونا، الأمر الذي يهدد بقاء هذا التكتل الذي يمثل ثالث أكبر اقتصاد في العالم.
وتكافح الكتلة المكونة من 27 دولة من أجل حشد استجابة موحدة لأعمق ركود منذ قرن تقريبًا أطلقته أزمة الفيروس التاجي. وعادت الانقسامات القديمة إلى الظهور، وتهدد تركات الأزمات السابقة بتفكيكها. وفي حين أن هذه ليست المرة الأولى التي يواجه فيها الاتحاد الأوروبي تهديدًا وجوديًا، تقول المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل أنّ أياً منها لم يكن بنفس خطورة هذا التهديد. وطرح تقرير نشرته وكالة بلومبرج عددا من الأسئلة حول هذا التهديد.
1. لماذا التهديد كبير للغاية هذه المرة؟
بعد أن توقعت أكبر انخفاض في الناتج الإقليمي منذ الحرب العالمية الثانية، حذرت المفوضية الأوروبية من أن التفاوت في الانكماشات والتعافي من بلد إلى آخر سيعرض للخطر بقاء منطقة اليورو. وكتلة العملة المشتركة، التي تضم 19 دولة، هي في صميم مشروع التوحيد الأوروبي، لكنها تفتقر إلى العديد من الأدوات التي يمكن للاقتصادات العادية نشرها. ولا توجد خزينة مشتركة لتوجيه الأموال حيثما تكون هناك حاجة إليها، وحتى الآن، لا يوجد اتفاق يذكر على مقترحات لمساعدة الدول الأكثر فقراً. ويطلب أعضاء الجنوب الأقل ثراء دعمًا ماليًا أكبر من أقرانهم الأكثر ثراءً ولكن بدون شروط مرتبطة عادةً. وتقاوم الدول الأكثر ثراء، التي طالما اعتبرت نفسها مطالبة بأن تمول الجنوبيين المسرفين.
2. ماذا يهز الوحدة الأوروبية؟
اعترضت المحكمة الدستورية في ألمانيا في أوائل مايو على شرعية برنامج مشتريات السندات السيادية للبنك المركزي الأوروبي، مما قد يحد من قوة البنك النارية في المستقبل. ومن المحتمل أن يكون الحكم أكثر ضررًا، ويتحدى الحكم سلطة محكمة العدل الأوروبية باعتبارها الحكم النهائي في الكتلة. قد يؤدي رفض المحكمة الألمانية لقرار محكمة العدل الأوروبية إلى تشجيع الآخرين على طرح التحديات، بما في ذلك الحكومات غير الليبرالية في أوروبا الشرقية التي سعت إلى قلب المبادئ الأساسية لحكم القانون والضوابط والتوازنات في الاتحاد الأوروبي. وبالتالي فإن القرار الألماني يثير مخاطر على النظام القانوني بأكمله في الاتحاد الأوروبي ولأول مرة يطرح سؤالًا أساسيًا: إذا لم يكن لقانون الاتحاد الأوروبي الأسبقية على القانون الوطني، فكيف يمكن لسوق واحدة وعملة واحدة تمتد إلى ما وراء حدود الحدود الوطنية؟
3.أليس الاتحاد الأوروبي دائمًا في أزمة؟
في العقد الماضي وحده، أدت أزمة الديون السيادية تقريبًا إلى تفكك العملة الموحدة. وجدت موجة الهجرة في عام 2015 أن الاتحاد الأوروبي غير مستعد بنفس القدر، حيث أدى وصول اللاجئين الذين يبلغ عددهم حوالي 0.2% من سكان الكتلة إلى حالة من الذعر في الحكومات. وبعد عام، فاجأت المملكة المتحدة العالم بالتصويت لمغادرة الكتلة، في حين ساهمت زيادة الدعم للقادة الشعبويين في جميع أنحاء القارة في طرح نبوءات جديدة حول الأزمات. لكن الاتحاد الأوروبي نجح في النجاة من كل ضربة وخرج مصابا بكدمات وحسب.
4. هل هناك خيط مشترك للتحديات؟
نعم، في كلمة واحدة، وهي السيادة. إذ تجيب الحكومات الوطنية على ناخبيها وتحتاج إلى التقيد بالدساتير والبرلمانات والإجراءات الوطنية، الأمر الذي يقوض في جوهره الجهود المبذولة لاتخاذ قرارات استراتيجية حول الكتلة ككل. وفي أواخر فبراير، مثلما بدأ الفيروس التاجي في إحداث الخراب بجميع أنحاء الاتحاد الأوروبي، أمضى قادته 28 ساعة في المشاحنات حول أجزاء من نقطة مئوية من الميزانية الصغيرة نسبيًا للكتلة. وبسبب هذا التقسيم والحاجة إلى الإجماع أو الأغلبية الكبيرة، تتخذ القرارات عادة على أساس إيجاد القاسم المشترك الأدنى. باختصار، فإن الاتحاد الأوروبي لا يصلح للتعامل مع الأزمات الملحة والمعقدة.
5. ما مدى سوء الأمور هذه المرة؟
الأمور سيئة بما يكفي لميركل والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، وتظهر التجربة السابقة أن قادة الاتحاد الأوروبي سيفعلون ما يكفي لإنقاذ الوضع وتجنب الأسوأ. لطالما قلل من الإرادة السياسية للمؤسسة الأوروبية للحفاظ عليها معًا، ولكن القيام بما يكفي فقط لتجنب الانفجار الداخلي، وبعد استنفاد جميع الخيارات الأخرى، فقد لا تكون الاستراتيجية قابلة للتطبيق على المدى الطويل. وتقلصت حصة الاتحاد الأوروبي في الناتج الاقتصادي العالمي، ولم تتمكن الكتلة من إظهار عضلات السياسة الخارجية، وتبدو مضغوطة بشكل متزايد بين الولايات المتحدة والصين. ويحذر مراقبون من أنه إذا استمر قادة الكتلة في الدفاع عن المصالح الصغيرة، فقد ينتهي الأمر بالاتحاد الأوروبي إلى تفككه أكثر من أي وقت مضى.