نكون أو لا نكون!

مدرين المكتومية

بتنا نعيش في عالم مُتغير كل لحظةٍ، ليس فقط من حيث التطور التقني والمعرفي والنمو السكاني وغيرها من المُتغيرات، لكن أيضًا من ناحية الأوضاع الاقتصادية والصحية من حولنا في ظل تفشي جائحة كورونا "كوفيد-19"؛ إذ فرض علينا هذا الفيروس التاجي التغيير في كل شيء، ومن هنا وجب علينا أن نقود هذا التغيير الذي أصبح مطلباً أساسيًا، وواقعاً ملموسًا.

فالحياة التي اعتدنا عليها لم تعُد كما نعتقد، ولن نعيش كما كنَّا نحيا في أوقات سابقة، وتحديداً قبل يناير الماضي، عندما تفشى كورونا، وإنما كل شيء في ظل الوضع الراهن سيفرض علينا التغيير في مختلف مجالات الحياة، فنحن أمام مرحلة يجب أن نستعد لها أتمَّ الاستعداد، علينا أن نكون قادرين على استيعابها كمرحلة جديدة، وليس فقط باعتبارها فترة انتقالية، وهذا لن يتأتى سوى بالتعاون والتكاتف، فكل شيء اعتدنا عليه أصبح الآن قابلاً للتغيير إذ بات حتميًا أن يتغير، فالأمر ليس اختياريًا كما يظن البعض، بقدر أنَّه أصبح ضرورة مُلحة لا مفر منها.

كل مناحي الحياة ستتطلب إعادة نظر، فمنظمومة العمل ستتغير بشكل كامل للاستفادة مما ستتيحه لنا التكنولوجيا عبر الإنترنت، ولذا يجب إعادة النظر في أهمية توفير شبكة إنترنت قوية وفعَّالة في مختلف محافظات وولايات السلطنة، وتقنية الألياف البصرية "أوبتيك فايبرز" تفتح باباً واسعًا لسرعة هائلة في الشبكة العنكبوتية.

ولأننا أمام "كوفيد 19" وهو تحد نجهله، فنحن- كما يُقال- لا نخاف إلا من شيئين في الحياة، غموض مرض لا نعرفه، وغموض شخص نعرفه، لذلك ولأننا نعيش تحت وطأة فيروس لم نجد له حتى الآن أي وسيلة للعلاج، فعلينا أن ندرك أهمية أن تمضي الحياة دون توقف، فمثلاً منظومة التعليم يجب أن تتغير بالكامل، وأن يُصبح التعليم وخاصة الجامعي عن طريق الإنترنت، فلا أحد يُريد للطالب أن يتعطل عن دراسته وحتى المعلم لا يجب أن يتوقف عن أداء واجباته، وبالتالي يجب العمل والإسرع على تعميم هذه العملية التعليمية لكافة العاملين في الحقل التعليمي، مع البحث في كيفية منح الطلاب في الصفوف الصغيرة (حتى الصف الحادي عشر على الأقل) ذات المهارات الاجتماعية والنفسية والعلمية التي لن يكتسبها إلا من خلال بيئة تعلم نشطة وفعالة.

وهنا يجب أن أشير كذلك إلى أهمية العمل عن بعد في ظل أي ظرف من الظروف، وها قد حانت اللحظة التي يجب أن نبدأ من خلالها تغيير الكثير من مفاهيم العمل والتعلم، بحيث إن التحول الإلكتروني الذي كانت تناشده الكثير من المؤسسات الحكومية والخاصة، حان الوقت المُناسب ليتم تطبقه بشكل كامل، وخاصة في البنوك وغيرها من المؤسسات الخدمية التي تحتاج لزيارات متكررة، الأمر الذي سيوفر الكثير من الوقت والجهد ويمنحك السرعة والشفافية ويُخفف من التكلفة.

وعلينا العمل على الاستفادة من التطبيقات الإلكترونية المتاحة والتي يُمكن من خلالها تذليل الصعاب، ومن الممكن أن نجد أنفسنا أمام تطبيق ناجح فعلاً مثل برنامج "زووم" أو مايكروسوفت تيمز أو تطبيقات جوجل للاجتماعات عن بعد، وغيرها الكثير مما هو متاح الآن، ومما سيكون متاحًا خلال الفترة المُقبلة. إننا في مرحلة مفصلية، ستتغير فيها الكثير من المفاهيم والكثير من الأدوات والوسائل التي يفرضها علينا التقدم التكنولوجي والانفجار المعرفي خاصة في ظل الأزمات، ولا سبيل سوى أن نُواكب التطور ونأخذ بأسباب العصر ونتقدم مع الآخرين، حتى لا يفوتنا القطار.