انتعاش النفط قد يستغرق عقودا وليس سنوات.. و2021 تشهد عودة الطلب لما قبل "كورونا"

ترجمة - رنا عبدالحكيم

توقَّع تقريرٌ لوكالة بلومبرج الإخبارية أنْ يستغرقَ انتعاشُ سوق النفط عقودا وليس سنوات؛ وذلك بسبب ضبابية المشهد التي تُحيط بأزمة "كوفيد 19"، والتي تسبَّبت في خلق وضع جديد عالميًّا، خاصة في سوق النفط.

ويرَى التقرير -الذي أعدَّه الخبيرُ النفطيُّ بالوكالة جوليان لي- أنَّه من المرجح أن يكون وضع سوق النفط أقل مما كان عليه في العام 2019، ويمكن أن يكون الأمر كذلك لسنوات عديدة، الأمر الذي سيتسبب في زيادة المعروض النفطي في جميع أنحاء سلسلة إمداد النفط، ويضغط بدوره على الأسعار هبوطا.

وفي حين تظهر إشارات تدل على أنَّ العالم تجاوز أسوأ تراجع تاريخي في الطلب على النفط، إلا أنها تظل إشارات "مؤقتة للغاية". فلا أحد يتوقع انتعاشًا سريعًا لمرحلة ما قبل الوباء، ويقترح البعض، بما في ذلك الرئيس التنفيذي لشركة رويال داتش شل بن فان بوردن، أنَّ الطلب على النفط قد لا يتعافى بشكل كامل أبدًا.

ولا يرى محللو سيتي جروب نموًّا في استهلاك وقود الطائرات مرة أخرى عند مستوى العام الماضي، إلا بعد عام 2022، رغم أن سيتي جروب من الأطراف المتفائلة في هذه الأزمة. ويقترح الرئيس التنفيذي لشركة بوينج المتخصصة في صناعة الطائرات أن حركة الركاب قد لا تعود إلى مستويات 2019 لمدة 3 سنوات، وحتى عندما تعود، ستستخدم شركات الطيران طائراتها الجديدة والأكثر كفاءة في استهلاك الوقود.

وسجل انخفاض الاستهلاك العالمي من النفط في أبريل ليصل إلى 35 مليون برميل في اليوم، وتقدر التوقعات أن استهلاك النفط في 2020 سيكون أقل بنحو 10 ملايين برميل في اليوم (أو 10%) عما كان عليه في 2019.

بالتأكيد، سيعود الكثير منا إلى أساليب حياتنا قبل كوفيد 19 بأسرع ما يمكن، لكن البعض الآخر سيتخلى عن التنقل اليومي لصالح العمل من المنزل في كثير من الأحيان. وبعد أشهر من المؤتمرات الناجحة عبر الهاتف، قد تخضع رحلات العمل التي ساعدت على إبقاء الطائرات مليئة بالمسافرين ذوي الأجور المرتفعة، لمزيد من التدقيق والمراجعة. وقد تؤدي هذه التغييرات إلى زيادة استخدام الكهرباء في الوقت الذي يضعف فيه الطلب على الوقود، لكن ذلك لن يقدم الكثير لمساعدة صناعة النفط، التي تكافح بشكل متزايد للسيطرة على ما تبقى من قطاع توليد الطاقة.

وحتى قبل حدوث الوباء، كانت التطلعات تتجه نحو عالم يتركز فيه نمو الطلب على النفط بشكل متزايد في المواد البلاستيكية، بدلاً من الوقود. وكان هذا بالفعل يزيد من قتامة توقعات النمو في المصافي بأوروبا وأمريكا الشمالية، والتي كانت تواجه أيضًا منافسة متزايدة من المصانع الجديدة في الشرق الأوسط وآسيا، وهي أكثر كفاءة ووقعت صفقات لإمدادات النفط على المدى الطويل. والانخفاض المتواصل في الطلب سيجعل هذه المنافسة أكثر صلابة فقط، حيث يبحث المزيد من المصانع عن أسواق لمنتجاتها الزائدة.

وقد تواجه صناعات الشق العلوي من النفط- الجزء المعني ببحث النفط الخام وإخراجه من الأرض- مشكلات أقل. ويتراجع إنتاج حقول النفط بشكل طبيعي بمجرد تشغيلها، مما يتطلب من المنتجين تصحيح أوضاع الإنتاج، ولا يوجد مكان أكثر وضوحًا لتصحيح أوضاعه غير النفط الصخري الأمريكي.

لكنَّ الطفرة الصخرية الثانية في الولايات المتحدة كانت مدفوعة -من بين أمور أخرى- بعدة سنوات من النمو القوي في الطلب العالمي على النفط. وقد أدى ذلك إلى ضخ معظم منتجي النفط في العالم (بما في ذلك جميع دول منظمة "أوبك" تقريبًا) الإنتاج بأقصى طاقتهم؛ الأمر ساعد على إبقاء أسعار النفط عند حوالي 50 دولارًا للبرميل.

لكنَّ هؤلاء المنتجين في أوبك يخفضون الإنتاج الآن بأكثر من 20%، والدول غير الأعضاء في أوبك تشهد انخفاضا في إنتاجها بنسب مماثلة. صحيح أن بعض الآبار التي يتم إغلاقها لن يتم إعادة فتحها أبدًا، غير أن معظمها سينتظر رؤية فرصة لاستئناف العمل. وسيضع هذا الفائض من الطاقة الإنتاجية حدًّا أقصى لأسعار النفط، تمامًا كما حدث خلال حقبة التسعينيات من القرن الماضي.

وفي كل مرة ترتفع فيها أسعار النفط، يندفع المنتجون لاستخدام قدراتهم الخاملة، مما يقوض الانتعاش، فمثلا بعد هبوط أسعار النفط في منتصف الثمانينيات، استغرق الأمر عقدين حتى تعود الأسعار إلى مستوياتها السابقة، لكن هذه المرة يمكن أن يكون الانتظار أطول.

تعليق عبر الفيس بوك