السفيرة الصينية تكتب: الوباء سينتهي.. والربيع حتمًا قادم

لي لينج بينج *

* سفيرة جمهورية الصين الشعبية المعتمدة لدى السلطنة

 

◄ جلالة السلطان والحكومة العُمانية بذلا جهودا كبيرة في مكافحة "كورونا"

◄ عُمان تتصدر دول المنطقة من حيث معدل الشفاء بفضل الجهود الجبارة للمؤسسات المعنية

◄ نؤكِّد عُمق علاقات الشراكة والتعاون بين السلطنة والصين

◄ نبجِّل ونحترم تضحيات الشعب العُماني لمجابهة هذا الوباء

◄ "كورونا" أخطر حدث طارئ على الصحة العامة في العالم

◄ الصين اتخذت تدابير وقائية أكثر شمولا وصرامة ودقة

◄ ننشر كافة المعلومات المتعلقة بالفيروس منذ البداية بكل شفافية ووضوح

 

يعدُّ الالتهاب الرئوي الناتج عن فيروس "كورونا" أكبرَ وأخطرَ حدث طارئ للصحة العامة منذ تأسيس جهورية الصين الشعبية؛ حيث انتشرَ على أسرعِ وجهٍ وتسبَّب في إصابات أكثر، وكان من أصعب الحالات احتواءً.

ومن أجل مكافحة الفيروس والوقاية منه بأسرع وقتٍ مُمكن، اتخذّت الحكومة الصينية تحت القيادة المباشرة من الرئيس الصيني شي جين بينج، تدابير وقائية أكثر شمولا وصرامة ودقة؛ حيث تكافل وتضامن الشعب الصيني -المؤلف من مليار و400 مليون نسمة- معًا، ودفعوا ثمنا باهظا، وقدموا تضحيات ضخمة في المعركة الشرسة ضد الوباء. وبفضل الجهود المشتركة التي بذلها جميع أبناء الشعب الصيني، يتحسَّن الوضع الوبائي في الصين باطراد؛ حيث بلغ عدد حالات الشفاء 77610 حالات من بين 82862 إصابة مؤكدة في أنحاء البلاد؛ مما يعني أن عدد المصابين المتبقين يبلغ 619 حالة فقط في الوقت الحالي. وفي يوم 8 أبريل، تمَّ رفع قيود السفر عن مدينة ووهان الصينية التي تعتبرُ بؤرةَ انتشار الوباء؛ لذا يُمكن القول إنَّ الصين قد خرجت من أصعب مرحلة لمكافحة هذه الكارثة.

الآن.. أصبحتْ مُكافحة تفشي فيروس كورونا أهمَّ مهمة وأخطر تحدٍّ لحكومات البلدان المختلفة مع انتشار هذا الفيروس بسرعة في أنحاء العالم.. وهذا الفيروس لا يعرف الحدود الدولية، ولا يفرقُ بين الأجناس والأعراق؛ فلا يُمكن للمجتمع الدولي أن يتغلَّب على الوباء ويحمِي الموطن المشترك للبشرية إلا بالتضامن والتكافل. لقد ظلَّت الصين تلتزمُ ببناء مجتمع المصير المشترك للبشرية، وتنشر في وقته أحدث المعلومات عن وضع فيروس "كوفيد 19" بكل شفافية ومسؤولية، كما تبادلتْ خبراتها في مكافحة المرض وعلاجه الطبي، وعززت التعاون في البحث العلمي مع منظمة الصحة العالمية والمجتمع الدولي دون أي تحفُّظ.

وابتداءً من يوم 3 يناير عام 2020م، بدأتْ الصين بانتظام في إبلاغ منظمة الصحة العالمية والدول والمناطق المعنية؛ بما فيها الولايات المتحدة الأمريكية، المعلومات عن وضع فيروس "كوفيد 19". وفي يوم 7 يناير الماضي، نجحت الصين في عزل أول سلالة لفيروس كورونا المستجد. وفي يوم 10 يناير، تم اختراع كاشف الاختبار الابتدائي. وفي يوم 12 يناير، تم تقديم معلومات تسلسل الجينوم لفيروس كورونا المستجد إلى منظمة الصحة العالمية ونشرها أيضا في المبادرة العالمية لمشاركة جميع بيانات الإنفلونزا (GISAID) وتقاسمها عالميًّا. ومنذ يوم 21 يناير، بدأت الحكومة الصينية تحديث المعلومات الوبائية لليوم السابق على أساس يومي. وأصدرتْ اللجنة الوطنية الصينية للصحة النسختين السادسة والسابعة من "دليل الوقاية من الالتهاب الرئوي الناجم عن فيروس كورونا المستجد"، كما أقامت العديد من المؤتمرات عبر تقنية الفيديو مع خبراء الصحة مع الدول الـ17 لأوروبا الشرقية والدول الإفريقية ودول منطقة الشرق الأوسط على التوالي؛ وذلك لتبادل الخبرات والمعلومات حول مكافحة الوباء في الوقت المناسب. وتحظى الممارسات الصينية سالفة الذكر بتقدير عالٍ واعتراف واسع النطاق من قبل المجتمع الدولي.

أمَّا في سلطنة عُمان، فإننا نعبِّر عن كامل التقدير لجهود الحكومة الكبيرة المبذولة من أجل مكافحة الوباء؛ فمنذ بداية انتشار الوباء، أولتْ حكومة السلطنة اهتمامًا بالغًا بهذا الأمر، وتحت القيادة الحكيمة لحضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم -حفظه الله ورعاه- وبالتخطيط الشامل للجنة العليا المكلفة ببحث آلية التعامل مع التطورات الناتجة عن انتشار فيروس كورونا (كوفيد 19)، كما عملت وزارة الداخلية ووزارة الصحة ووزارة الخارجية ووزارة التجارة والصناعة وشرطة عُمان السلطانية وقوات السلطان المسلحة... وغيرها من الجهات المعنية على تعزيز التنسيق والتعاون فيما بينها، واتخاذ سلسلة من الإجراءات الاحترازية الصارمة والفعالة لاحتواء انتشار الوباء، كما تبرَّع جلالة السلطان شخصيًّا بمبلغ كبير لدعم الجهود الوطنية لمجابهة الفيروس. إننا نرى أنَّه حتى الآن تتصدر سلطنة عُمان عددا من المؤشرات؛ مثل: معدل الشفاء بين دول المنطقة، وهذا الفضل يعود للجهود الجبارة والمضطردة التي بذلتها حكومة جلالته حفاظا على صحة المواطنين والمقيمين؛ مما يعكس التقاليد المتميزة المتّسمة بالسلام والاستقرار والشمول، والتي تلتزم بها سلطنة عُمان على المدى الطويل.. ومن هنا يقدم الجانب الصيني تقديرا عاليا لها.

إنَّ الصين وعُمان صديقان حميمان منذ القدم، وأيضا شريكان إستراتيجيان يتعاونان مع بعضهما البعض بشكل وثيق. ولدينا نفس الشعور بالتضحيات التي قدَّمها الشعب العُماني لمجابهة هذا الوباء، وندعم سلسلة الإجراءات الوقائية الفعالة التي اعتمدتها الحكومة العُمانية.

لقد حافظتْ السفارة الصينية بمسقط على التواصل والتنسيق الوثيق مع وزارتيْ الصحة والخارجية وغيرهما من الجهات العُمانية المعنية بشأن الوقاية من الوباء ومكافحته، وتقاسمتْ معها أنواعا مختلفة من معطيات وبيانات الوقاية والمكافحة في وقت مبكر، كما تعمل السفارة على مساعدة وزارة الصحة ووزارة الدفاع والجمعية الطبية العُمانية والجهات الأخرى في شراء مواد الوقاية من الأوبئة من الصين. وإضافة لذلك، فإن الشركات الصينية والجالية الصينية في عُمان تشارك الشعب العُماني في مكافحة هذه الجائحة، وتقدم دعما فعالا إلى "وطنهم الثاني"، بما في ذلك التبرع بأجهزة الأشعة تحت الحمراء لقياس درجة الحرارة إلى مطار مسقط الدولي، والتبرع بكواشف اختبار الحمض النووي، وتقديم الدعم المالي إلى وزارة الصحة. وستتبرع الشركات الصينية بالمواد الطبية إلى هيئة المنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم.

وفي يوم 10 أبريل، ونيابة عن الحكومة الصينية، سلّمتُ 100 ألف كمامة طبية تبرَّع بها الجانب الصيني كدفعة أولى من الدعم المقدم إلى وزارة الصحة العُمانية. ويعكس كل هذا علاقات التعاون الوثيق بين البلدين والصداقة العميقة بين الشعبين الصيني العُماني.

وفي المستقبل، سنعمل على توظيف آليات التعاون القائمة بشكل كامل لمواصلة التنسيق والتعاون الوثيقين مع الجانب العُماني وتقديم الدعم والمساعدة بصورة أكبر قدر استطاعتنا لمكافحة تفشي الوباء في عُمان.

وختاما أقول: الشتاء لن يدوم، والربيع سيأتي حتما، لقد أظهرت هذه المعركة ضد الوباء مرة أخرى أنه لا يوجد في العالم بلد في مأمن من الخطر، وأن البشرية كلها في مصير مشترك بكل معنى الكلمة. وما دمنا جميعا نتضامن ونتعاون ونساعد بعضنا البعض ونتشارك في السراء والضراء، فلا بد لفجر النصر أن يبزغ قريبا.

تعليق عبر الفيس بوك