الاقتصاد في حالة حرجة

 

فاطمة الحارثية

إلى علماء الاقتصاد ليبدأ التغيير تطبيقا وليس نظريا، جمعتم الكثير من الأسئلة والخبرات عبر السنوات الماضية بل والقرون، كما هائلا في هذا العلم يُعجز أيًا منكم أن يتعذر بأنّ ما يراه جديد ويحتاج إلى فهم المزيد. أيها المستثمرون والتجار وقادة المؤسسات والشركات حان وقت استخدام ثقافة ومفاهيم اقتصادية واعية عن فهم وليس تجريب. والمؤكد أنّ الوضع الحالي يُلزمنا أن نقود الظروف لا أن تقودنا، فالأخذ بزمام الوضع الاقتصادي بات أمرا حتميا، ومن يقول إن الحاصل استثنائي وتجربة جديدة الرد بسيط أخرج من قمقمك المحدود وتعلم من تجارب الغير "اقرأ" في الاقتصاد وابحث فهذا الوضع ليس غريبا على الأرض، قُصد من تدوين مجريات التاريخ التعلم منه؛ ولا يمكن حصر الحلول على أمر محدد "للتشدق" دون آخر، فمثلا هناك حالات تحتاج إلى ابتكار وحالات أخرى تحتاج إلى حلول قد تكون تقليدية وليست مكلفة ولا تحتاج إلى استيراد عقول وشراء استشارات.

الحلول المؤقتة أصبح جليا أنّها مكلفة ومضيعة للوقت والجهد، ومفاهيم التجريب لنفعل اليوم ونرى ما يأتي في الغد يُشعر المتابع أنّ ما تمّ صرفه لتعزيز ذكاء الإنتاج والاستدامة ذهب هدرا، وألا طائل من تعيين العقول الفذة مادام السلوك مغامرا. إنّ الوضع يحتم النظرة الطويلة لا القصيرة المدى وإن كان العمل صغيرا ما دام يأتي بنتائج مستمرة النفع. إنه زمن حقن الخبرات وليس تجارب عنفوان الشباب فقط، إن العمل من أجل البقاء لا يقتصر على الفردية الآن وأكثر من أي وقت مضى لابد من التلاحم والعمل على مخرجات تعتمد على تقنيات ذاتية تستمر بغياب أو حضور المراقب أو المسؤول، لنحقق استدامة نافعة، لم يكن يوما النجاح يعتمد على أفراد بل على آليات وأنظمة العمل وإذا ما ازدهر أمر لوجود شخص وتداعى لغيابه فبكل تأكيد نحن أمام أمرين؛ إمّا أنّ التغيير "أي الغياب" أحدث خللا في النظم لعدم فهم "الجديد" له أو أنّ النجاح كان ظاهريا وليس حقيقيا ليدوم. وجب ألا تتغير نتائج أداء أي مؤسسة ناجحة مبنية على أسس سليمة أو شركة لوجود أو غياب فرد أو أفراد.

آن للمؤسسات والشركات والجهات الاستثمارية والحكومات أن تقوم بإنشاء دائرة إدارة الأزمات المالية تحت منظومة الاستدامة، وهي بكل تأكيد بعيدة كل البعد عن واجبات دائرة إدارة المخاطر فالأولى توجد الحلول والتنفيذ والمتابعة، أمّا دائرة إدارة المخاطر فهي وقائية. ومن الأجدر أن تختص بمعالجة العجز، ونظم وآليات الأداء جوهرًا وليس تقنياً فقط، وتقوم على مفاهيم المناظرة بين المؤيد والمعارض للنظر إلى إيجابية وسلبية كافة الحلول على هيئة فريق متعدد الاختصاص حسب نوع خدمات المؤسسة أو الشركة، فالاختلاف في الحلول المطروحة والإدراك الشفاف لكافة جوانب الخيارات دون ترجيح كف الإدارات العليا بل أن يكون الصالح العام هو الهدف والسعي لسوف نأتي بحلول جذرية وذات نفع نخرج منها بأقل الخسائر في هذه الأزمة.

لا يجب أن يغيب عن أي سعي في الخروج من الأزمة الراهنة حضور الاستدامة والتنوع الإداري والرقابي في جميع جوانب الأداء والعمل.

 

جسر..

يقول الناس الكثير لذلك وأواصل مراقبة ما يفعلونه، فضولا إن كان حقيقة يفعلون ما يقولون، وأحزر معي عزيزي المتلقي نسبة من "يفعل عكس ما يقول"، لا أعلم هل هو استهتار بعقول الناس "بأنهم ينسون" أم الفهم الخاطئ لتأثير القول على الناس؟

المسؤولون والرؤساء التنفيذيون وكل من يُرمى ويُقذف في منصات التواصل الاجتماعي، فقط للتنبيه، ليسوا وحدهم مسؤولين فالمسؤولية تقع على كافة عناصر القيادة من مسؤولين ماليين وإداريين وتقنيين ومراقبين وغيرهم من أصحاب السلطات التنفيذية في ذات المؤسسة، ولا فساد يقوم على فعل فردي وهذا يُجمع عليه الجميع، لكل خلل عُصبة تآزر بعضها البعض، وقد لا يُدرك عنها المسؤول المقذوف فهو إنسان لا يعلم الغيب، ومن البديهي من هم في مواقعهم ولطبيعتهم البشرية يستحيل عليهم أن يعلموا كل شيء، لذلك وُجِد التدرج القيادي والثقة أحيانا لغير أهلها.

القادم وجب أن يغيّر مفاهيم الثقة وروح العمل الجماعي لنعيد بعضا مما فُقد، لنرفع عنا العواطف والمحسوبيات لتستنير العقول بالصواب.