على الرغم من سلبياتها وعدم إمكانية تطبيقها في الكثير من القطاعات

خبراء لـ"الرؤية": "العمل عن بعد" تجربة جديرة بالاستمرار بعد "كورونا"

 

◄ الحبسي: الجائحة سرّعت آليات تطبيق هذا النهج

◄ البوسعيدي: التقنية تخلق بيئة عمل مرنة وتعزز الإنتاجية

◄ الذهلي: ضرورة رفع الوعي المجتمعي بفوائد العمل عن بعد

◄ العصفور: "العمل عن بعد" يسهم في تقييم الموظف وفق الإنتاجية وليس ساعات الدوام

◄ الزدجالي: نحتاج لمزيد من الوقت للحكم على النتائج

 

الرؤية - محمد بن رضا اللواتي

أجمع عدد من خبراء التنمية البشرية أن اتباع العديد من المؤسسات الحكومية والخاصة لنهج العمل عن بعد، ساهم في فتح آفاق أرحب من العمل القائم على الإنتاجية وليس على ساعات دوام الموظف، داعين إلى أهمية مواصلة هذا النهج حتى بعد انتهاء التدابير الاحترازية في ظل تفشي جائحة كورونا "كوفيد-19".

وقال الخبراء- في استطلاع لـ"الرؤية"- إنّ أزمة فيروس كورونا دفعت المؤسسات والموظفين إلى اللجوء إلى تقنيات العمل عن بعد، مما ساهم في الحد من الخسائر الاقتصادية التي ترتبت على غلق معظم القطاعات، وساهمت في زيادة الإنتاجية على الرغم من عدم حضور الموظف في مكتبه. وبينوا أنّه على الرغم من عدم قدرة جميع المؤسسات أو القطاعات على تبني نهج العمل عن بعد، إلا أنّه يظل خيارًا قائما للتشجيع على العمل، خاصة في القطاعات التي لا تتطلب حضور الموظف إلى مكتبه.

 

وقالت هاجر البوسعيدية إخصائية التطوير في شركة "أوريدو" بأنّ مؤسستها كانت من المؤسسات الأولى التي بادرت، فور إعلان اللجنة العليا لمكافحة الجائحة عن أهمية تقليل تواجد الموظفين في مقر العمل إلى أقل حد ممكن، بتنفيذ هذه الخطة، كما وفرت الدعم التقني اللازم لضمان استمرارية العمل على الوجه المطلوب لخدمة العملاء في مثل هذه الظروف الاستثنائية. وتأمل البوسعيدية أن يبقى هذا التوجه حتى بعد انتهاء الأزمة لبعض الأعمال، فهو يخلق بيئة عمل أكثر مرونة، كما يعد شكلا من أشكال التغيير، ويساهم هذا التغيير في رفع كفاءة الإنتاج.

 

تحسين الأداء

وقال جمال الحبسي أخصائي أول في دائرة تحسين أداء الموظفين، إن السر وراء سرعة مبادرة مؤسسته في تنفيذ خطة التقليل من حضور الموظفين، وأدائهم للعمل عن بُعد؛ أنّ المؤسسة كانت لديها خُطة معدة لنقل جانب من الأعمال إلى الأداء عن بعد، قبل هذه الجائحة، ولكن الجائحة جعلت التنفيذ يصبح سريعا، ونحن سعداء بذلك.

ويقترح الحبسي للتغلب على التحديات التي تعيق هذا التوجه استخدام دردشات الفيديو، فقال إن التقنيات الحديثة متاحة ويمكنها أن تكون خير مساعد للتغلب على تلك التحديات. وأشار إلى أهمية استخدام برنامج Microsoft teams لإدارة الاجتماعات، إذ يتضمن حزمة من الحلول الرقمية المذهلة لنجاح مثل هذه الاجتماعات. ويوصي الحبسي بأن يتم اعتماد منهج العمل عن بعد بحيث لا يقل عن يومين في الأسبوع.

ومن جهته، قال ناصر الذهلي المدير العام لمجموعة ركن اليقين العالمية، إنّ المؤسسات الصغيرة والمتوسطة ومجموعة من المؤسسات الحكومية كذلك، جاهزة بشكل تام لهذا الانتقال لأداء العمل عن بعد، ولله الحمد فإن العمل عن بُعد في أغلبه قد أتى بثماره، فلم تتوقف عجلة العمل كليا بل استمرت بسلاسة.  وأضاف الذهلي أنه يجب أن تكون هناك تشريعات مناسبة تنظم علاقة العامل وصاحب العمل، وتتسق مع انتقال العمل إلى المنزل، وأوصى إلى ضرورة رفع مستوى الوعي المجتمعي بأهميّة أداء العمل عن بُعد.  وقال الذهلي إنّ غياب أو ضعف الوعي المجتمعي بثقافة العمل من المنزل، يُعد التحدي الأكبر لهذه النقلة، وعدم رغبة المؤسسات بتوفير أحدث التقنيات والحلول الرقمية العالية الدقة في أنظمتها الإلكترونية أيضًا عامل لآخر لتدهور النتائج.

وقالت فاطمة آل حميد إنّ هذا الانتقال كان فرصة كبيرة لفحص مدى مقدرتنا على التكيف مع الظروف المحيطة، وهي حتمًا فرصة رائعة وتتسق مع إيقاع الحياة العصري والتطّور الهائل في التكنولوجيا. تقترح آل حميد على أهمية الدمج بين النمطين من الأداء، الأداء المكتبي والأداء عن بعد، فالأعمال التي لا يتطلب لأدائها الحضور، يجب أن تتم عن بُعد، ففي ذلك إيجابيات عديدة أهمها استغلال الوقت، في حين تلك التي لا تتم إلا بالتواجد المكتبي تظل كما هي.

وأكّدت ريم البوسعيدية إخصائية تعليم في شركة "أوريدو"، أن العمل من المنزل يتسم بالسرعة، حيث لا توجد عوائق الوصول والانتقال الذي يتطلب عادة وقتا لا بأس به. وتؤيد الوهيبية هذا التوجه تقترح أن يتم تخيص أيام معينة للعمل عن بعد، حتى بعد انتهاء الجائحة.

من جانبه، قال موسى الجديدي مدير الموارد البشرية والشؤون الإدارية بإحدى المؤسسات، إنّ من ميزات العمل عن بعد التقليل من تكاليف الأصول الثابتة، والتقليل من مصاريف الصيانة الدورية لعدد كبير من الأجهزة الكهربائية بما فيها المكيفات والمصاعد وغيرها العديد. وأضاف الجديدي إنّ الموظف يستفيد كثيرًا في التقليل من صرف البنزين، كما لا يستهلك وقتا متعبا في الشارع لكي يصل إلى مقر عمله.

وحول أبرز التحديات التي تواجه هذا الانتقال، ذكر الدكتور مهند العصفور المتخصص في الموارد البشرية والتطوير المؤسسي، مجموعة من التحديات وتتمثل في عدم وجود البنية التحتية لهذا التحول الرقمي الكبير، وقال إنّ خدمة الفايبر لا تغطي العديد من المنطق في مسقط نفسها فضلا عن المناطق والولايات الأخرى، إضافة إلى عدم توفر المعايير التي تحكم على أداء العمل عن بعد، وغياب منهجية مؤشر الأداء الوظيفي، وعدم وجود منهج لإدارة الأداء، وأضاف العصفور على ذلك أنماط التفكير التقليدي والمعيق للانتقال إلى متطلبات عصر السرعة، وزاد بالقول إنّه لا ينبغي أن يغيب عن الذهن بأنّ أغلب الإدارات العليا ليست بالتي مارست تجربة استخدام الأنظمة الرقمية في أعمالها، فليس كل أحد يؤمن بأن أداء الأعمال متاح بذات الكفاءة عن بُعد، هذه كلها تقف في طريق هذه النقلة الرقمية.

من جانبها، تؤكد هيفاء بنت محسن اللواتية مدير دائرة تقييم العائد التدريبي، ومنتدبة بالمعهد التخصصي للتدريب المهني للمعلمين بوزارة التربية والتعليم، بأنّ هذه النقلة لا تلائم الموظف الذي لديه أطفالا في المنزل، فمن دون شك أن تفرغه لكل تلك الساعات دون انقطاع لأداء عمله من خلال المنزل لن يكون سهلا، وهذا يتطلب من إدارات الموارد البشرية مع ظروف العمل المحيطة بالموظف في منزله ومدى انضباطه في أدائه للعمل في ظل مثل هذه الظروف، واتخاذ تدابير صارمة لمنع تدهور الأداء.

وأوصت اللواتية أنّ تتم توعية الموظف بأنّ تواجده المنزلي لا يعني بأي حال كونه في إجازة، كما وأنّ نظام التحفيز المتمثل في المكافآة على جودة الأداء وتوفير الدعم الصحي له أمر بالغ الأهمية.

وقال فيصل الزدجالي (خبير في تقدير المكافآت في أوريدو) إنّه من الضروري ألا ننسى أن تجربة العمل عن بُعد تعتبر تجربة حديثة خاضت فيها السوق العمانية وقد يستغرق الأمر وقتا لقياس نتائجها.

فيصل.png
فاطمة ال حميد.jpg
د. ناصر الذهلي.JPG
د. مهند العصفور.jpg
جمال.jpg
 

تعليق عبر الفيس بوك