3 سيناريوهات لمستقبل التعامل مع الفيروس التاجي.. أسوأها "استحالة المناعة"

التجربة النيوزلندية.. تحريك منحنى الإصابات بـ"كورونا" أفضل من تسطيحه

 

ترجمة - رنا عبدالحكيم

مع انتشار فيروس "كوفيد-19" في جميع أنحاء العالم، تفاعلت بعض الدول سريعا واتخذت استعدادات شاملة وذلك اعتمادا على تجاربها السابقة، مثل كوريا الجنوبية وتايوان وسنغافورة وفيتنام، إذ أصبح احتواء الفيروس التاجي الجديد أمرًا ضروريًا، بغض النظر عن التكلفة. ومع ذلك، اختارت دول أخرى التعامل معها على أنّها سلالة من الإنفلونزا السيئة التي لا يمكن وقفها وتنتشر بين السكان حتى يتم الوصول إلى نوع من الحصانة.

وفي مقال بقلم ديفي سريدهار رئيس الصحة العامة العالمية بجامعة إدنبره، ونشرته صحيفة ذا جارديان البريطانية، يرى الكاتب أنّ المملكة المتحدة، انتهت مرحلة الاحتواء في 12 مارس، وعند هذه النقطة، انتهى الاختبار لجميع الأشخاص الذين يعانون من أعراض طفيفة (بما في ذلك موظفو الصحة في الخطوط الأمامية)، وتوقفت عملية تتبع المصابين، وظلت المطارات مفتوحة دون فحص على الرحلات الجوية القادمة أو الركاب، واستبعدت إجراءات التباعد الجسدي. واستمرت الأحداث الكبرى التي شارك فيها عشرات الآلاف من الناس بعد بضعة أيام، واستمر السفر غير الضروري. لكن بعد ضغوط عامة كبيرة، اتُخذت إجراءات الإغلاق في 23 مارس بهدف الحد من تداعيات الفيروس التاجي على الخدمات الصحية.

لكن أين نحن الان؟ نحن نسير على الطريق الصحيح لوفاة 40000 شخص بنهاية الموجة الأولى من تفشي المرض، بينما يتعين علينا أيضًا أن نتعامل مع التكاليف الاقتصادية الفلكية والآثار الاجتماعية المروعة نتيجة الإغلاق لأسابيع متتالية.

نيوزيلندا- على سبيل المثال- تبدو في وضع جيد؛ حيث يوجد أقل من 20 حالة وفاة، بينما تمكنت أستراليا من إبقاء الوفيات عند 100 حالة. ومع وجود إجراءات تباعد جسدي مبكرة ومراقبة الحدود، واختبارات صارمة، وتعقب إجراءات وعزل، فإن هذه البلدان في وضع أفضل للتخفيف من الإغلاق في وقت سابق ودفع اقتصادهم ومجتمعهم مرة أخرى، مع الحفاظ على انخفاض الوفيات المرتبطة بكوفيد-19.

ومع ذلك، عندما يتم إجراء هذه المقارنات الدولية، يقول البعض في الحكومات إنّه لا يزال من السابق لأوانه القول بأداء البلدان، ويقول البعض الآخر أنّ جميع البلدان ستكون في نفس المكان، وسيعتمد أي اختلاف على قدرتها على الرعاية الصحية.

لكن يجب التفكير في سيناريوهات طويلة المدى بشأن مستقبل كوفيد-19.

السيناريو الأول: إذا كان لدينا لقاح فعال وآمن ومتاح أو مضاد للفيروسات خلال 18 شهرًا، فإنّ البلدان التي قللت من الخسائر في الأرواح مع أقل القيود الاقتصادية قسوة ستكون في أفضل وضع. فأستراليا ونيوزيلندا والعديد من دول شرق آسيا تسيطر على التفشي ويمكنها على المدى القصير التعامل مع عدد قليل من الحالات أثناء انتظار الحل العلمي.

السيناريو الثاني: في حالة عدم وجود لقاح أو مضاد للفيروسات، سيتم بناء نوع من مناعة القطيع، حتى لا ينتقل الفيروس بنشاط على مستوى عال. ويفترض هذا أنّ الإصابة بالفيروس التاجي تؤدي إلى الحصانة من الفيروس لمدة سنتين أو ثلاث سنوات على الأقل، وأن أي عدوى مستقبلية ستكون خفيفة الاعراض. وحتى في هذه الحالة، يمكن للبلدان التي لديها عدد قليل من الحالات انتظار بحث مستمر حول تحديد أفضل "للأشخاص" المعرضين تمامًا للإصابة بأعراض حادة، وحماية هؤلاء الأفراد حتى يتم الاحتفاظ بالعبء على رعاية وحدة العناية المركزة وفقدان الأرواح الحد الأدنى. في حين أن لدينا بعض الأفكار الأساسية على مستوى السكان حول من هم ضعفاء، بناءً على العمر والظروف الموجودة مسبقًا، فإن العلماء لا يفهمون العوامل الجينية أو المناعية الفردية حتى الآن.

السيناريو الثالث: (أسوأ الافتراضات). قد تجد الأبحاث أنه لا توجد مناعة دائمة ضد الفيروس، أو في الواقع من الصعب تعزيز المناعة، مما يعني أن حالات إعادة العدوى اللاحقة ستكون أكثر حدة (مثل حمى الضنك). وهذا يخلق حالة حقيقية للبلدان التي لديها القدرة على القضاء على الفيروس والحفاظ على الضوابط الحدودية. ومن الواضح أنه كلما كان عدد الحالات أقل، كان من الأسهل القضاء على الفيروس، وفي هذه الحالة كان من الممكن تبرير اتباع نهج وقائي للسماح بانتشاره بين السكان.

وهناك فجوات كبيرة فيما نعرفه عن هذا الفيروس، بما في ذلك حول المناعة، وإمكانية والجدول الزمني للقاح أو العلاج المضاد للفيروسات، وحول من هو بالضبط ضعيف، وحول الآثار الصحية على المدى الطويل.

وفي حالة عدم اليقين هذه، فإنّ البلدان التي تعمل بنشاط لاحتواء هذا الفيروس والحفاظ على الأرقام عند أدنى مستوى ممكن تشتري الوقت لبناء استجابة سياسية أكثر استنارة مع حماية اقتصاداتها ومجتمعاتها أيضًا. والبعض الآخر، من خلال السماح للفيروس بالانتشار ببطء من خلال سكانها (فقط تسطيح المنحنى بدلاً من إيقاف الانتشار بالكامل)، يقامرون فقط بحياة الاشخاص، وسوف يعلقون في دورات من الإغلاق ورفعه وتخفيفه مما سيدمر الاقتصاد ويسبب اضطرابات اجتماعية، إضافة إلى زيادة الوفيات المرتبطة بكوفيد-19 وغير المرتبطة به.

تعليق عبر الفيس بوك