التباعد الاجتماعي ترفًا لمئات الملايين في الطبقات المتوسطة الدنيا بجنوب آسيا

الإغلاق أم المجاعة؟ الاقتصادات الفقيرة أمام "الخيار المستحيل"

ترجمة- رنا عبدالحكيم

وسط جائحة الفيروس التاجي، يسعى الاقتصاديون جاهدين لمراجعة التقديرات لكيفية أداء البلدان في الأشهر والسنوات المقبلة، وقال صندوق النقد الدولي إنه يتوقع أن ينكمش الاقتصاد العالمي بنسبة 3% في عام 2020، مسجلاً أكبر تراجع له منذ الكساد الكبير وخفضه بنسبة 6.3 نقطة مئوية عن آخر توقعات عالمية لصندوق النقد الدولي في يناير.

وفي تقرير نشرته مجلة فورين بوليسي الأمريكية، طرح الصندوق توقعات قاتمة بشكل خاص للاقتصادات المتقدمة؛ حيث من المتوقع أن تنكمش الولايات المتحدة ومنطقة اليورو واليابان بنسبة 5.9% و7.5% و5.2% على التوالي هذا العام، بينما من المتوقع أن تنمو الصين والهند بنسبة 1.2 و1.9% على الترتيب. والتوقعات غير مستقرة بالنظر إلى أن معظم البلدان لا تزال تحت حظر غير محدد. وقالت كبيرة الاقتصاديين في صندوق النقد الدولي جيتا جوبيناث "هذه أزمة لا مثيل لها، مما يعني أن ثمة شكوك كبيرة حول تأثيرها على حياة الأفراد وسبل معيشتهم".

توقعات النمو

وأصدر البنك الدولي تقريرا يبحث عن كثب في اقتصادات جنوب آسيا. وستواجه جزر المالديف أكبر تأثير للوباء، لأن السياحة تمثل ثلثي ناتجها المحلي الإجمالي. ومن المتوقع أن تسقط أفغانستان وباكستان وسريلانكا في ركود عميق. ومن المحتمل أن يتراوح نمو الهند في السنة المالية التي بدأت للتو بين 1.5 و2.8%.

إغلاق أم لا؟

وفي خطاب متلفز إلى الأمة، مدد رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي إغلاق البلاد حتى 3 مايو المقبل على الأقل. وقال "من وجهة نظر اقتصادية فقط، لا شك أنها تبدو مكلفة الآن. ولكن قياسا على حياة المواطنين الهنود، ليس هناك مقارنة ". واتخذ جيران الهند قرارات صعبة بالمثل. وأعلن رئيس الوزراء الباكستاني عمران خان عن تمديد إغلاق بلاده لأسبوعين، لكنه قال إن بعض القطاعات مثل البناء سيُعاد فتحها قريبًا. ومددت بنجلاديش إغلاقها حتى 25 أبريل، وأغلقت نيبال القطاعات حتى 27 أبريل.

وكما تظهر الحالات المتزايدة بسرعة في جميع أنحاء المنطقة، يبدو أن الأسوأ لا يزال ينتظر جنوب آسيا، خاصة مع احتمال حدوث موجات ثانوية من العدوى.

وفي جميع أنحاء المنطقة، يكافح عشرات الملايين من العمال المهاجرين والعمال بأجر يومي لتوفير لقمة العيش، ويبقى التباعد الاجتماعي ترفًا لمئات الملايين في الطبقات المتوسطة الدنيا.

لكن إلى متى يمكن أن تستمر الأوضاع كما هي الآن؟

بحسب بحث أجراه أحمد مشفيق مبارك وزاكاري بارنت هاول من جامعة ييل الأمريكية، فإن ثمة اختلافات كبيرة في قيمة التباعد الاجتماعي عبر البلدان، وذكر الباحثان أن "تسطيح المنحنى الوبائي للفيروس التاجي لكسب الوقت حتى يمكن تطوير لقاح قد يكون له نتائج عكسية على البلدان الفقيرة، فإذا زادت فترة التسطيح تسببت في وجود أسباب أخرى للوفاة مثل الجوع وسوء التغذية ومشاكل صحية أخرى". ويقترح الباحثان سياسات بديلة للدول النامية مثل ارتداء القناع الطبي، وتحسين الوصول إلى المياه النظيفة والصرف الصحي، وزيادة القيود المفروضة على التجمعات الدينية، مع تكثيف الحملات التوعوية.

ولكل دولة الحق في اتخاذ قرارها في نهاية المطاف، لكن حتى داخل البلدان، قد تحتاج الدول إلى تكييف السياسات مع التركيبة السكانية الخاصة بها. ولا توجد خيارات واضحة؛ فالإغلاق الشامل في اقتصادات جنوب آسيا يهدد بنقل خطر الوباء من الأغنياء إلى الفقراء. ومع ذلك، فإن إنهاء عمليات الإغلاق بسرعة كبيرة، سيضغط على أنظمة الرعاية الصحية على لا يُتصور.

تعليق عبر الفيس بوك