ترجمة - رنا عبدالحكيم
اعتبرتْ وكالة "بلومبرج" الإخبارية أنَّ "صفقة النفط الكبيرة" التي توسط فيها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وأبرمت يوم الأحد الماضي، لن تُنقذ أضعف مُنتجي الخام الصخري في الولايات المتحدة.
وقال ترامب -في تصريحات- إنَّ الصفقة ستوفر "مئات الآلاف من الوظائف الأمريكية". لكنَّ الاتفاق يعتمد على خفض حاد في إنتاج النفط الصخري، والذي من المرجَّح أن يؤدي إلى موجة من حالات الإفلاس وخفض الوظائف.
وبلغتْ أيام المناورات الدبلوماسية المحمومة ذروتها باتفاق الأحد الماضي بين مجموعة "أوبك بلس"؛ مما أسهم في الاتفاق على خفض الإنتاج بمقدار 9.7 مليون برميل يوميًّا، وإنهاء حرب أسعار مدمرة بين السعودية وروسيا، علاوة على مُعالجة تراجع الطلب المتأخر بسبب تفشي الفيروس التاجي. وتسبَّبت عمليات الإغلاق التي تمَّ تطبيقها في معظم أنحاء العالم لإبطاء انتشار الفيروس، في تراجع الاستهلاك إلى ما يصل إلى 35 مليون برميل في اليوم.
وبدلاً من الموافقة على أي تخفيضات رسمية، يعتمد ترامب على قوى السوق للاستغناء عن حوالي 2 مليون برميل يوميًّا من إجمالي الإنتاج الأمريكي بحلول نهاية العام. وخفض منتجو النفط الصخري -ومعظمهم في الولايات المتحدة- أكثر من 27 مليار دولار من ميزانيات التنقيب والحفر هذا العام، وبدأوا وقف الإنتاج. ويشير هذا إلى نهاية بعض شركات الاستكشاف النفطي الصخري الغارقة في الديون.
وقال دان إبرهارت الرئيس التنفيذي لشركة "كناري دريلينج سيرفيس" لخدمات الحفر: "يبدو أن إستراتيجية ترامب تعتمد على السوق الحرة؛ مما أدى لانخفاض الإنتاج، وهو ما يعني ضمنيًا أن بعض الشركات ستتراجع".
وأظهر مسح أجراه بنك الاحتياطي الفيدرالي في مدينة كانساس سيتي، أنَّ حوالي 40% من منتجي النفط والغاز الطبيعي يواجهون الإفلاس خلال العام إذا ظلت أسعار النفط الخام بالقرب من 30 دولارًا للبرميل.
ووقدمت شركة Whiting Petroleum Corp ومقدم الخدمة Hornbeck Offshore Services Inc دعوى إشهار إفلاس الأسبوع الماضي. وعطلت شركات الاستكشاف 10% من أسطول حفر النفط الأمريكي، مع أكثر من نصف الخسائر في "الحوض البِرمي Permain Basin" في غرب تكساس ونيو مكسيكو، قلب صناعة النفط الصخري في أمريكا، بينما قالت شركة كونشو ريسورسز يوم الجمعة إنها ومنتجون آخرون أوقفوا الإنتاج.
وبعد الصفقة، وصف محللو جولدمان ساكس الصفقة بأنها "قليلة جدًا ومتأخرة للغاية"، وقالوا إنهم يتوقعون انخفاض أسعار النفط الخام الأمريكي في الأسابيع المقبلة مع امتلاء التخزين. وانخفضتْ الأسعار إلى ما دون 10 دولارات للبرميل في بعض مناطق الولايات المتحدة خلال شهر مارس بسبب انهيار الطلب، مع عرض درجة واحدة على الأقل بأسعار سلبية.
وإستراتيجية ترامب في الضغط على السعوديين والروس للموافقة على تخفيضات شاملة، تعتمد على ادعائه المتكرر بأن شركات الحفر الأمريكية تتراجع بالفعل عن اتفاقها الخاص ردا على الانكماش. وأثار بعض أعضاء مجلس الشيوخ من الدول المنتجة للنفط في السابق احتمال قطع مساعدتهم للسعودية أو فرض رسوم جمركية على الخام إذا لم تقم المملكة بتخفيض الإنتاج.
وعبرت اثنتان من أكبر مجموعات التجارة الصناعية، التي عارضت فكرة الرسوم، عن دعمها للصفقة. ورحب معهد البترول الأمريكي "بالإعلان عن اتفاق من قبل الدول المنتجة الأخرى لتحذو حذو السوق العالمية -والمنتجين الأمريكيين- لتقليل الإمدادات للتوافق مع انخفاض الطلب على الطاقة نتيجة الوباء".
كان مصنعو الوقود والبتروكيماويات الأمريكيون سعداء بالتوصل إلى اتفاق "يساعد المنتجين الأمريكيين ويتجنب فرض تكاليف إضافية على المصافي الأمريكية".
ويرى الخبراء أنَّ بعض المنتجين الأمريكيين سيتغلبون على "العاصفة" بشكل أفضل من غيرهم، فالجميع خاسر، لكن هناك "من سيخسر أقل".