ترجمة - رنا عبدالحكيم
قالتْ صحيفة فايننشال تايمز البريطانية إنَّ الاقتصادَ في كلٍّ من ألمانيا وفرنسا باتَا في قبضة ركود تاريخي من المتوقع أن يمحو -في بضعة أشهر فقط- سنوات عديدة من الازدهار؛ وذلك بحسب توقعات حذرت المؤسسات الاقتصادية في البلدين من تأثير أزمة فيروس كورونا على الاقتصاد العالمي والتجارة على حدٍّ سواء.
وتُظهر التوقعات انكماش الاقتصاد الألماني بنسبة تقارب 10% في الأشهر الثلاثة حتى يونيو، وفقًا لأكبر معاهد الأبحاث الاقتصادية في البلاد، وهو أكبر انخفاض منذ بداية الحسابات الوطنية الفصلية في العام 1970، ومضاعف حجم أكبر انخفاض في الأزمة المالية للعام 2008.
وحذَّر بنك فرنسا من أن إغلاق مساحات شاسعة من النشاط الاقتصادي لاحتواء انتشار الوباء يطرح 1.5 نقطة مئوية عن النمو الفرنسي لكل أسبوعين من استمراره. وقال البنك المركزي إنه بعد أكثر من ثلاثة أسابيع من الإغلاق، من المتوقع أن ينخفض الناتج الاقتصادي الفرنسي بأكبر معدل منذ الحرب العالمية الثانية، وتوقع أن ينكمش الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 6% في الأشهر الثلاثة الأولى من العام.
وأظهر حجم وسرعة الصدمة التي تعاملت بها الفيروسات التاجية مع الاقتصاد العالمي في بيانات منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية التي أعطت أقوى إشارة رسمية على أن الاقتصادات الكبرى دخلت في حالة ركود. وقالت المنظمة -التي تتخذ من باريس مقرًّا لها- إن معيارها للمؤشرات الرئيسية المركبة -المصمم لتحديد نقاط التحول في الدورة الاقتصادية- سجل أكبر انخفاض له على الإطلاق في معظم الاقتصادات الكبرى في مارس؛ مما يعكس التأثير الفوري لإجراءات الإغلاق على الإنتاج والاستهلاك والثقة.
وفي الأثناء، توقَّعت منظمة التجارة العالمية أن تنكمش التجارة العالمية بأكثر من خلال الأزمة المالية، وتنخفض التجارة العالمية للبضائع بنسبة تصل إلى 32% بسبب أزمة كوفيد 19؛ مما يمثل انكماشًا أسرع بكثير من الانخفاض بنسبة 12% في العام 2009، كما تتوقع المنظمة العالمية.
لكن منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية حذرت من أنه بسبب عدم اليقين بشأن المدة التي ستستغرقها إجراءات الإغلاق، يمكن أن تؤخذ أرقام يوم الأربعاء لتعكس الوضع الحالي فقط، وليس كم من الوقت أو مدى استمرار الانكماش في النشاط.
وتسببت عمليات الإغلاق -في محاولة لمكافحة الفيروس التاجي- إلى تجميد العديد من الشركات وإجبار معظم الأشخاص على البقاء في منازلهم؛ مما أوقع الاقتصادات الرائدة في أوروبا براثن الركود.
وحذَّرت الحكومة السويسرية من أنَّ اقتصادها سينخفض بنسبة 10% هذا العام في أسوأ سيناريو لكيفية تطور أزمة الفيروس التاجي. وسيكون هذا أسوأ انكماش له منذ العام 1980. وإذا كان التعافي أسرع، وتم رفع الإغلاقات بحلول مايو، ترى الحكومة أن الاقتصاد سينكمش بنسبة 7.1% هذا العام. وأطلقت الحكومات في برلين وباريس وعواصم أوروبية أخرى برامج ضخمة لتقديم مئات المليارات من اليورو لدعم الشركات والعمال الذين تضررت دخولهم بسبب التباطؤ.
وقال البنك المركزي إنه مقابل كل أسبوع إغلاق في مارس، انخفض نشاط الأعمال الفرنسي بنحو الثلث. ومن المتوقع أن ينكمش الاقتصاد الألماني بنسبة 1.9% في الربع الأول وبنسبة 4.2%هذا العام، حسبما قالت أكبر خمسة معاهد اقتصادية في البلاد في دراسة نصف سنوية للحكومة. لكنهم يتوقعون أن ينتعش العام المقبل بنمو نسبته 5.8%.
وقال تيمو وولميرشوسر رئيس التوقعات بمعهد إيفو للأبحاث في ميونيخ: "ألمانيا في وضع جيد للتعامل مع الركود الاقتصادي والعودة على المدى المتوسط إلى المستوى الاقتصادي الذي كانت ستصل إليه دون الأزمة".
ودخلت كلٌّ من ألمانيا وفرنسا في أزمة الفيروس التاجي مع ضعف الظروف الاقتصادية بالفعل. وتجنبت ألمانيا بفارق ضئيل الركود العام الماضي؛ حيث تضررت صناعة التصنيع بسبب الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين، بينما تقلص الاقتصاد الفرنسي في الربع الأخير من العام الماضي عندما تعطلت بسبب الإضرابات والاحتجاجات.