أزمة كورونا والدروس المستفادة

أحمد بن علي الدرعي

aadarai@moi.gov.om

مهما تعدَّدت تفسيرات أسباب أزمة وباء فيروس كورونا المستجد (كوفيد 19) المتفشي في كثير من بلدان العالم، وبعيدا عن حقيقة افتعالها وتحليلات دوافعها وصحة مدلولاتها وأهدافها تبقَى في مضمونها هي اختبار رباني وله حكمة إلهيةٍ لا ندركها في علم غيبه سبحانه، ولا شك في ذلك أبداً، ولكن بالمقابل جديرٌ بالإنسان ذي التميز والعقل المراجعة والتفكير فيها بتمعنٍ وتيقن، ليستفيد من هذه الأزمة رغم مآسيها وقساوتها وآلامها باستنتاج العِبَر وفهم الدروس الكثيرة التي مر بها.. إنَّ هذه الأزمة علمتنا الكثير والكثير أو يُفترض أنها تكون كذلك.

علَّمتنا الكثير من العبر والدروس التي قد غفلناها أو لم تكن على البال أو قد تناسيناها عن عمدٍ سنوات طويلة من حياتنا، علَّمتنا أنَّ الانسان ضعيف في بنيته وجسده وفيما يملكه في حياته من مكملات استهلاكية متعددة، علمتنا أننا سنكون ضعفاء وفي كل شيء عندما لا نملك فعليًّا ما نحتاجه لنسد به حاجتنا، وأنَّ المال ما لم تنفقه وتستثمره فيما سيغنيك عن غيرك ويسد هذه الحاجة في يوم احتياجك لها، لا قيمة له، وحتى إن أترفك، علمتنا أن الحياة مهما صَفَت وطابت لنا لا بد أنها في ذات يوم تتعكر وتتبدل إلى الأسوأ وفي كل شيء، علمتنا أن الحياة ليست لباسًا ومآكلًا ومسكنًا ووظيفة وأسرة فقط، دون أن تسمح للعقل بأن يبحث ويعمل ويتعب لتأمين كل هذه الأساسيات لضمان بقائها واستمراريتها في صراع أحداث هذا الزمن المتقلب.

علمتنا أنَّ الحياة أزمات والاعتماد على النفس يسمو بنا إلى العلياء والمجد، وأن به تكتفي وتحمي وطنك ومجتمعه البشري أجمع، علمتنا أن ترفنا الزائد مهدد في أي لحظة ما لم نعيد النظر والتأمل جيدا في ضروريات باتت خياراً أولياً لا بد أن نعيها وننتبه لها، علمتنا أنَّ الصحة والحرية نعمتان لا تعوضان بثمن، علمتنا معنى وقيمة الحرية، ومتى تنعدم وكيف يكون الشعور بالإقامة الضرورية الجبرية حتى وإن كنت بمنزل به أسرتك وفيه كل ما تحتاجه من أساسيات الحياة، علمتنا كل الفروقات المختلفة وكل التضادات المتشابهة مجتمعة كانت أو متفرقة، علمتنا ما هو الواقع وما هو المستقبل في مخاض الحاضر الذي يئن ويحتضر من وجعه المتكرر، علمتنا الكثير والكثير.. لكننا ليتنا تعلمنا وفهمنا منها، ليصبح ويكون كل ذلك "رؤية لأهدافنا وتحقيقاً لطموحاتنا، مدفوعاً بإصرارنا وسعينا بتوجيهه نحو المسار الصحيح لحياتنا القادمة".

تعليق عبر الفيس بوك