بسبب "كورونا".. شبح الإفلاس يطارد قطاع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة

◄ الفارسي: صندوق الرفد يتابع عن كثب الأوضاع الراهنة ويسعى للتخفيف عن كاهل رواد الأعمال

◄ الكندي: تعليمات البنك المركزي لا تنفذها كل البنوك.. وهناك مشاريع لا تزال تدفع أقساط القروض

◄ الشكيرية: الإيرادات صفر.. ولا توجد مواد خام ونحتاج للمساعدة المالية

◄ الحمزة: أوضاعنا صعبة.. لا مبيعات ولم نستفد من التسهيلات والقروض

مطالب رواد الأعمال:

◄ الإعفاء من دفع الإيجارات الشهرية

◄ الإعفاء من مستحقات تجديد واستقدام العمالة الوافدة

◄ إنشاء صندوق مساعدات للمساهمة المالية في دفع رواتب العمال والمواد الخام للمشاريع 

◄ تقديم قروض بنكية بدون فوائد أو بفائدة قليلة مع دفعات ميسرة

الرؤية - فايزة الكلبانية

أزمَة طَاحِنة يعيشها الاقتصاد العالمي وليس اقتصادنا الوطني وحسب؛ بسبب وباء كورونا العالمي، الذي ضَرَب أكثر من 100 دولة، وأصاب ما يقرب من مليون ونصف المليون شخص، فيما تجاوز عدد الوفيات 70 ألفًا.. وعلى المستوى المحلي، لا يزال اقتصادنا يتأثر بتداعيات الأزمة، وأحد أبرز القطاعات المتأثرة قطاع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة الذي يستغيث ويخشى خطر الإفلاس. طارق بن سليمان الفارسي الرئيس التنفيذي لصندوق الرفد عضو مجلس إدارة الهيئة العامة للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة "ريادة"، يؤكد أنَّ الصندوق يتابع عن كثب -وبشكل مباشر- التأثيرات الاقتصادية على رواد الأعمال المستفيدين من الدعم الحكومي في صندوق الرفد، جراء تداعيات جائحة كورونا "كوفيد 19"، ويضع الخطط والحلول المناسبة لمعالجتها، موضحًا أن الصندوق لا يألو جهدًا في تقديم كافة أشكال الدعم للمؤسسات المتأثرة حسب الصلاحيات المنوطة به.

وأضاف الفارسي أن الصندوق عكف- منذ بدء تأثيرات فيروس كورونا على أسواق السلطنة- على تنفيذ عدد من المبادرات، والتي من شأنها تخفيف تأثيرات الأوضاع الراهنة على الاقتصاد؛ كون عدد كبير من رود الأعمال تأثروا جراء تراجع الحركة الشرائية من قِبل الأفراد والأسر بسبب عدم خروجهم من المنازل؛ مما تسبب في انخفاض وقلة المبيعات لدى المشاريع المستفيدة من الصندوق.

تأثيرات الجائحة

وتابع الرئيس التنفيذي لصندوق الرفد قائلا: بعد متابعة تأثيرات الجائحة على المستفيدين من صندوق الرفد، قام الصندوق بتأجيل أقساط قروض المؤسسات الصغيرة والمتوسطة لمدة ستة أشهر؛ تنفيذًا للقرارات الذي اتخذتها اللجنة العليا المكلّفة ببحث آلية التعامل مع التطورات الناتجة عن انتشار فيروس كورونا (كوفيد 19)؛ ومنها: تأجيل أقساط قروض المؤسسات الصغيرة والمتوسطة لمدة ستة أشهر؛ ومن المتوقع أن يقلل هذا القرار من تداعيات الجائحة على أصحاب المشاريع الصغيرة والمتوسطة. وأوضح الفارسي أن صندوق الرفد دعا أيضا ملاك العقارات لتخفيض وإعفاء مراكز سند للخدمات من رسوم الإيجار، وذلك لضمان استمرارها وتطوير أدائها في استيعاب الكوادر الوطنية؛ إذ تعد هذه المراكز من المؤسسات الصغيرة والمتوسطة التي يمتلكها مواطنون عمانيون ذوو كفاءة عالية، وتقدّم الخدمات الحكومية والخاصة بأفضل الطرق وتسهِّل تقديمها للمواطنين.

وأردف الفارسي: من ضمن المبادرات التي قام بها الصندوق للتخفيف من التداعيات التي فرضها انتشار فيروس كورونا: مبادرة "تسوق من بيتك"، بالتعاون مع وزارة التجارة والصناعة والهيئة العامة لتنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة (ريادة)؛ إذْ حث الصندوق جميع المستفيدين على تقديم خدمات التوصيل للمنازل بطرق مبتكرة للتقليل من تأثيرات قلة المبيعات، وأيضًا أسهم في الترويج والأخذ بأيدي من لديهم أنشطة قائمة على التوصيل، وجرى دعم رواد الأعمال عبر توفير دعم فني وتسويقي، وتفعيل الآليات المتوفرة بمذكرات التفاهم واتفاقيات الشراكة بين الصندوق ومختلف الجهات المعنية، إضافة للتنسيق مع الجهات المختصة بالمحافظات لإيجاد حلول تسويقية للمشاريع، واستخدام جميع آليات الدعم الممكن توافرها لرواد الأعمال. وتهدف المبادرة أيضًا إلى تفعيل استخدام التطبيقات الإلكترونية للتسوّق من المحلات والمطاعم والمقاهي، وتجنّب الاختلاط في الأماكن المكتظة بالمتسوّقين لتفادي انتشار فيروس كورونا، وكذلك التعريف بالشركات العمانية التي تعمل في مجال توصيل الطلبات بمختلف أنواعها، والعديد من الخدمات الأخرى التي تقدمها للمنازل عبر تطبيقاتها الإلكترونية، وحث المواطنين على استخدام هذه التطبيقات.

وفي نهاية حديثه، أكد الرئيس التنفيذي لصندوق الرفد، على أن الصندوق يقوم حاليًا بالتنسيق مع الجهات ذات العلاقة بشأن النظر في إمكانية تخفيض أو الإعفاء من رسوم الخدمات لمشاريع رواد الأعمال كخدمتي الكهرباء والهاتف، ويسعى الصندوق لتخفيف التأثيرات على أصحاب المشاريع واستمرار الحركة الاقتصادية، تماشيًا مع الهدف الذي أنشئ من أجله الصندوق وهو رفد الاقتصاد العماني بمشاريع صغيرة ومتوسطة توفر المزيد من فرص العمل للعمانيين، وتمكين الشباب والشابات في مشروعاتهم؛ وذلك لضمان استمراريتها وتطورها وتعزيز فرص العمل المستحدثة.

تهديد عالمي

بدوره، أوضح أحمد بن عبدالله بن راشد الكندي مهندس في شركة تنمية نفط عمان وشريك مؤسس لمشروع مطعم (CHANGE Burger & More)، أن الحال ما قبل وما بعد كورونا مختلف جدا. وأضاف الكندي: كورونا لا يهدد حياة البشر فقط، وإنما يهدد الاقتصاد بأكمله، وفي خلال السنوات الأربعة الماضية من عمر المشروع، واجهتنا العديد من التحديات والتي تمكنا من اجتيازها والتعلم منها ليصبح المشروع أقوى من ذي قبل، فقد قمنا بإنشاء حساب خاص للأزمات وإيداع نسبة ثابتة من المبيعات الشهرية في الحساب، وهذا مكننا من التعامل مع الأعطال التي تحدث في المعدات، وتغطية مصاريف علاج العمال، وتجديد مأذونيتاهم، والعديد من الأمور التي كانت تطرأ من وقت لآخر.

وقال الكندي: أزمة كورونا المفاجئة قلبت الموازين، فقط في الشهر الأول من الأزمة تم استنفاد جميع المبالغ المرصودة في حساب الأزمات (والتي كانت بالآلاف) ولم نتمكن من سداد الالتزامات المالية، والمبيعات هبطت إلى أقل من النصف في الأيام الأولى، وتتابعت في الهبوط إلى أقل المستويات، ليس هذا فحسب، ولكنَّ الموردين بسبب شح البضائع المستوردة قاموا بزيادة أسعار المنتجات مما شكل عبئًا إضافيا علينا.

وأضاف الكندي: تحديات أزمة كورونا على المشاريع الصغيرة والمتوسطة كبيرة جدًّا؛ فهناك المستحقات الشهرية كإيجار المحلات والسكن، ورواتب العمال، ومصاريف المواد الخام، وإمكانية تلف المواد الخام، وتسريح العمال، وقلة المبيعات بسبب الإغلاق الجزئي وعزوف الناس عن الأكل في المطاعم، ولم نتمكن من سداد جميع الالتزامات في شهر مارس الماضي، وبالتأكيد سوف نكون في حال أصعب في هذا الشهر والأشهر المقبلة.

وحول الإجراءات والتسهيلات المقدمة من البنك المركزي، قال الكندي: مفيدة، ولكن لم يتم اتباعها من قبل كافة البنوك؛ فهناك مشاريع لا تزال تدفع القروض المستحقة، ونحن لا توجد قروض علينا لكننا قد نضطر إلى أخذ قروض إذا لم يتم الإعفاء من مستحقات الإيجارات الشهرية، ولم يتم قبول تأجيل دفع مستحقات مواد الخام للموردين. ويرى الكندي أن هناك بعض الحلول المقترحة، والتي نتمنى من الجهات المختصة أخذها في عين الاعتبار؛ منها: "الإعفاء من دفع الإيجارات الشهرية، والإعفاء من مستحقات تجديد واستقدام العمالة الوافدة، وإنشاء صندوق مساعدات للمساهمة المالية في دفع رواتب العمال والمواد الخام للمشاريع، وتقديم قروض بنكية بدون فوائد أو بفائدة قليلة مع دفعات ميسرة.

أوضاع صعبة

وقالت رائدة الأعمال منى بنت سيف الشكيرية الرئيس التنفيذي لمشروع الجوري للبخور، إن أوضاعهم اليوم صعبة لأن المحلات أغلقت منذ وقت مبكر ولا يوجد إنتاج، وفي المقابل الالتزامات تتراكم، وتوجد لدينا طلبيات خارج السلطنة، ولكن بسبب الأزمه لا نستطيع إرسال الطلبية أو استلام المبالغ المرسلة. وتابعت: التحديات التي تواجهنا كرواد أعمال نتيجة للاجراءات التي اتخذتها اللجنة للحد من انتشار كورونا متشابهة، ولكن بالنسبة لي تتمثل في الالتزام بدفع الإيجارات، والرواتب، واحتمالية تلف بعض المنتجات الموجودة في المحل، وعدم توافر المواد الخام، والإيرادات صفر منذ بداية أزمة كورونا وحتى هذه اللحظة، إلى جانب صعوبة إرسال المنتجات خارج السلطنة، وصعوبة الحصول على المبالغ المرسولة من خارج السلطنة عند شرائها.

وقالت الشكيرية إنها لم تستفد من التسهيلات التي قدمها البنك المركزي؛ كونها ليس لديها أية قروض،  وترى أنه لابد من تقديم الدعم والمساندة المادية لأصحاب المشاريع الصغيرة والمتوسطة لدفع إيجارات المحلات ورواتب الموظفين، وإلزام أصحاب المراكز التجارية بالسماح في الإيجارات خلال فترة الإغلاق، إضافة لشهرين حتى تستقر الحالة الشرائية.

من جانبه، قال رائد الأعمال  أحمد بن عبدالله قاسم الحمزة مدير مؤسسة أحمد الحمزة (مقهى حامض حلو): إنَّ أداء المحل من سيئ لأسوأ في الفترة الحالية، وهناك انخفاض كبير في المبيعات، والأوضاع صعبة ونعتمد على المشروع، ولا يوجد دخل آخر، كما أننا لم نستفد من التسهيلات والقروض. وأضاف الحمزة: يجب أن يكون هناك إعفاء من الإيجار؛ سواء المحل أو السكن والكهرباء والماء، ودعم المشاريع المتضررة بمبلغ مادي.

سحب شيكات الإيجارات والأقساط

وأوضحتْ رائدة الأعمال شذى بنت عبد الله الجابرية صاحبة مشروع ميشان، أنَّ الأوضاع مثل ما يعاني منها جميع رواد الأعمال من حيث قله المبيعات وتراكم الالتزامات؛ حيث إنَّ معظم أصحاب المحلات لم يُراعو الظروف، وقاموا بسحب شيكات الإيجارات، غير عن ذلك بعض البنوك قامت بسحب الأقساط، وبانتظار إعادتها للحسابات بعد مخاطبتهم. وأضافت الجابرية أنَّ أبرز التحديات تكمُن بشكل عام في ضعف الإيرادات والالتزامات المترتبة على صاحب المشروع.

وحول مدى الاستفادة من الإجراءات والتسهيلات التي قدمها البنك المركزي للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة والقطاع الخاص، تقول الجابرية: إن بعض البنوك أبدت مبادراتها في تنفيذ الإجراءات والبعض في انتظار تنفيذه، وأعتقد أنها قد تساعد في تقليل الأزمة بشكل مؤقت، إلا إذا كانت هناك إعفاءات من الفائدة المتراكمة من تأجيل الأقساط.

وقال نصر بن منصور السريري مستثمر في قطاع التعليم صاحب حضانة وروضة "الأيادي الصغيرة": تسبب "كورونا" في انقطاع الإيرادات والكثير من الخسائر المالية. وأشار إلى أنَّ أبرز التحديات تتمثل في التزامهم بدفع الإيجارات والرواتب والتأمينات والضرائب... وغيرها، والتسهيلات التي أعلن عنها البنك المركزي ليست كافية، ولا تخدم جميع الفئات من أصحاب المشاريع الصغيرة والمتوسطة، ونطالب بالمزيد من التسهيلات، والتي تتمثل في الإعفاء من رسوم الضرائب، وفواتير الكهرباء والمياه لمدة ستة أشهر، وتأجيل التأمينات ومساهمة الحكومة بجزء من هذه التأمينات، والإعفاء من رسوم تأشيرات العاملين وتمديد فترات التراخيص.

تعليق عبر الفيس بوك