همسَات

سالم بن لبخيت محاد كشوب

sbkashooop@gmail.com

 

(1)

في بعض حالات الإنجاز التي يصنعها البعض بجهوده الذاتية دون أي مساعدة أو دعم من بعض الجهات التي من المفترض أن تقوم بدورها المناط في هذا الجانب، تقوم هذه الجهات أو بعض المسؤولين باستقبال هؤلاء أصحاب الإنجازات استقبالَ الأبطال والتقاط الصورة التذكارية وإطلاق التصريحات الرنانة، بحضور وسائل الإعلام المختلفة، وكأنها سبب في هذه الإنجازات، ولها دور مهم وكبير فيها، فمتى سنتخلَّص من هذا التملق والنفاق، ونسب إنجاز الغير دون أي مساهمة أو دور في هذه الإنجازات؟!

 

(2)

تُظهر الأزمات أن أبناء الوطن هم خط الدفاع الأول الذي يقف بثبات وعزيمه أمام هذه االمحن، ولا تفيد الثروات أو الخبرات الأجنية للتعامل ومواجهة تلك الظروف، ومن رحم الأزمات تخلق الفرص، والتكيف معها والعمل على أقل الأضرار الممكنة بوجود التخطيط الجيد والإرادة والعزيمة القوية، والتنفيذ السليم، والمتابعة الدقيقة؛ فبالتالي لابد من إعطاء الفرص والتسهيلات والحوافز للكفاءات الوطنية والاستفادة من هذه الدروس ليس لفترة مؤقتة لحين انتهاء الأزمة وإنما بصفه مستمرة.

 

(3)

أثبتت أزمة كورونا أهمية الاكتفاء الذاتي وتطوير الصناعات الوطنية، ورفع مُساهمتها في الناتج القومي، وليس الاعتماد على الاستيراد؛ حيث أغلقت الحدود، ولم يتم الالتزام بالاتفاقيات والمعاهدات الدولية، وإنما اتباع سياسة من يدفع أكثر للحصول على ما يحتاجه من مستلزمات وبأسعار باهظة، وظهرت الكثير من الدول التي كانت تتشدَّق باسم الديمقراطية والعدالة وتطبيق النظام على صورتها الحقيقيه التي أثبتت عكس ما كانت تصرح وتنادي به؛ مما يستوجب إعادة النظر في الكثير من الخطط والسياسات المتبعة والاستفادة من دروس هذا الفيروس بالتركيز على الاقتصاد الوطني والقطاعات الواعدة، والعمل على تنميتها وزيادة نسبة مساهمتها في الاكتفاء الذاتي من كثير من السلع المستوردة، ورفع مساهتمها في الناتج القومي.

 

(4)

سنوات طويلة والمطالبات والخطط والبرامج عن أهمية تنويع مصادر الدخل وعدم الاعتماد على النفط الذي أصبح مصيره ليس بيدنا، فهل سيتم التعلم من الصفعات التي منيت بها الدول المنتجة أم سيستمر مسلسل عدم تعلم الدرس والعيش على خيال أنَّ النفط سيدوم للأبد وبأسعار مرتفعة.

 

(5)

نتمنَّى بعد انتهاء أزمة كورونا تفعيل آليات التحول الرقمي، وإلزاميته في كثير من الإجراءات بين مختلف الجهات، وليس كحل مؤقت واستثنائي خلال هذه المرحلة، مع التعجيل بتوفير البيئه المناسبة المحفزة؛ فالعالم لن ينتظر من يتأخر عن مواجهة تغيرات ومتطلبات العصر، فإما أن تقود إلى الامام بشغف وطموح أو تُقاد وتتحمل تبعات ذلك.

 

(6)

أظهرت هذه الأزمة دور وأهمية بعض القطاعات التي كانت في الصف الأول، ووقفت بكل جدارة وتميز لمواجهة أزمة فيروس كورونا، لا سيما القطاع الصحي، واختفى من كان سابقا يأخذ مساحة كبيرة من الاهتمام والمتابعةـ وهم فئه مشاهير التواصل الاجتماعي، والمؤثرين الذين للأسف البعض منهم كشف أنَّ وقت الأزمات تظهر القطاعات والفئات التي من المفترض الاهتمام بها، وإعطائها المزيد من المزايا والحوافز؛ نظرا للدور المهم الذي تقوم به؛ كونها تستحق كل التقدير والإشادة؛ لأنها تتحمل الكثيرمن المخاطر، وتقوم بتضحيات كبيرة من أجل صحة المجتمع وليس فئة لا تقدم أي إضافة أو خدمة يستفيد منها المجتمع، وهنا لا نعمم على كافة فئات مُؤثري وسائل التواصل الاجتماعي؛ فالبعض قائم بدور كبير في التوعية والتثقيف ونقل الصورة الإيجابيه لهذه الفئه، بعيدا عن الأهداف والمصالح الأخرى من وراء هذا الظهور.

 

(7)

في عِز الأزمات تظهر المعادن الإيجابية الوطنية التي تلبِّي نداء الوطن، وتقف معه بكل بسالة وشجاعة، ولا تهتم بتحقيق مصالحها الشخصية، وتختفي بعض الوجوه التي سابقا استفادت من خيرات أوطانها ووقت الحاجة تُدير ظهرها بمبررات وأعذار واهية وغير مقنعة، وللأسف أحيانا تلجأ إلى استخدام طريقه المساومة وليِّ الذراع من أجل عدم إجبارها على المساهمة، ولو بالقدر البسيط، وظهرت بعض الوجوه والفئات على حقيقتها للأسف؛ فمن لم يقف مع الوطن في أزمته وحاجته الفعلية وقت الأزمة، من المفترض معاملته بالمثل وقت الرخاء، وإعطائه درسًا أن الوطن ليس بالشعارات البراقة، وإنما بالأفعال على أرض الواقع.

من أقوال الشاعر الفلسطيني محمود درويش عن الوطن: "ما هو الوطن؟ ليس سؤالا تجيب عنه وتمضي، إنه حياتك وقضيتك معا".