د. خالد بن علي الخوالدي
Khalid1330@hotmail.com
الحكومة بذلتْ قُصارى جهدها، وقدمت نموذجًا يُحتذى به في إدارة أزمة كورونا، وهذا ليس مدحًا أو مُجاملة، بل بشهادات خارجية وداخلية، قراءات المشهد من جميع جوانبه لتصل لهذه النتيجة، وقد صرَّحت بهذا شخصيات لها باع كبير؛ حيث أكدت حكمة واقتدار الحكومة العمانية، في حين سقطت العديد من الدول العظمى، وقدمت إدارة سيئة لمعالجة جائحة فيروس كورونا، رغم امتلاكها المال والعلم والتكنولوجيا، وكل وسائل التقدم والنجاح، لكنها فشلت في الإدارة، ومع نجاح الحكومة في إدارة الأزمة نحتاج فقط إلى نجاح الوعي المجتمعي حتى تكتمل المنظومة ونخرج بأقل الخسائر البشرية والمادية.
نعم.. الوعي المجتمعي في هذه المرحلة هو الأهم، وهو من يُرجِّح الكفة في الأخير؛ فبدون هذا الوعي لو قدمت الحكومة كلَّ ما تملك لن تنجح ولن يحالفها التوفيق، وعلينا كمجتمع أن نتعاضد ونتكاتف ونتعاون مع ما تقدمه الحكومة ونشكل وعيًا مجتمعيًّا يتحدث عنه القاصي والداني، علينا أنْ نتحمَّل المسؤولية ونؤمن بها ونطبقها تطبيقًا كاملًا، فصبر أيام أفضل من حسرة دهر على فقدان روح غالية.
والمجتمع العُماني مُجتمع واعٍ ومتفهم لما يدور حوله، ويملك ثقافة عالية ولن يكون هو الطرف الذي بسببه قد نخسر المزيد من الأرواح البريئة والخسائر الاقتصادية الكبيرة، وسيثبت الشعب العماني أنه على درجة عالية من الحرص على مقدرات هذا الوطن وسلامة أهله واقتصاده.
إذن، الوعي المجتمعي العماني الصادق والخالص هو الذي نُراهن عليه في قادم الأيام لنجاح إدارة السلطنة لأزمة كورونا، بعد نجاح الحكومة حتى الآن في هذه الإدارة، وإنْ شاء الله سنحقِّق هذا الرهان وسنخرج من هذه المحنة بأسرع وقت وبأقل الخسائر، وسيكون وعي المجتمعي هو العلامة الفارقة والعنوان الأبرز لهذا النجاح.
وإنْ كانت الأسابيع الأولى من هذه الأزمة قد شَهِدت استهتارًا ملحوظًا من بعض الفئات من المجتمع، إلا أنه وخلال الفترة الماضية لامسنا أنَّ هذا الأمر قد قل بدرجة كبيرة، وأنَّ أغلب المواطنين والمقيمين أدركوا خطورة الوضع، والتزموا منازلهم، وقلت الزيارات والسهرات والجولات في المجمعات والأسواق، وانتشرتْ بين أوساط المجتمع النداءات الإيجابية التي تُبشر بأنَّ الوعي المجتمعي في قمة مستوياته، وأن القادم -بحول الله- سيكون جميلًا وبتكاتف الجميع: الحكومة والمجتمع، ستكون الانفراجة قريبة وموفقة بحول الله.
لابد أن نُثبت أننا مجتمع واعي ومثقف ومتعلم، ومتسمك بدينه وإسلامه وإيمانه بالله، ومدرك لجميع المخاطر التي تدور حولنا.. لابد أن نبرهِن أننا أمة عظيمة وذات تاريخ ضارب بجذوره في أعماق التاريخ، وأننا نستمد قوتنا في مواجهة المصاعب والمخاطر من هذا الإرث، لابد أن نُثبت للعالم أنَّ الخمسين سنة من عمر نهضتنا المباركة كانت امتدادًا لذلك التاريخ، وأن الوعي الذي نعيشه اليوم هو انعكاس للعديد من التجارب المرة والمصاعب الجمة التي واجهتنا وخرجنا منها منتصرين بما نملك -ولله الحمد- من حكومة رشيدة ووعي مجتمعي قل نظيره في عالمنا المحيط.
إنَّني شخصيًّا أراهن على أنَّ الوعي المجتمعي العماني حاضرٌ في المواقف الصعبة، وأنَّ الفئة القليلة التي لم تلتزم في الجلوس بالبيت وبالتعليمات سوف تتلاشى أمام الوعي المجتمعي الكبير، وإنَّ الأيام المقبلة سوف تثبت ذلك، وستمر هذه الجائحة بخير وسلام على عمان وأهلها ومن يقيم فيها.. اللهم احفظ هذا البلد آمنا مطمئنا وسائر بلاد المسلمين يا رب العالمين، اللهم اصرف عنا هذا البلاء، وارزقنا خيرَ ما فيه وما جاء به.
ودمتم ودامت عُمان بخير...،