في دحض لادعاءات ترامب بأن الولايات المتحدة تملك المعدات الطبية الكافية

رسائل أمريكية سرية تطلب المساعدة من الدول "عدا روسيا" لمكافحة "كورونا"

◄ "فورين بوليسي": ضغوط أمريكية على هذه الدول للحصول على مساعدات طبية

ترجمة- رنا عبدالحكيم

أصدرت وزارة الخارجية الأمريكية تعليماتها إلى كبار دبلوماسيها بالضغط على الحكومات والشركات في أوروبا الشرقية وأوراسيا لزيادة الصادرات وإنتاج المعدات الطبية المنقذة للحياة والمعدات الوقائية وتصديرها للولايات المتحدة، وذلك في إطار حملة دبلوماسية يائسة لسد أوجه القصور الرئيسية في النظام الطبي الأمريكي وسط ارتفاع عدد القتلى من فيروس كورونا الجديد، بحسب ما نشرت مجلة فورين بوليسي في تقرير.

ويأتي هذا النداء في الوقت الذي تكافح فيه الحكومات الأوروبية نفسها للتعامل مع واحدة من أسوأ الأوبئة التي تنتشر في جميع أنحاء العالم منذ أنفلونزا عام 1918. إنه يمثل تحولا صارخا للولايات المتحدة، التي أخذت زمام المبادرة في محاولة مساعدة البلدان الأخرى الأقل نموا على مواجهة الكوارث الإنسانية والأوبئة.

ويمكن أن يدحض ذلك الطلب ادعاءات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي أصر مرارًا وتكرارًا على أن الولايات المتحدة يمكنها التعامل مع طلبات الاختبارات والمعدات الطبية بمفردها، ورفض تنفيذ قانون الإنتاج الدفاعي بالكامل لتفويض الشركات الأمريكية بإنتاج هذه المنتجات.

وفي غضون ذلك، تسعى الصين إلى تجديد صورتها من خلال إرسال أطبائها وعشرات الآلاف من الأدوات الطبية في الخارج إلى البلدان الأكثر تضرراً من الفيروس التاجي، بعد أن أفسدت الاستجابة الأولية للفيروس، مما ساعد على انتشاره في جميع أنحاء العالم.

واطلعت "فورين بوليسي" على رسالة بريد الكتروني مرسلة من وزارة الخارجية إلى المسؤولين في سفاراتها بأوروبا وأوراسيا- في 22 مارس تحديدا- من الدبلوماسي ديفيد هيل، إلى جميع المكاتب، يطلب منهم أن تبلغ إذا ما كانت الدول الأجنبية ستتمكن من بيع "الإمدادات والمعدات الطبية الحرجة" إلى الولايات المتحدة.

وتقول الرسالة الإلكترونية: "بناءً على الاحتياجات الحرجة، يمكن للولايات المتحدة أن تسعى لشراء العديد من هذه العناصر بمئات الملايين من خلال شراء معدات عالية المستوى مثل أجهزة التهوية بمئات الآلاف". ويشدد البريد الإلكتروني على أن الطلب ينطبق على جميع الدول "فيما عدا موسكو"، مشيرًا إلى أن الولايات المتحدة لن تطلب من روسيا الدعم.

ويؤكد البريد الإلكتروني على خطورة الأزمة الصحية المتصاعدة للفيروس التاجي للولايات المتحدة؛ حيث يستعد المسؤولون الأمريكيون لسيناريو أسوأ الحالات استنادًا إلى الكيفية التي دمر بها الوباء أنظمة الرعاية الصحية المثقلة بالأعباء في دول مثل الصين وإيطاليا. وتسلط هذه الرسالة الضوء على دور وزارة الخارجية من خلف الكواليس في الاستجابة للأزمة حتى في الوقت الذي تسعى فيه لإجلاء المواطنين الأمريكيين العالقين وسط موجة جديدة من القيود على السفر الدولي.

وتقول عدة مصادر دبلوماسية مطلعة على الأمر إن هذا التوجيه الجديد يعكس انعكاسًا حادًا في الموقف التقليدي للسياسة الخارجية الأمريكية؛ حيث تطالب وزارة الخارجية الآن بمساعدة من دول بما في ذلك تلك التي قدمتها الولايات المتحدة لمساعدة أجنبية حيوية لسنوات. وتأتي الرسالة الإلكترونية من مسؤول في مكتب المساعدة الأمريكية لأوروبا وأوراسيا وآسيا الوسطى، وهو مكتب يقوم في الظروف العادية بتنسيق تقديم المساعدة والمساعدات الأمريكية للبلدان في أوروبا وأوراسيا، وليس العكس.

ويشجع البريد الإلكتروني الدبلوماسيين على تقييم الطلبات مقابل الاحتياجات المحلية لتلك البلدان وطلبات الدعم من الولايات المتحدة والدول الأجنبية الأخرى. كما يشجع الدبلوماسيين على الحصول على استثناءات من حظر الصادرات الأمريكية لتسريع تسليم الإمدادات الطبية حيثما أمكن.

ويقول البريد الإلكتروني: "يرجى أيضًا ملاحظة أي قيود ذات صلة أو حظر تصدير، وإذا كان من الممكن الحصول على استثناء  محتمل".

ويأتي هذا التوجيه في الوقت الذي تواجه فيه الولايات المتحدة احتمال حدوث ركود اقتصادي حاد؛ حيث تواجه إدارة ترامب خيارين سيئين: إما رفع القيود الصحية لمساعدة الاقتصاد والمخاطرة بالمزيد من الأرواح، أو الحفاظ على القيود الصحية والمخاطر بقطاع الوظائف.

تعليق عبر الفيس بوك