- أعمال شغب في سجون إيطاليا وإيران.. للهرب أو الموت
- مصر تستجيب.. وتركيا تتجاهل.. و"متحرش هوليود" يبحث عن فرصة
الرؤية – هيثم الغيتاوي
إن كان الحرص على الاستخدام المكثف للمطهرات بغرض التعقيم والحماية من الإصابة بفيروس كورونا حق بديهي للجميع، فإنِّه قد يُصنف في السجون "رفاهية غير مُتاحة"؛ لذلك تصاعدت دعوات المنظمات الحقوقية الدولية وأسر المُعتقلين السياسيين والمسجونين بشكل عام للإفراج عن نزلاء السجون؛ سواء بصورة مؤقتة أو مشروطة، فضلاً عن تكثيف الرعاية الطبية لهم وتوفير مستلزمات الوقاية، التي قد يتضاءل أثرها الفعلي في ظل ظروف الزنازين الضيقة وكثافة عدد النزلاء في كثير من السجون. وفيما كانت استجابات بعض الدول تجاه تلك الدعوات انتقائية؛ بناءً على دوافع سياسية غالبًا؛ يبدو أن الفيروس نفسه كان انتقائيا على نحو ما؛ إذ يُفرّق هو الآخر بين "متحرش هوليود" الشهير والمعتقلين لأسباب سياسية؛ حتى الآن على الأقل!
في فلسطين، قال نبيل أبو ردينة المتحدث الرسمي باسم الرئاسة الفلسطينية إن الرئيس محمود عباس أصدر عفوا عن كل من أمضى نصف مدة العقوبة من المسجونين في قضايا الجنح والجنايات مع احتفاظ حق المجني عليه بالادعاء المدني، مبررا ذلك بمخاطر انتشار فيروس كورونا، لكنه أوضح أنَّ القرار لا ينطبق على المحكومين بعدد من الجنايات الخطرة.
وأفرجت إيران عن 85000 شخص، من بينهم سجناء سياسيين، في خطوة ترمي للحد من انتشار فيروس كورونا في البلاد. وقال متحدث باسم القضاء الإيراني، إنَّ السلطات في بلاده، أفرجت بصورة مؤقتة عن حوالي 85 ألف سجين. وأوضح المتحدث الإيراني غلام حسين إسماعيلي أن "حوالي 50 في المئة من المُفرج عنهم هم من السجناء المحتجزين لأسباب أمنية"، وقد تمَّ اتخاذ إجراءات احترازية في السجون لمواجهة تفشي الفيروس، الذي أودى بحياة 988 إيرانيا وإصابة حوالي 15 ألفا آخرين.
وفي المُقابل، قال موقع "إيران إنترناشونال" إن تفشي المرض في جميع أنحاء المدن الإيرانية، زاد من قلق السجناء وأسرهم مما دفع بعضهم للهرب، بعد أن شهدت عدة سجون إيرانية أعمال شغب، واحتجاجات من قبل السجناء، خوفاً من وصول فيروس كورونا المتفشي في البلاد إليهم. وفي الساعات الماضية، وقعت اشتباكات في سجن بارسيلون في مدينة خرم آباد، غربي إيران، ما أسفر عن مقتل سجين واحد على الأقل على يد ضباط السجن، وهروب نحو 23 سجيناً، وفقاً لبيانات الحكومة، كما وقعت أعمال شغب داخل سجن مدينة أليغودرز في المحافظة نفسها.
وفي أمريكا، قررت السلطات المسؤولة عن السجون الإفراج عن نزلاء بعد تسجيل حالات إصابة بفيروس كورونا داخلها.
وقال عمدة نيويورك إنَّ المدينة ستطلق سراح سجناء "معرضين للخطر" بعد أيام من الإفراج عن مئات السجناء في لوس أنجليس وكليفلاند. حيث قال نشطاء إنَّ السجناء أكثر عرضة للإصابة بالفيروس القاتل. وتشير تقديرات إلى أن هناك أكثر من 9400 إصابة بفيروس "كوفيد-19"، بالإضافة إلى 152 حالة وفاة في الولايات المتحدة حتى الآن. وأظهرت اختبارات أجريت في سجون أخرى في نيويورك إصابات بين السجناء كما توفيّ أحد موظفي قسم الإصلاحيات في الولاية.
فيما قال مناصرو الإصلاح في السجون إن النزلاء يواجهون مخاطر فريدة من نوعها بسبب نقص النظافة في الزنزانات وفي الممرات المكتظة. ولا يستطيع الأشخاص المقيدين تغطية أفواههم عند الحاجة إلى السعال أو العطس، وغالبًا لا يتوافر الصابون، ويعتبر معقم اليدين بمثابة بضاعة مُهرّبة بسبب ما يحتويه من كحول. وتشير تقديرات إلى أنه يوجد نحو 2.3 مليون شخص خلف القضبان في سجون أمريكية.
وفي إيطاليا، قتل 6 سجناء خلال اضطرابات عمَّت السجون، وذلك في غمرة القيود الطارئة التي فرضت في البلاد، والهادفة إلى وضع حد لتوسع انتشار كورونا. وقد انتفض السجناء أمس بسبب تغييرات شملت منع الزيارات العائلية لذويهم في السجون. وفي سجن مودينا نشب حريق وحجز السجناء 26 موظفا من الموظفين كرهائن، واستوجب ذلك تدخل الشرطة الإيطالية التي طوقت السجن لمنع السجناء من الفرار، وتوفي هناك ستة من السجناء، وجرح آخرون، وجرى الإفراج عن الرهائن في وقت لاحق.
ومن جانبها، دعت منظمة هيومن رايتس ووتش سلطات السجون الإماراتية إلى الإفراج المشروط والمُلائم عن السجناء حاملي فيروس نقص المناعة البشرية، مع زيادة عدد حالات فيروس كورونا في البلاد. وبررت المنظمة دعوتها بأن مناعة هؤلاء السجناء الضعيفة، قد تعرّضهم للعدوى، مُطالبة بالإفراج غير المشروط عن المُحتجزين بشكل غير قانوني، بمن فيهم المسجونين بسبب معارضتهم السلمية.
وطالبت المنظمة الحقوقية السلطات الإماراتية أيضاً بالنظر في الإفراج المؤقت المناسب عن السجناء الآخرين المُعرّضين للخطر إذا لم يتمكن مسؤولو السجن من حماية السجناء من انتقال فيروس كورونا. ولفتت إلى أن كورونا يُشكل خطرا بشكل خاص على الأشخاص الذين يعيشون على مقربة من بعضهم البعض، كما هو الحال في السجون، ومراكز الاعتقال، ومراكز احتجاز المهاجرين.
وفي مصر، قررت نيابة أمن الدولة العليا في مصر الإفراج عن نشطاء معارضين كانوا موقوفين احتياطيا منذ شهور عدة، تزامنا مع تزايد الدعوات إلى الإفراج عن كل الموقوفين احتياطيا في السجون بسبب تفشي وباء كورونا المستجد.
وقال مصدر قضائي في مصر إنه تقرر الإفراج عن 15 ناشطا سياسيا، موضحاً أن من بينهم ثلاثة من أبرز معارضي الرئيس عبد الفتاح السيسي وهم حسن نافعة أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، وحازم عبد العظيم العضو السابق في حملة السيسي للانتخابات الرئاسية (عام 2014) الذي أصبح فيما بعد من أشد منتقديه، وشادي الغزالي حرب وهو طبيب كان عضوا في "ائتلاف شباب الثورة" الذي لعب دورا بارزا إبان ثورة 25 يناير التي أسقطت الرئيس الراحل حسني مبارك عام 2011.
وفي تركيا، ارتفع عدد المصابين بفيروس كورونا بعد اكتشاف 29 حالة إصابة مؤكدة جديدة، وقالت السلطات إن جميع الحالات الجديدة مرتبطة بالعودة من دول بعينها، متجاهلة الإمكانية المحتملة لارتباط الفيروس بالوضع الصحي في سجون يُقال إنها سيئة السمعة.
وتشعر عائلات السجناء السياسيين، ولاسيما أولئك الذين يعانون مشاكل صحية، بالقلق على سلامة ذويهم المسجونين، بعد أن قال وزير العدل عبد الحميد غول، إن جميع الزيارات العائلية ستعلق، لمدة أسبوعين، في محاولة لاحتواء عدوى وباء فيروس كورونا. وأضافت الوزارة أنه سيتم فحص درجة حرارة كل من يدخل أو يغادر السجون. ولم تنظر السلطات في طلبات الأسر للحصول على إذن لزيادة مدد المكالمات الهاتفية أو "زيارات مغلقة"، حيث لا يوجد اتصال جسدي بين السجين والزائر.
وفي سياق مختلف نسبيًا؛ أثبتت الاختبارات الطبية إصابة المنتج السينمائي السابق في هوليود، هارفي واينستين، بفيروس كورونا داخل السجن، حيث يقضي الرجل المعروف إعلاميًا بلقب "متحرش هوليوود" عقوبة بالسجن لمدة 23 عامًا، بعد إدانته بالاغتصاب والاعتداء الجنسي على نساء خلال مشواره المهني.
ويقبع واينستين الآن في عزلة، وفقاً لمايكل باورز، رئيس نقابة ضباط السجون في نيويورك. وكان محامو واينستين قد أعلنوا عزمهم الاستئناف ضد إدانته. ويحتجز المنتج السينمائي السابق في سجن ويندي، في شمالي نيويورك. وثبتت إصابة اثنين من السجناء هناك بالفيروس. لكن باورز قال إن العديد من موظفي السجن تم عزلهم، وأعرب عن قلقه إزاء ضباط السجون الذين "يفتقرون إلى معدات الحماية المناسبة".
وأدين واينستين بارتكاب فعل جنسي إجرامي من الدرجة الأولى، ضد مساعدة الإنتاج ميريام هالي في عام 2006، واغتصاب من الدرجة الثالثة ضد الممثلة جيسيكا مان في عام 2013. وتقدمت عشرات النساء باتهامات حول سوء السلوك الجنسي، بما في ذلك الاغتصاب، ضد واينستين منذ أكتوبر عام 2017.
وقال أحد محامي واينستين إن فريقه القانوني لم يتم إبلاغه، بتشخيص إصابة موكله بمرض "كوفيد-19" الذي يسببه فيروس كورونا المستجد. وأضاف عمران أنصاري: "بالنظر إلى الحالة الصحية للسيد واينستين، فنحن قلقون بالطبع إذا كان الحال كذلك، ونحن نراقب الوضع عن كثب". وقبل وصوله إلى سجن ويندي، قضى واينستين وقتاً في سجن "ريكرز أيلاند" في مدينة نيويورك، وفي مستشفى حيث كان يعالج من مشاكل في القلب وآلام في الصدر.. فهل سيكون "كورونا" والحالة الصحية المتدهورة مبررا لإفلات المتحرش الشهير من العقوبة الطويلة؟