التميز في إدارة الأزمة.. قرارات استثنائية تضمن الحد من الخسائر الاقتصادية

◄ البنك المركزي يرفع قدرة البنوك المحلية على الإقراض للمؤسسات.. والحكومة

◄ "مدائن" تقدم محفزات غير مسبوقة في المدن الصناعية

◄ "سوق المال" تغلب مصلحة أصحاب الأسهم عبر تطبيق روح القانون

◄ صناعة الصحافة تنتظر قرارات جريئة

 

الرؤية- نجلاء عبدالعال

 

"كورونا" وتراجع أسعار النفط؛ أزمتان في وقت واحد، دفعتا الحكومة ومؤسسات الدولة إلى اتخاذ مجموعة من الإجراءات والتدابير الاقتصادية التي من شأنها أن تدعم مختلف القطاعات المتضررة من الأزمتين، اللتين دفعتا المؤسسات الحكومية إلى التحلي بالمرونة في قراراتها الاقتصادية الحاسمة والسريعة، والتي تصب مباشرة في صالح الحد من الخسائر المحتملة وتحسين الوضع الاقتصادي العام بأقصى قدر ممكن..

وبما أن الحالة التي يعيشها العالم هي حالة استثنائية، فإن الأيام الماضية شهدت قرارات بعضها ظل يراوح مكانه كمطلب لسنوات عديدة، والبعض الآخر تجاوز حتى أقصى أحلام الخبراء الاقتصاديين.

 

أحد القرارات المهمة كان الاستفادة من أموال البنوك التي تشهد نموا عاما بعد عام، ومن ثم فتح مجال أوسع لاستثمارها، وبقرار من المركزي العماني توفرت 8 مليارات ريال، وأصبح من الممكن أن تستفيد بها الدولة في الاقتراض المحلي، كما أصبح متاحاً ضخ مليارات منها في تنشيط أعمال المؤسسات والشركات بكافة أحجامها.

وتضمنت إجراءات البنك المركزي العماني رفع الحدود القصوى للاستثمار في سندات التنمية والصكوك الحكومية للسلطنة من 45% إلى 50% من إجمالي القيمة الصافية للبنك، وكان من الجيد البدء في ترتيب إصدار صكوك وسندات سيادية جديدة تتاح للبنوك المحلية والدولية، فما دامت البنوك المحلية مالكة لأموال يمكن استثمارها في أوعية مضمونة الفوائد؛ فمن المفيد لجميع الأطراف اللجوء إليها وخفض الدين العام الخارجي، وما كان الأمر يحتاج إلا لمثل هذا القرار الشجاع بتحريك نسب التمويل ومنح المزيد من الحرية في القرارات الاستثمارية.

ولا يتوقف الأمر على إتاحة ضخ المزيد من التمويل للأوراق المالية الحكومية وأدوات الدين العام، ولكن أيضًا ما قرره البنك المركزي من فتح المجال لمزيد من التمويل والتسهيلات للشركات والمؤسسات، ومع ذلك فإنَّ القرار اتسم أيضاً بالحرص اللازم على سلامة النظام المصرفي واحتياطاته ولكن فقط بإتاحة فرصة أكبر لاستثمار هذه القوة عبر تحريك 1.25% إضافية يمكن ضخها في دوران الأموال في السوق عبر القروض والتمويل.

ومن شأن استمرار هذه القرارات أن يحقق المزيد من الانتفاع بأموال البنوك في عجلة الاقتصاد الوطني.

قرار آخر يبعث على التفاؤل بالمرونة والتفاعل الذي يمكن للقرارات أن تؤدي إليه، وهو قرار الهيئة العامة لسوق المال والذي راعى تأثيرات وقف الجمعيات العمومية على توزيعات الأرباح، وأوضاع المستثمرين في السوق.

ويعكس القرار وعيًا يراعي آليات الإدارة الرشيدة للأزمة، فلا معنى لوقف توزيعات الأرباح إلى أجل غير مسمى خاصة وأنَّ التداولات في سوق مسقط مازالت مستمرة ويعرف حملة الأسهم من المستثمرين طويلي المدى أهمية هذه الأرباح التي ينتظرونها من العام للعام في أغلب الشركات، كذلك كان للقرار انعكاس مهم على ثقة المستمرين وزيادة التفاعل مع سوق مسقط رغم الضغوط الهائلة من أسعار النفط، وبجانب هذا وذاك يعرف المختصون أن توزيعات الأرباح ستمثل رواجا وسيولة إضافية في السوق سواء سوق المال أو سوق الاقتصاد بشكل عام.

وتتواصل القرارات المرنة الهادفة لصالح الاقتصاد بشكل متوالي، حيث أصدرت المؤسسة العامة للمناطق الصناعية "مدائن" قرارات لاستمرار الصناعة العمانية والمحافظة عليها؛ سواء في أوقات كورونا أو ما بعده.

القرارات التي اتخذتها "مدائن" أضافت على ما قررته الحكومة من إعفاء من الإيجارات للمصانع في المناطق لمدة 3 أشهر، وزادت عليها وقف المطالبات المالية المستحقة على الشركات خلال الربع الثاني من العام 2020 بأكمله، إضافة إلى الإعفاء من الغرامات المالية وإعفاء من غرامات تأخير السداد خلال هذه الفترة والمقدرة بـ6%، وكذلك تقديم خدمات وتسهيلات مركز الخدمات "مسار" بدون أي رسم خدمات حتى نهاية العام 2020، وجدولة المستحقات المالية على الشركات خلال الربع الثاني من العام الحالي على أشهر النصف الثاني من العام مع إمكانية إعادة جدولتها العام القادم 2021، وبقرار واحد تم أيضًا تأجيل استحقاق رسوم تراخيص مزاولة النشاط للنصف الثاني من العام وعدم وقف الشركات لانتهاء تراخيص مزاولة الأنشطة، وعدم وقف أي ترخيص مزاولة نشاط بسبب عدم تسديد القيم الإيجارية أو ترتب مستحقات مالية ولنهاية العام 2020، مع تمديد فترة السماح للمباشرة بأعمال البناء والتشييد للمستثمرين الجُدد، وتمديد كافة المهل الممنوحة للشركات للمباشرة بالعمليات التشغيلية لنهاية العام 2020.

ولعل من نافلة القول الحديث عن صناعة أخرى بدأت في التأثر المباشر بقرارات الإغلاقات، وهي صناعة الصحافة الورقية والتي تستوعب الآلاف من العاملين في مختلف مراحلها من إعداد وتصميم وإخراج وطباعة وتوزيع، وهي بجانب كونها خدمة فهي أيضاً صناعة وجزء لا يتجزأ من الاقتصاد الوطني، الذي لابد من الحفاظ عليه، ويأمل العاملون في القطاع الصحفي اتخاذ قرارات استثنائية مماثلة لما جرى مع بقية القطاعات، بهدف دعمها وضمان استمراريتها.

تعليق عبر الفيس بوك