ترجمة - رنا عبدالحكيم
انهارتْ الأسواق العالمية مرة أخرى، أمس الأول الإثنين، متجاهلة تخفيضات سعر الفائدة التي أعلن عنها مجلس الاحتياطي الفيدرالي، وجولة جديدة ضخمة من التيسير الكمي؛ حيث أصبحتْ المذبحة الاقتصادية وشيكة، في ظل تفشي الفيروس التاجي الجديد، حسبما وصف تقرير لمجلة فورين بوليسي.
وللمرة الثالثة في أقل من أسبوع، تمَّ تعليق التداول في بورصة نيويورك لفترة وجيزة بعد انخفاض السوق بنسبة 12% تقريبًا عند الافتتاح، وأغلق منخفضًا بنسبة 13% تقريبًا في أحد أسوأ أيامه على الإطلاق، في حين سجَّلت الأسواق في جميع أنحاء أوروبا وآسيا انخفاضات حادة ونفط النفط الخام. على الرَّغم من أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أخيرًا لديه أسعار فائدة قريبة من الصفر، إلا أنَّ التحرُّك لتخفيف السياسة النقدية لم يفعل الكثير لتهدئة المستثمرين المتوترين.
واعترفَ ترامب بأنَّ تفشي الوباء، وأن ما يصاحب ذلك من اضطرابات، يمكن أن يستمر في الصيف، ويمكن أن يؤدي إلى الركود. وقال: "الناس يتحدثون عن يوليو وأغسطس... يمكن أن تكون أطول من ذلك"، في إشارة إلى فترة تأثير الفيروس. وأعلن ترامب توصيات جديدة للحد من التجمعات والنزهات الاجتماعية، لكنها لم تصل إلى حد إغلاق أو حظر السفر المحلي.
وقال بنك جولدمان ساكس إنَّ الولايات المتحدة يُمكن أن تشهد انكماشاً اقتصاديًّا بنسبة 5% في الربع الثاني، وهو انعكاس حاد من المحتمل أن يصنف على أنه ركود. وأظهرت بيانات التصنيع من ولاية نيويورك أكبر انخفاض شهري على الإطلاق. وقال كيفين هاسيت كبير المستشارين الاقتصاديين السابقين لترامب: إنَّ فرص حدوث ركود تقارب 100%، مع خسارة كبيرة في الوظائف في الأفق. وعلى النقيض من ذلك، رفض وزير الخزانة ستيفن منوشين المخاوف من الركود حتى مع انخفاض السوق والمؤشرات الاقتصادية.
وقال جولسبي كبير المستشارين الاقتصاديين السابقين للرئيس باراك أوباما -والذي ساعد في التغلب على الانهيار المالي والكساد العظيم قبل عقد من الزمان: "إن الانكماش بنسبة 5% يعكس تفاؤلا كبيرا... إن الخدمات تهيمن على اقتصادات الدول الغنية، وهذا ما ينخفض بسرعة مع التباعد الاجتماعي. لذا؛ فإنَّ التأثير الاقتصادي منصب على إيطاليا وبقية أوروبا، وعلى الولايات المتحدة سيكون أكبر حتى مما كان عليه في الصين مع تفشي الفيروس".
وللتعامل مع التداعيات الاقتصادية للوباء وتدابير احتوائه، سيتعيَّن على واضعي السياسات أولاً وقف انتشار المرض، ومن ثم اللجوء إلى أدوات أخرى، خاصة التحفيز المالي الضخم. وهذا أحد الأسباب التي أدت إلى أن التخفيضات الحادة في أسعار الفائدة من قبل الاحتياطي الفيدرالي والبنوك المركزية الأخرى، فشلت في تشجيع الأسواق.
وهذا لا يعني أنَّ الإجراء الصارم الذي اتخذه مجلس الاحتياطي الفيدرالي لم يكن ضروريًّا؛ فهو يضخ السيولة في الأسواق المالية ويدفع البنوك المركزية الأخرى إلى خفض أسعار الفائدة أيضًا؛ مما قد يؤدي إلى انتعاش على الطريق.
وأعلنت بعض الدول في أوروبا -مثل المملكة المتحدة، وفرنسا، وإيطاليا- بالفعل عن خطط تحفيز بمليارات الدولارات لمساعدة العمال والشركات الصغيرة على المدى القريب، على الرغم من أنه قد تكون هناك حاجة إلى اتخاذ تدابير إضافية لأن الألم الناتج عن المصانع المغلقة قد ألغي الرحلات، وعمليات الإغلاق الوطنية تتسرب من خلال الاقتصاد العالمي.
وأصبح الضرر الاقتصادي واضحًا بشكل متزايد. وقالت دول مجموعة السبع إن تفشي المرض يشكل "مخاطر كبيرة" للاقتصاد العالمي، وتعهدت باتخاذ أي إجراءات ضرورية. ويتسبب هذا التوقف شبه التام لأعمال شركات الطيران في وفرة غير مسبوقة في سوق النفط العالمية، ومزيد من التفاقم بسبب حرب الأسعار والإنتاج بين السعودية وروسيا. وقد انخفضت أسعار النفط الخام بنسبة 12% في بورصة لندن و9% في بورصة نيويورك إلى ما دون 30 دولارًا للبرميل؛ وهو مستوى منخفض للغاية بالنسبة لكثير من المنتجين الأمريكيين لكسب المال حتى لسداد الديون الهائلة.
ومن المرجح أن تسوء أوضاع النفط في ظل توقعات باضطرابات اقتصادية في أوروبا وأمريكا. وقالت "IHS Markit" شركة استشارات الطاقة الكبيرة -في بيان- إنَّ انهيار الطلب على النفط إلى جانب الإنتاج الإضافي من قبل السعودية يمكن أن يتسبب في إنتاج "أكبر فائض في المعروض العالمي من النفط على الإطلاق"، وهذه أنباء مرعبة لمنتجي النفط الأمريكيين. وتقدر شركة IHS أن انخفاض الأسعار إلى زيادة الفائض من الخام يمكن أن يمحو 2 إلى 4 ملايين برميل يوميًّا من إنتاج النفط الأمريكي. وسيكون لذلك تأثيرات كبيرة على العمالة والإنفاق في جميع مشاريع النفط الأمريكية بالكامل.