"فايننشال تايمز": انهيار أسعار النفط لن يطول.. والخام الرخيص سيدعم النمو

ترجمة- رنا عبدالحكيم

من المحتمل ألا يستمر انهيار أسعار النفط في مارس 2020 طويلًا، على غرار ما حدث في عام 2014، عندما انخفض سعر النفط إلى ما دون 50 دولارًا هبوطا من 110 دولارات في غضون أسابيع قليلة، بحسب مقال أعده بيير نويل زميل في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية، ونشرته صحيفة فايننشال تايمز البريطانية.

ويرى نويل أن هذا التراجع سيؤدي إلى انهيار مؤقت لصناعة النفط الصخري الأمريكي، وما لم يتسبب تفشي الفيروس التاجي في نهاية العالم، فإن النفط الرخيص سيدعم أيضًا جهود صناع السياسة لمساعدة الاقتصاد العالمي. لكن سيكون هناك فرق واحد مهم ودائم على الأقل هذه المرة، وله آثار سوقية وجيوسياسية كبيرة. وستدرك المملكة العربية السعودية قريباً، كما فعلت في عام 2015، أن قرارها المميت بضخ المزيد من النفط لا يقتصر على القضاء على النفط الصخري للولايات المتحدة فحسب، بل على أموالها العامة أيضاً. وسوف تطرق الرياض قريباً باب موسكو مرة أخرى، وبمجرد انهيار إمدادات النفط الصخري الأمريكي، ستستأنف روسيا تعاونها مع المملكة العربية السعودية.

ومع تعافي الاقتصاد العالمي من أزمة "كوفيد-19" بحلول ذلك الوقت، ستؤدي التخفيضات المعتدلة في المعروض من البلدين إلى تسريع انتعاش سوق النفط. وفي الوقت المناسب، سيعود منتجو النفط الصخري الأمريكي أيضًا.

ومع ذلك، فإن هذا الارتداد الحتمي لا ينبغي أن يصرف الانتباه عن عاملين أساسيين كانا بالفعل يعيدان تشكيل أسواق النفط والغاز؛ أولاً: أدت ثورة النفط الصخري إلى تآكل ربحية الصناعة بشكل أساسي. ثانيًا: ستستمر ثورة مصادر الطاقة المتجددة في كبح نمو الطلب على الخام الأحفوري.

تاريخياً، منحت الخصائص الجيولوجية دولا مثل المملكة العربية السعودية ميزة إنتاج نفط رخيص للغاية. ونظرًا لأن النفط والغاز تم إنتاجهما بتكلفة أقل بكثير من سعر السوق، فإن الأرباح الزائدة التي تتمتع بها الصناعة كانت كبيرة جدًا. علاوة على ذلك، مثل التواطؤ بين المنتجين منخفضي التكلفة استراتيجية رابحة، وتم تعويض خسارة الحصة السوقية من خلال تخفيضات الإنتاج بأكثر من الأسعار الفورية، وتحقق ذلك بفضل منظمة أوبك.

وغيرت ثورة النفط الصخري في الولايات المتحدة كل هذا؛ إذ ظهرت منطقة كبيرة منتجة للنفط بقدرة ملحوظة على الاستجابة بسرعة لتغيرات الأسعار وتقليص تكاليفها بمرور الوقت. وخفض أسعار النفط الرخيص الآن يؤثر فقط على الإمدادات الأمريكية، مع تأثير ضئيل على الأسعار العالمية.

ولهذا رفضت روسيا خفض الإنتاج هذا الشهر. حتى لو أدت تخفيضاتها إلى تعزيز الأسعار العالمية، وهو أمر مشكوك فيه بالنظر إلى الصدمة الهائلة التي أحدثها تفشي فيروس كورونا، فمن شأن ذلك أن يبطئ انكماش النفط الصخري الذي تريده موسكو.

وأثر النفط الصخري بشكل أكبر على صناعة الغاز الطبيعي؛ حيث إن صادرات الغاز الطبيعي المسال في الولايات المتحدة تضع الآن سقفًا فعالاً للأسعار العالمية.

علاوة على ذلك، هناك أيضًا ثورة الطاقة المتجددة، إذ أصبحت الرياح والطاقة الشمسية في جميع أنحاء العالم خيارات أرخص من أي وقت مضى لتوليد الكهرباء. وانخفضت تكاليف التخزين وتحسنت عمليات إدارة الشبكات. حتى في الولايات المتحدة، تعمل الطاقة المتجددة على إزاحة الفحم والغاز، كما إن التحول نحو المركبات الكهربائية سيضعف الطلب بصورة أكبر على الوقود الأحفوري الناتج من النفط.

وسيتطلب القضاء على استهلاك الوقود الأحفوري بالكامل تدخلًا حكوميًا مستدامًا ومكلفًا، وهذا أمر غير مؤكد. وفي الوقت نفسه، تعمل قوى السوق على خفض الربحية المعتادة لقطاع النفط.

ويختتم المقال بالقول إن نهاية النفط والغاز ليست على الأبواب، لكن مع ذلك، فإن نهاية الهيدروكربونات كصناعة مربحة باتت واضحة. وهذا يتحقق بصورة جلية ويتضح ذلك في الانهيار الحالي لأسعار النفط، لكن هذا الانهيار مجرد رسالة من المستقبل.

تعليق عبر الفيس بوك