حمد بن سالم العلوي
إنّ الله تعالى خلق الكون في ستة أيام، ذلك ما أكّده القرآن الكريم في آيات كثيرة، ومنها في الآية 59 من سورة الفرقان، بقوله تعالى:(الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ الرَّحْمنُ فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيرًا) وفي آيات آخر فصّل ذلك تفصيلا دقيقاً ليظهر للناس ليس الإعجاز الرباني في الخلق وحسب، وهو القادر على أن يخلق ذلك كله في طرفة عين لو شاء الله، ولكن أراد الله تعالى أن يُعلَّم الإنسان التدرّج في أعماله، وإتقان العمل الذي أوكل إليه، ووضع الأهداف المراد تحقيقها، وتحديد الأسباب والسُّبل للوصول إليها، أما ما يطلبه بعض المتسفِّرة كما يقال "والمتسفِّرة" هنا وهو مفرد متسفِّر يُعرِّفهم العُمانيون بأولئك القلة من الناس الذين يربطون العمامة على رؤوسهم، ويزينون شكلها ومنظرها، فيأخذون لهم مجالس للنقد دون العمل، وليس لهم همٌ غير النقد وتوجيه اللوم للآخرين ويأخذون الأمور بالتبسيط الشديد، وأصل المثل يقول: (يا مسهل الحرب على المتسفِّرة).
إذن؛ لا فظاظة ولا غلظة في الحكم الرشيد، والذين تحدثوا بعاطفية وتهور عن المراسيم السلطانية التي صدرت هذا الأسبوع، وأنّها لا تشفي غليلهم، فنقول لهم؛ ليس غليلكم وإنّما غلكم الذي تطلبون يحتاج إلى الشفاء والتعافي؛ فالمراسيم السلطانية لا تأتي بناءً على طلب الأفراد، وإنما تأتي حسب مقتضيات المصلحة العامة، وبما تخدم الكافة دون استثناء، وذلك بحسب التوقيت المناسب لها، والأغراض التي رسمت لخدمتها، وجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم - حفظه الله وثبَّت خطأه على الحق والصواب - لقد صرّح من خلال الخطاب السامي الذي ألقاه بعد انتهاء فترة الحداد الرسمي للسلطنة، وبيَّن من خلاله منهاج العمل، ولم يطرح وعوداً انتخابية، وهو سلطان لعُمان خلفاً لسلطان سلف، فلا يحتاج أن يُلقي بالوعود للوصول إلى السلطة، بل السلطة أتته بالتكليف لا بالطلب، ولكن هناك مضامين كثيرة أتت في فحوى النطق السامي، وعلى كل لبيب أن يفهم الأهداف والمغزى من ذلك.
وإنّ من المؤكد لن تكون هناك غضاضة، أو إجحاف في حق أحد، وجلالته - أعزّه الله - ملتزم بالحفاظ على دولة القانون والمؤسسات، والحوكمة الرصينة في إدارة الدولة، أمّا من يستغل حرية الرأي التي كفلها النظامي الأساسي للدولة، وأكّد عليها جلالته - أبقاه الله ونصره - في خطاب العرش، فهو نفس النظام والتوجيه الذي يحمي حقوق الآخرين من النّاس ومن التجنِّي عليهم، وذلك بالتهم المرسلة، وتشويه سمعة الآخر، بمجرد وجود ضغائن شخصية، وإلا كيف يفتح البعض صفحاتهم في وسائل التواصل الاجتماعي، ليكيل التهم للناس دون هوادة، وينعتهم بالإجرام والفساد، ويطلب أن تشملهم المراسيم بالإزاحة والعقوبة، ترى كيف لهذا الإنسان أن يسمي نفسه وطنياً من الدرجة الأولى؟! وهو علم بفساد موظف - كما يقول - وأياً كنت مرتبته، فلم يتقدم بإبلاغ السلطات المعنية، بما تأكد له أو حتى مجرد شك فيه بفساد ذلك الموظف، أمّا إرساله للتهم على هوى النفس.. فلا يجوز، وحتى الحكم بالتقصير على الناس بغير علم، أو بدون معايير محددة ومتفق عليها، فإنه يُعد جريمة يستحق مرتكبها العقاب عليها.
إنّ المراسيم السلطانية التي صدرت لحد الآن، لم يفهم منها أنّها نهائية ولا شيء بعدها، فلماذا هذا التجني على القيادة الرشيدة؟! ولماذا يسمح البعض لنفسه أن يورد قائمة بالوزراء الذين لا يحبهم هو في الوظيفة؟! فهل كلف بالتدقيق عليهم فوضح له إخفاقهم في العمل؟! إذن ما دور الأجهزة الحكومية المعنية بذلك في هذا المقام؟! فجلالة السلطان هيثم بن طارق المفدى يتحلى بخبرات متراكمة في شؤون الحكم وإدارة الدولة، والذي سمع أو قرأ الخطاب السامي لجلالة السلطان هيثم المعظم - حفظه الله وأعزه - يؤكد ما يريده المقام السامي لعُمان العز والمجد، لذلك نقول رُويدكم أيّها المستعجلون، فإنّ جلالته اختيار صائب للمرحوم جلالة السلطان قابوس بن سعيد بن تيمور - طيب الله ثراه - والرجل ليس شاباً يافعاً ليأتي اليوم فيتعلم فنون الحكم والإدارة، فهو سليل حكم رشيد؛ وهو إضافة إلى ذلك قضى زمناً طويلاً وهو شريك في السلطة لأكثر من أربعين عاماً، هذا إذا غضضنا النظر عن حقبة السبعينيات التي قضاها في الدراسة والإبتعاث الخارجي.
إذن؛ ليس علينا الآن إلا توحيد الصف خلف قائدنا الشهم القدير الجدير بما آل إليه من حكم رشيد، فلا فظاظة ولا غضاضة لأحد فيه، وعلينا أن نكون جندا أوفياء لعُمان وسلطانها المبجل جلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم - حفظه الله ورعاه - وألا نُعير سمعاً أو اهتماما لبعض الخونة، والمأجورين من بعض الأشقياء في الجوار القريب، ونحن على ثقة تامة في قيادتنا العظيمة، وهي سليلة دوح مجد شريف عظيم، وثقتنا كبيرة في الشعب العُماني الأبيِّ، فهو الطّود الرَّفيع الذي ستتحطم خلف سوره العالي، كل المؤامرات الرخيصة والخبيثة، وستظل عُمان تسير من رقيِّ إلى رقيِّ، حفظ الله عُمان وسلطانها وشعبها العزيز، وكلنا على يقين تام أن اّلخير آتٍ لعُمان وأهلها عبر نهضة مستمرة متجددة، تخلو من العقد والبيروقراطية المقيتة، وذلك بإذن الله تعالى.