الخطاب السامي.. انعكاس لنبض المواطن واهتماماته

 

عبدالله بن علي النبري

لواء متقاعد - شرطة عمان السلطانية


بداية أوجه تحية إجلال وإكبار لوالدنا جلالة السلطان قابوس بن سعيد بن تيمور- طيّب الله ثراه -على قيادته الحكيمة لهذا البلد العظيم، وكلمة ثناء وعرفان على ما قدّمه لشعبه من عيشٍ كريمٍ وما بناه لعمان من تنمية عظيمة قادها- رحمه الله- مكرسا حياته طوال 50 عامًا من حكمه الرشيد، فله طيب الله ثراه كل الشكر على ما قدم والامتنان على ما أعطى، وأسكنه الله رياض الجنان والفردوس الأعلى، وعوّض عمان وشعبها بمن وضع فيه الثقة وتوسم فيه حسن الظن.

وأرفع خالص التهاني وصادق الولاء والطاعة لمولانا حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم - حفظه الله ورعاه- بمناسبة تولي جلالته مقاليد الحكم، سائلين الله أن يوفق المقام السامي في قيادة البلاد وإثراء التنمية فيها والمحافظة على الأمن والاستقرار الذي تنعم به عماننا.

في هذا المقال، أوجه بكل التواضع الواجب لمولاي صاحب الجلالة السلطان المعظم- أيّده الله- كلمة افتخار واعتزاز لما تضمّنه خطابه السامي من مواضيع جامعة وشاملة مثلت نبض المواطن واهتماماته، وما يجب أن تسير عليه البلاد في المرحلة المقبلة لمواجهة التحديات المالية التي تستوجب إعادة هيكلة الجهاز الإداري للدولة، وتقليص أعبائه وترشيد الإنفاق، وتقليل الدين وتشديد الرقابة وخلق قدرات فكرية وإحلال من أعطوا لسنوات متيحين المجال لإخوانهم لمواصلة المسيرة، ونسأل الله أن يوفق جلالته بخطوات تنفيذ تحقق أهداف جلالته وتخدم طموحات شعبه.

وبالتعبير الهادف والطرح البناء، نقول إنّ ما يبعث على الارتياح انخراط الأبناء في العمل ليشاركوا في تنمية البلاد، ومع علمنا بشح العائدات في مقابل الإنفاق، إلا أننا نشعر بالاطمئنان أنّ جلالة السلطان قد وضع أبناءه ضمن أولوياته، وبأخذ هذا الحرص السامي نتلمس في مقالنا جوانب من أهمية وضرورة وضع خطط جديدة لإحلال متدرج للعمانيين محل الوافدين، مقدرين دور وزارة القوى العاملة التي بذلت- ولا زالت تبذل- جهودا في تشغيلهم فور تخرجهم قي ظل منافسة مئات الآلاف من الوافدين من التنفيذيين لهم، رغم أنّ كثيرا منهم بنفس أو أقل من مؤهلات العمانيين في القطاع الخاص، مثل المصارف والشركات المالية والاستثمارية والاستشارية والاتصالات والتجارة والصناعة والمقاولات ومكاتب الهندسة والتدقيق والمحاماة والخدمات، وما أكثر ما لم يذكر.

ومع توجّس الآباء جراء فترة بحث الأبناء عن عمل، فإنّ الأهميّة تقتضي تغيير ومعالجة هذا الوضع باستثمار أبنائنا لقدراتهم الفكرية ذاتيا في مواقع العمل مدفوعين بمؤهلاتهم وتخصصاتهم، وبأن تنظر الحكومة في تسخير عائدات القطاع الخاص للمساهمة في رواتب العمانيين لدفعهم بشدة كي يتمكنوا من منافسة الوافدين، وهو استثمار سيساهم في وضع حلول لوضع التوظيف الحالي، إلى جانب البناء على شراكة حكومية مع القطاع الخاص بمحفزات إجرائية تشجع الاستثمار المحلي والخارجي، وتسهل استقطابه في مشاريع خالقة لفرص العمل، وذلك للحد من نزيف المال بهجرة ملايين الريالات من رواتب الوافدين وأرباح شركاتهم شهريا في وقت تكون فيه البلاد أحوج لتدويرها اقتصاديا واستثمارها داخليا.

ومن أجل هذا، نقترح على الحكومة، إذا كان الاقتراح صالحا وقابلا للتطبيق، النظر فيما يلي:

    وضع استراتيجية شاملة لتأهيل أبنائنا وفق تخصصاتهم المسجلة حاليا، وتلك التي ستأتي من مخرجات التعليم العالي ضمن خطط وبرامج وآليات تنفيذ واقعية، وحسبما تسمح به العائدات والروافد المقترحة في مقابل فترات الممارسة لاكتساب الخبرة.
    حصر الوظائف والمهن التي يشغلها الوافدون من حاملي المؤهلات والتخصصات الموازية لمؤهلات وتخصصات العمانيين، وتحديد فترة زمنية يحتاجها العماني لاكتساب الممارسة الكافية والخبرة المطلوبة في كل وظيفة ومهنة لخدمة أهداف الإحلال.
    وضع لوائح جزاءات رادعة تطبق على العمانيين والوافدين محل الإحلال في جهات وشركات القطاع العام والخاص.
    إخضاع خطط وبرامج التنفيذ ولوائح الجزاءات للتقييم والرقابة تقوم بها فرق متخصصة ومؤهلة في فترات دورية، بهدف مراقبة سير تنفيذها وفرض عقوبات عدم التزام على العمانيين أو الوافدين والشركات مع إلزام الشركات التي تحصل على مشاريع حكومية بتحمل تكاليف الإحلال خلال فترات تنفيذ المشاريع.

ولتطبيق الاستراتيجيات والخطط ولضمان نجاحها فإنّه لا بد للجهات المعنية في الحكومة أن:

    تنظر في توظيف العائدات السنوية من رسوم مأذونيات العمل والفحص الطبي وتأشيرات العمل والإقامة للوافدين وعائلاتهم للمساهمة بنصف رواتب العمانيين المراد إحلالهم محل الوافدين، وإذا لم تسمح الأوضاع المالية الحالية بذلك، الآن فيمكن توظيفها مستقبلا في حين يمكن الآن الأخذ بالروافد الجديدة المقترحة.

    يبدأ تنفيذ الخطط بتشغيل الباحثين عن عمل من مخرجات التعليم العالي المسجلين حاليا يضاف إليهم مخرجات التعليم العالي الجديدة عند تخرجهم حسبما تسمح به عائدات الرسوم والروافد المقترحة، وفيما يلي المقترحات مثل: إنشاء صندوق للإحلال يتم تحويل العائدات المذكورة أعلاه والروافد الأخرى إليه لتوظفيها عند تنفيذ الإحلال. وبمثال نفترض أنّ عدد الوافدين في القطاع الخاص مليون ومائتا ألف، فنأخذ 90% من غير عمال المنازل، برسم كل مأذونية وما يتبعها (وهو ما يصل إلى 372 ريالا)، والنتيجة ستكون تحصيل 401,760,000 ريال كل سنتين عند تجديد الإقامات. ونفترض أنّ عمالة المنازل من الفئة الأولى 120 ألفا برسم مأذونية وما يتبعها 212 ريالا، ومن الفئة الثانية 12 ألفا برسم مأذونيّة وما يتبعها 312 ريالا، وأنّ العائلات تشكل 15% من الوافدين برسم إجمالي 127 ألف ريال كل سنتين، فنجد أنّ إجمالي رسوم عائدات العمالة كل سنتين 432633 مليون ريال، بواقع 216316 مليونا كل سنة.

وبحسبة مفترضة لمساهمة الحكومة بنصف راتب العماني الذي سيحل محل الوافد لفترة سنتين على أساس رواتب حاملي (الدبلوم 450 ريالا، البكالوريس 750 ريالا، الماجستير 800 ريال) بإجمالي 1000 ريال شهريا موزعة مناصفة بين الحكومة وشركات القطاع الخاص التي تشغلهم، نجد أنه بتوزيع العائدات السنوية 216316 مليون ريال بمعدل 334 ريالا شهريا، بنفس معادلة رواتب الثلاثة، إذن سنتمكن من توظيف 27 ألف عماني في السنة الأولى وكفاية العائد السنوي لتغطية رواتب نفس العدد لمدة سنتين. وهكذا يتكرر استخدام العائدات ويتكرر التوظيف إذا اقتصرت فترة الإحلال على السنتين. ويمكن ارتفاع العائد وأعداد التوظيف بإضافة الروافد المقترحة وخلق روافد جديدة مع الوقت. وسيتيح هذا تلقائيا نزول ودوران وتضاعف ما يقرب من 18.36 مليون ريال شهريا و 108.318 مليون ريال سنويا برواتب العمانيين محل الإحلال في السوق المحلي، هذا في حين تعمل وزارة القوى العاملة على استمرار استيعاب أعداد باقي مخرجات التعليم العالي وما دونها عموما بخطط وبوسائل التوظيف والإحلال الحالية والجديدة الأخرى دونما مساهمة من الحكومة، وسيعمل تزايد الأعداد واكتسابهم الممارسة والخبرة على اشتداد منافسة العمانيين للوافدين في مواقع العمل على المدى البعيد، بما يعني إحلالا مستمرا في شتى الوظائف والحرف والمهن، علما أنّ الشركات لن تتأثر بهذا الإحلال ذلك أنّ هذا العدد السنوي سيتوزع بين آلاف الشركات.

ونورد فيما يلي أمثلة روافد مقترحة يمكن أن تسمى (رسوم مساهمات إحلال) التي يمكن للحكومة أن تأخذ بها كلها أو بعضها أو ترفعها أو تخفضها، ويمكن كذلك إضافة روافد أخرى من تبرعات مالية أو عينية من الشركات ورجال الأعمال ومن أية جهة أخرى من باب الواجب الوطني.

هذا وقد تمّ انتقاء الروافد المقترحة بألا تمس المواطن بل تخدمه وتضع أقل الأعباء على القطاع الخاص وتخلق روافد للصندوق وتسرع خطى التوظيف والإحلال وتقلل من أعداد الباحثين عن عمل وتوفر فرص عمل لمخرجات التعليم الجديدة.

رسوم مساهمات إحلال مختارة ومقترحة:

    رسم بمقدار (4 و2 و1) ريال على الشاحنات الكبيرة، المتوسطة والصغيرة بأنواعها المسجلة في السلطنة أو خارجها عند دخولها المنافذ البرية.
    رسم بمقدار (15 و7 و4) ريال على رحلات طائرات الركاب والشحن الكبيرة والمتوسطة والصغيرة التجارية والخاصة التي تستخدم مطارات السلطنة.
    رسم بمقدار (15 و7 و4) ريال على سفن الركاب والنفط والشحن الكبيرة والمتوسطة والصغيرة التجارية والخاصة التي تأتي لموانئ السلطنة.
    رسم بمقدار 100 ريال شهريا على المصارف وشركات النفط والغاز والشركات المساهمة بأنواعها.
    رسم بمقدار 50 ريالا شهريا على الشركات من فئة رأسمال مليون ريال فما فوق بأنواعها.
    رسم بمقدار 25 ريالا شهريا على الشركات العمانية والأجنبية العاملة في موانئ صحار وميناء السلطان قابوس والدقم وريسوت وتشمل شركات المناطق الحرة.
    رسم بمقدار 25 ريالا شهريا على صناديق التفاعد.
    رسم بمقدار 30 و15 ريالا شهريا على المصانع الكبيرة والمتوسطة بأنواعها التي تعمل في المناطق الصناعية مثال الرسيل وصلالة وصحار ونزوى وغيرها.
    رسم بمقدار 20 ريالا شهريا على المراكز التجارية و10 ريالات على المحلات والمطاعم والورش وغيرها بأنواعها في محافظة مسقط.
    رسم بمقدار 10 ريالات شهريا على المراكز التجارية الكبيرة و5 ريالات على المحلات والمطاعم والورش وغيرها بأنواعها في محافظات وولايات السلطنة خلاف مسقط.
    رسم بمقدار 5 ريالات شهريًا على المحلات والمصانع والورش في المحافظات والولايات بأنواعها.
    رسم بمقدار 3 و2 ريال شهريا على الوافدين من وظيفة مدير فما فوق العاملين في القطاعين العام والخاص.
     رسم بمقدار 1 ريال شهريا على الموظفين الأجانب العاملين في القطاعين العام والخاص من فئات الرواتب من 300 ريال فما فوق.
     رسم بمقدار 1 ريال شهريًا على العمانيين من فئة الرواتب 1500 ريال فما فوق.
     رسم بمقدار 1 ريال شهريًا على القادمين للسلطنة من الأجانب عبر المنافذ الجوية والبرية والبحرية سواء من العاملين في السلطنة أو الزائرين لها.
     رسم بمقدار 3 و2 ريال على تسجيل وتجديد الشاحنات التجارية الكبيرة والمتوسطة يحصل سنويا عند التسجيل والتجديد.

    رسم بمقدار 1 ريال شهريا على فواتير استهلاك الشركات والمصانع والمحلات والورش وغيرها بأنواعها من الكهرباء، الماء، الهاتف الثابت، النقال والشبكة العالمية.
    رسم بمقدار (2 و1) ريال على الشركات (غير المتوسطة والصغيرة العمانية) عند تسجيل وتجديد السجل التجاري.
    رسم بمقدار (2 على الأجنبي) و(1 على العماني) في معاملات بيع وشراء الإراضي التجارية والسكنية وتحصل مزدوجة من البائع والمشتري عند تسجيل عقود البيع والشراء.
    رسم بمقدار (10) ريالات شهريا على شركات بيع الوقود والمشتقات النفطية للطائرات والبواخر، ورسم بمقدار (5) ريالات على محطات تزويد السيّارات بالوقود (لا على المستهلك).
    رسم بمقدار (1) ريال على إقامة كل نزيل أجنبي في المنشآت الإيوائية بمختلف فئاتها وأنواعها ومستوياتها.
    رسم بمقدار (10) ريالات شهريا على المستشفيات و(5) ريالات على العيادات الخاصة بأنواعها (لا على المرضى).

ونقترح إتاحة الفرصة للوافد من الفئات التنفيذية الداعمة للتنمية والمساهمة فيها بالبقاء في السلطنة بعد الإحلال (في حال الرغبة) على أن يستثمر في شركة قائمة أو ينشئ شركة استثمارية جديدة ذات أهداف اقتصادية وتنموية وتخلق فرص عمل، لتظل عمان واحة خضراء لكل من يشارك في تنميتها ويتمتع برغد العيش والأمان والاستقرار فيها.

تعليق عبر الفيس بوك