تزايد الصراع العسكري في سوريا

تركيا وروسيا وضع متدهور في "إدلب"..ومسكنات التهدئة لا تنفع

 

-الغارات السورية أسقطت 33 جنديًا تركيا.. و"إسطنبول" ترد

- جولة مفاوضات بين بوتين وأردوغان.. ومخاوف من فشل "التهدئة"

باحث في العلاقات الدولية: تركيا لن تتراجع إلا بتخصيص منطقة آمنة

محمد البرمي – الرؤية

روسيا "مستعدّة للعمل على خفض التصعيد" في منطقة إدلب شمال غربي سوريا "مع جميع الراغبين بذلك"، أعلنها السفير الروسي لدى الأمم المتحدة فاسيلي نيبينزيا، أول أمس الجمعة، أمام مجلس الأمن الدولي مُلخصًا بذلك طبيعة الصراع بين تركيا وروسيا في إدلب السورية.

الساعات الماضية شهدت مواجهات عنيفة سقط على إثرها 33 جنديًا تركياً في غارة شنتها طائرات تابعة للنظام السوري، لكن "إسطنبول" توعدت بالرد وذلك بشن غارات متكررة على القوات السورية.

وعقب الغارة، ترأس الرئيس التركي رجب طيب أردوغان اجتماعا أمنيا رفيع المستوى، ونقلت وكالة الأناضول التركية الرسمية عن فخر الدين ألطون، رئيس دائرة الاتصال في الرئاسة التركية، قوله إن "كل أهداف" الحكومة السورية تتعرض للنيران من قبل وحدات الدعم الجوي والبري التركية.

وتشنّ قوات النظام بدعم روسي منذ مطلع ديسمبر الماضي هجوماً واسعاً ضد مناطق سيطرة "هيئة تحرير الشام" وفصائل معارضة أقل نفوذاً في إدلب ومحيطها، تسبّب بنزوح نحو مليون شخص، وفق الأمم المتحدة، ومقتل أكثر من 400 مدني، بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان.

المُواجهة بين الطرفين على ما يبدو لن تتوقف إلا في حالة الوصول إلى حلول ترضي كل الأطراف فروسيا تريد إعادة كل الأراضي إلى النظام السوري وإخراج القوات التركية حسب رغبة نظام بشار الأسد الذي يرفض التواجد التركي تمامًا في إدلب، وبين النظام التركي والذي يرغب في تواجد عسكري في إدلب لتحقيق أمرين الأول إنشاء منطقة آمنة والثاني البقاء مسيطرًا على الأوضاع لتجنب المواجهات مع الأكراد.

وتعتبر إدلب منطقة مفتوحة حاليًا للمواجهات التي قد تتوقف في أي وقت حال توصل الرئيسين التركي والروسي إلى حلول حول حدود المنطقة الآمنة ومساحتها، وما قد يحدث بعد ذلك من تفاهمات.

الولايات المُتحدة الأمريكية هي الأخرى لم تقف مكتوفة الأيدي حيث أعلن وزير الخارجية مايك بومبيو دعم بلاده لتركيا مؤكدا -في بيان- أنَّ الولايات المتحدة تُدين بشدة بالغة الهجوم الذي اعتبره "حقيرا ووقحا".

وقال بومبيو "تصرفات نظام الأسد وروسيا والنظام الإيراني وحزب الله تحول دون استتباب وقف إطلاق النار شمال سوريا".

كما أدان حلف شمال الأطلسي (ناتو) الغارات الجوية "العشوائية" من جانب الحكومة السورية وروسيا على محافظة إدلب، وأعرب عن التضامن مع تركيا وقدم التعازي في جنودها الذين قتلوا الخميس.

 الباحث في العلاقات الدولية محمد حامد قال في تصريحات خاصة لـ"الرؤية":لا أعتقد أنَّ المواجهة بين روسيا وتركيا سوف تستمر لكن غياب التفاهمات يجعل الموقف أكثر تأزمًا.. روسيا لن تتوقف حتى تعيد كل شبر من سوريا إلى نظام بشار الأسد، وتجلى ذلك في زيارة الرئيس الروسي إلى دمشق الشهر الماضي وزيارته للمسجد الأموي والاحتفاء الذي حظي به وكان هناك وعود لإعادة إدلب كاملة"

وأضاف حامد:"تركيا بدورها لن تقبل إعادة إدلب على الأقل المنطقة الشمالية، لأنّ إسطنبول تريد مزيدا من الاستقرار في المنطقة كي تظل مسيطرة على الوضع بسبب مخاوفها من الأكراد، لذا لن يتنازل أردوغان كما تنازل من قبل في الغوطة الشرقية، كما أنَّه يخشى من المواجهات المستقبلية مع نظام بشار الأسد الغاضب من كل الانتهاكات التركية على مدى العشر سنوات الماضية ضده".

وتابع حامد:" الأقرب أن يصل كلا الطرفان إلى حلول حول إقامة منطقة آمنة والوصول إلى إتفاق يرضي جميع الأطراف وإلا سوف تتصاعد المواجهات ويتأزم الأمر أكثر".

أما جلال سلمي الباحث في العلاقات الدولية فقال لـ"الرؤية":"روسيا وتركيا تسعيان لعض الأصابع قدر الإمكان ما قبل اجتماع أردوغان بوتين، وقبل الجلوس على طاولة المفاوضات يسعى الطرفان لرفع مستوى قدراتهم وأوراقهم".

وأضاف سلمي :"على المستوى الاستراتيجي فكلا الطرفان متفقان على إقامة منطقة آمنة تحت القيادة التركية لكن الخلاف التكتيكي حول مساحة هذه المنطقة، وإذا لم يتم التواصل إلى حل فستستمر المُواجهات على الأقل حتى لقاء أردوغان وبوتين".

وتابع سلمي:"تركيا وروسيا ليسوا حلفاء لكن بينهم علاقات طبيعية، والمسار العسكري يستخدم بشكل مؤقت للضغط على بعضهم البعض، وأنا أرى أن هناك توافقاً ربما الخلاف الوحيد فقط سيكون حول مساحة المنطقة الآمنة ..تركيا لن تتنازل عن 30 كيلو متراً وتريد تثبيت المساحة، وفي حالة التوافق بين أردوغان وبوتين قد تنتهي المواجهة ويبقي الأمر دبلوماسيا، لكن إذا فشل لقاء بوتين وأردوغان قد تتكرر المواجهة حتى يكون هناك توافق بين الطرفين".

 

 

 

تعليق عبر الفيس بوك