وداعاً يا فقيد الوطن

 

سعود بن عبيد بن شامس الجهضمي **

 

الحمد لله رب العالمين حمداً يفوق حمد الحامدين ويربوعلى شكر الشاكرين الحمد لله الذي كتب على الخلق الفناء وقال في محكم آياته " كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ وَيَبْقَىٰ وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ" الحمد لله المحمود على السراء والضراء على حد سواء سبحانه لا راد لقضائه ولا معقب لحكمه، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

في الحقيقة إنني لست بكاتب ولا صحفي ولكن هول المُصيبة والفاجعة في فقيد الوطن الغالي في أعز الرجال وأنقاهم دعاني أن أكتب هذه الأسطر المتواضعة لأعُبر عن ما في نفسي من مشاعر حزينة، وداعًا يا أبي قابوس الخير فارقتنا بعد أن أفنيت عمرك في بناء هذا الوطن العزيز لقد وفرت لنا نعمة الأمن والأمان هذه النعمة العظيمة التي يغبطوننا عليها معظم الدول التي سُلبت حرياتها وتشتت شعوبها وعاشوا في مراكز الإيواء واللاجئين.

تاريخ 11 يناير 2020 كان يوم سبت ثقيل يوم  فجر حزين، تلقينا الخبر وكأنه صاعقة من فجاعته، في صباح هذا اليوم الحزين خرج المواطنون في محافظة مسقط على  الشارع العام لوداع الجثمان الطاهر يودعونه بالبكاء والحزن وأما نحن والمواطنون في المحافظات الأخرى فجلسنا أمام شاشة التلفاز نتابع الحدث المحزن لتشييع الجثمان  الطاهر وقد خيَّم علينا الحزن والبكاء، ( يقال إن من يموت لا يأخذ معه من الدنيا شيئاً إلا هذا الرجل العظيم مات وأخذ معه وطناً بأكمله) ستظل  رغم الموت فينا فارسا إن الحياة تخلد الأبرار.

قابوس اسم مُميز يا أسطورة الرجال على مر الزمان كنت استثنائيا عظيما أبا حنونا لقد كنت مهابا حيا وميتا سيبقى رحيلك ذكرى خالدة، إنني على يقين تام بأنه سوف تؤلف الكتب والمجلدات في ذكراك العطرة في الإنجازات العظيمة الخالدة التي تحققت على يديك الكريمة سوف تكتب وكتبت قصائد الرثاء وتُقام الندوات والأمسيات في تأبينك ورثائك وذكراك، رثاك العالم العربي والإسلامي والدولي لقد توافدت الوفود العربية والأجنبية لتقديم واجب العزاء لأنك كنت رجل السلام ورجل الحكمة، رحمة الله تغشاك ياسيدي ويجعل الجنة مثواك وجزاك الله خير الجزاء، رحلت عن الدنيا ولكن لن ترحل من قلوبنا ستظل خالدا في كل بقعة من أرض عُمان ولن ننساك أبداً وعدًا منِّا يا أبي قابوس نم قرير العين طيب الله ثراك، لقد كسرت قلوبنا برحيلك، بكاك الصغير والكبير بكاك كل مُقيم على أرض عُمان الغالية، منذ رحيلك وعمان تلبس ثوب الحداد والعالم يعزيها ونحن ندعو ونبتهل، الأرواح عطشى والأمهات ثكلى، والكل في سبات الألم العميق، إنه لفقد عظيم ومصاب جلل لكننا لا نقول إلا ما يرضي ربنا "إنا لله وإنا إليه راجعون" سنسير على نهجك الحكيم فأنت المدرسة القابوسية بمعنى الكلمة،  لوجلست أكتب فترات طويلة ولو بماء الذهب لم أوف حقك، رحمك الله يا من أحببناك أباً وقائداً وحاكماً، ستظل حياً في قلوبنا وسنذكرك دائماً نحن والتاريخ والأجيال القادمة، أما الحداد فأنتهى وأما حبك فباق، رفعت الأعلام ولكن لن ترتفع ذكراك من قلوبنا فمثلك خالد وإن رحل، لك الحنين ودعوات السنين والسلام طبت برياض الجنة وطاب بك المقام ورزقك الله الفردوس الأعلى من الجنة. "وإنا على فراقك لمحزونون".

تحية إجلال وإكبار وتقدير لمجلس الدفاع وعلى رأسهم معالي الفريق أول سلطان بن مُحمد النعماني وزير المكتب السلطاني، وكافة أعضاء المجلس  للدور البارز الذي قاموا به في ذلك اليوم المهيب وتشرفوا بفتح رسالة السلطان الراحل وتنصيب جلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم- حفظه الله ورعاه- سلطاناً للبلاد، ويوم تشييع الجثمان الطاهر لمولانا السلطان قابوس المُعظم وما شاهدناه من ضبط البلاد من الناحية الأمنية وانتقال السلطة بالطريقة التي خطط لها بأمن وأمان وبسلاسة تامة شهدت لها كل البلدان العربية والأجنبية وأشادت بها مُعظم الصحف المحلية والعربية وقنوات التلفاز، فلهم الفضل والإحسان بعد الله تعالى.

أيضًا لقوات السلطان المسلحة الباسلة دور كبير في ذلك اليوم الحزين ولقد أعجبني تعليق الرائد محمد بن سعيد المشيخي مع الإخوة المعلقين في الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون أثناء تشييع الجنازة حين قال تبكيك قواتك المُسلحة يا مولاي نعم وأنا أشهد بأنه بكتك قواتك المسلحة في كل ثغور الوطن وفي كل ميادين العز والشرف وكيف لا تبكيك يا مولاي وقد قدمت وسخرت لهم كل الإمكانيات المادية والمعنوية وكنت السند المتين لهم وتشيد بهم في كل الخطابات السامية.

وافر التقدير والاحترام للمرافقين العسكريين الذين كانوا الذراع الأيمن لمولانا الراحل ظلوا سنوات عديدة في خدمة هذا الرجل العظيم وخدمة هذا البلد العزيز ونقول لهم جبر الله كسر قلوبكم في فراقه وفي ميزان حسناتكم على تضحياتكم النبيلة له فقد كنتم خير المُرافقين وخير الأمناء وكنتم صقورا في أداء واجبكم الكبير يا حراس السلاطين، وأنتم من الرجال المخلصين الأوفياء لهذا الوطن وسلطانه، ومن الرجال الذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه  رجال لن توفي هذه الكلمات حقكم، وبالتوفيق والسداد لمولانا السلطان هيثم بن طارق المعظم ونهضة مُتجددة.

نسأل الله تعالى أن يُوفق مولانا جلالة السُّلطان هيثم بن طارق بن تيمور المعظم -حفظه الله ورعاه- لخدمة هذا الوطن الغالي وأن يُسدد على طريق الخير خطاه، اللهم ارزقه بطانة صالحة تعينه على كل الخير، وادفع عنه كل شر وضير، ربنا وأكرمه بعزك وجلالك وأنعم عليه من خيرك ونوالك ولا تحرمه طيب وصالك، ربنا وانصره على كل من عاداه، ربنا واحفظه بحفظك ورعايتك واجعله في عين عنايتك، ربنا واجعل عمان وأهلها في خير وسلام وفي ود وسعادة ووئام.       

 

** نيابة سمد الشأن، ولاية المضيبي.

تعليق عبر الفيس بوك