إعادة هيكلة الجهاز الإداري للدولة على رأس سلم الأولويات الوطنية

خبراء ومختصون: الخطاب السامي يضع المرتكزات لإنجاز الخطط التنموية خلال المرحلة المقبلة

 

المسكري: نتطلع لتفعيل نظام الرقابة على دستورية القوانين والفصل الحقيقي بين السلطات

الفهدي: الخطاب السلطاني يؤسس للمرحلة القادمة والجهاز الإداري للدولة بحاجة إلى غربلة شاملة

الحجري: خطاب جلالة السلطان ‎هيثم بن طارق لامس الروح الوطنية العمانية

المعولي: الخطاب يرسم خطة عمان للمستقبل ومواجهة التحديات المحلية والخارجية

النوفلي: التقدم مرهون بقدرة الجهاز الحكومي على مواكبة إجراءات النمو في مختلف الأصعدة.

 

الرؤية- محمد قنات

دكتور محمد الحجري.jpg
محمد بن حمد المعولي.jpg
دكتور صالح المسكري.jpg
جمال النوفلي.jpg
دكتور صالح الفهدي.jpg
أثنى خبراء ومختصون في علوم الإدارة والتنظيم على ما تضمّنه الخطاب السامي لحضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم - حفظه الله ورعاه- وتأكيد جلالته أنّ المرحلة الراهنة ستشهد إعادة هيكلة الجهاز الإداري للدولة، وسبل رفع إنتاجية الموظف، وتعزيز الجودة المؤسسية ورفع الكفاءة في الأداء.

وقالوا- في استطلاع أجرته "الرؤية"- إنّ الخطاب السامي أسس لمرحلة جديدة عنوانها العمل والتفاني من أجل استكمال مسيرة النهضة المباركة وتجديد دمائها؛ على نحو يكفل سبل التقدم والرخاء في شتى مجالات العمل العام. مشيرين في الوقت نفسه إلى أنّ الخطاب يلامس تطلعات المواطنين في شتى شؤون إدارة الدولة، سواء في الجانب الاقتصادي أو الإداري التنظيمي، أو المحاسبي والرقابي، علاوة على التطرق إلى الشأن الخارجي، والتأكيد على مكانة عمان الدولية ورسالتها القائمة على مبادئ وركائز السلام.

 

ومن جانبه قال د. صالح المسكري، الخبير في القانون الدستوري: لابد أن نرفع أكف الضراعة إلى الله عز وجل بأن يغفر لعبدهِ قابوس بن سعيد بن تيمور الذي كان عزيزاً كريماً حليمًا معطاءً مع شعبه وأمته وسائر البلدان والشعوب.

وأضاف المسكري أنّ الخطاب السامي لحضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق -أيّـدهُ الله- يضع معالم واضحة على طريق المستقبل، ويحمل مضامين هامة وصريحة أثلجت الصدور، ولامست طموح المواطنين وتطلعاتهم ورغبتهم في الانتقال بعمان من حسن إلى أحسن، مشيرًا إلى أنّ الخطاب حدد أولويّات العهد الجديد برؤية ثاقبة ومحددات صائبة لدفع عجلة التطوير والتنمية الشاملة في البلاد قدما في المرحلة القادمة، وكل فقرة من فقرات الخطاب السامي ستحتاج وقتا للتنفيذ، وعلى الناس أن يتعاونوا ويتحلّوا بالصبر والثقة الكاملة بقدرات العهد الجديد، ويومنوا بأنّ المستقبل سيكون أفضل بإذن الله؛ لكن سيأخذ بعض الوقت حيث لا يمكن القفز على المراحل وحرقها للوصول إلى نتائج.

وأكد الخبير في القانون الدستوري، أنّ جلالته -حفظه الله ورعاه- أقرب ما يكون إلى حاجات الدولة والشعب، وأعلم بما يتوفّر من قدرات وإمكانيات؛ لأنّه كان عضوا في مجلس الوزراء لسنوات طويلة، ويعلم التفاصيل الدقيقة لواقع الدولة والحياة اليومية للشعب، ويعرف من هم أصحاب الهمم العالية والعزائم القوية والفكر الخلاق والعطاء الفيّاض من أعضاء الحكومة والمسؤولين في القطاع الخاص الذين تحتاج إليهم المرحلة القادمة، ويكونون عونًا لتحقيق التطلعات والطموحات،

وتابع أنّ من هم أقل همّة وعطاء يمكن تعويضهم بدماء شابة مبدعة، ومن جهتي لا أنصح بالاستعجال في التغيير إنّما بمزيد من الاختبار والتأني في تعيين الأجدر والأكثر كفاءة، مع التمني بألا تزيد فترة بقاء الوزير في المنصب أكثر من أربعة أعوام تماشياً مع الفترة التي قررها النظام الأساسي للدولة لأعضاء مجلسي الدولة والشورى.

وأشار المسكري إلى أننا نتطلع لرؤية توجيهات سامية بالفصل الحقيقي بين السلطات، وتفعيل نظام الرقابة على دستورية القوانين المنصوص عليه في قانون السلطة القضائية المادتين 10، 11 منذ ما يقارب 20 عاما، وظلّ معطلاً إلى اليوم، وأن يتّجه التطوّر القانوني في المستقبل لناحية إنشاء محكمة دستورية عليا مستقلة في عمان، لحماية النظام الأساسي للدولة (الذي يحتاج إلى تعديل في بعض مواده خاصة المادة 58 من النظام، المتعلقة بمجلس عمان) ومواد أخرى، ويعمل نظام الرقابة على دستورية القوانين على ترسيخ مبدأ سيادة القانون وتعزيز دولة المؤسسات وحماية الحقوق والحريات العامة وواجبات الأفراد تجاه الدولة وحقوقهم عليها.

ومن جانبه قال د. صالح الفهدي، إنّ الخطاب السَّامي لجلالة السلطان هيثم بن طارق –حفظه الله ورعاه- أسَّس مبادئ أساسيَّة للمرحلةِ المقبلةِ من عمر التطوير التنموي في الدولة، ولا شكَّ أنَّ كلّ مفصل من مفاصل الخطاب السّامي يحتاج إلى مساحة واسعة من الإثراء، والتعميق، والسَّبر في معانيه، وأبعاده، وأثره، وأن أهمّ مبدأ في الخطاب التأسيسي الأول هو "إعادة هيكلة الجهاز الإداري"، وسيحفظ التاريخ هذا الخطاب أوَّل بيان عمليّ يرسم ملامح الطريق نحو المرحلة القادمة، ويكشفُ عن مدى رؤيته لمقتضيات الراهن والمستقبل وما يتوجبُ عمله من أجل تقوية العماد الأساسي للدولة وهي الحكومة.

واعتبر الفهدي أنّ إعادة هيكلة الجهاز الإداري للدولة "الذي ورد في الخطاب السامي أمر بحاجة إلى غربلة شاملة، ومراجعة عامة، وتقييم كلِّي للهيكل الحالي، فقد أصبحت الحكومة مثقلة بالأعباء التي ترزح تحتها بسبب التمدُّد المؤسسي، والتراكم البشري، حتى أصبحت غير قادرة على التحرُّك في عالم أبرز سماته العصرية: السرعة، المرونة، الخفَّة، اقتناص الفرص، الإبتكار، الإبداع.. وكلَّ هذه السمات تحتاج إلى ما يسمَّى بالتنظيم المسطح (Flat organization) وهو النمط الحديث من الهياكل التنظيمية التي تتميَّز بوجود "مستويات قليلة أو عدم وجود مستويات من الإدارة المتداخلة بين الموظفين والمديرين.

وأضاف الفهدي تتمثل الفكرة في أنّ العمال سيكونون أكثر إنتاجية عندما يكونون مشاركين بشكل مباشر أكثر في عملية صنع القرار بدلاً من خضوعهم للإشراف من قِبل العديد من مستويات الإدارة"، وهذا الامر أشار له الخطابُ السَّامي في جزئية صنع القرار الذي يرتبط بإعادة الهيكلة للجهاز الإداري.

وتابع الفهدي قائلا: في الجهاز الإداري كثير من الوزارات التي أصبحت تعملُ في مجالات معينة مما أثَّر ذلك على التخصص الممارس بتشعُّبه بين أكثر من جهة، ولدينا اليوم مؤسسات تتداخل أعمالها في بعضها البعض فلا يُعرف من الجهة المسؤولة تحديداً، ‘لى جانب وزارات تعمل بصورة مستقلة دون تناغم مع جهات أخرى، بينما يفترض من الجهاز الحكومي أن يكون وحدةً متناغمةً، تعملُ في سياقاتٍ واضحة، ووفقَ خططٍ واضحة.

 وأوضح الفهدي لا شك أنّ أعمالاً عظيمة ستقع تحت "إعادة هيكلة الجهاز الإداري" كإلغاءِ وزارات، ودمج أُخرى، وتقليص حجم هيئات، أو إلغائها، فكلَّما كان الهيكل الإداري للحكومة بسيطاً، وقليل المؤسسات، كلما ارتفع مستوى الفاعلية في أدائه، والجودة في إنجازه.

وأشار الفهدي إلى أنّ الخطاب السَّامي قد ربط عملية "إعادة هيكلة الجهاز الإداري" بعناصر ذات أهميّة قُصوى تتمثل في توجيه الموارد نحو الوجهة الأمثل لخفض المديونية وزيادة الدخل، وهذا يتطلَّب اتخاذ قرارات كبيرة وحازمة لكنها حتمية.

وتابع: بعض المؤسسات تستنزف ثروات البلاد دون أن تقدِّم شيئاً ملحوظاً لتنمية الوطن، في حين أن توفير موازناتها أو توجيهها إلى وجهةٍ أمثل هو الحلُّ الأجدى والأنفع، كما أنَّ "إعادة هيكلة الجهاز الإداري للدولة" يتطلب مراجعة القوانين والتشريعات التي تحتاجُ إلى عقولٍ عصرية منفتحة تستطيع أن تراجعها ببصيرةٍ حصيفة لتخرجها من الجمود إلى السيولة.

بدوره قال الدكتور محمد الحجري باحث وكاتب، إنّ خطاب جلالة السلطان ‎هيثم بن طارق – حفظه الله- لامس الروح الوطنية العمانية في أعمق مشاعرها، لأنّه إلى جانب البعد الإنساني الوجداني الذي أشبع به الخطاب فقد اتصل بأهم ما يشغل تفكير العمانيين في هذه المرحلة، خاصة ما يتعلق بالقضايا الأهم والأكثر حساسية، لقد بدا الخطاب وكأنّه يتوجه إلى تلك الانشغالات والمخاوف وقد صُمّم لمواجهتها وتبديدها، والتأكيد على العزيمة والإرادة الصلبة لمعالجتها، وأنّها تحتل سدة الأولويات في السياسة العمانية.

وأضاف الحجري أنّ الخطاب جاء شاملا ومتوازنا بعيد الدلالات، يضعنا في صميم استحقاقات المرحلة المقبلة وضروراتها، خاصة ما يتعلّق بالشباب وأهميّة دوره في النهوض الوطني وما وراء ذلك من قضايا تتصل بالتعليم والبحث العلمي، والتوظيف، والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، إلى جانب ذلك شدد الخطاب على قيم أساسية وحتمية لمواجهة كل تلك الانشغالات والهموم الوطنية، وعلى رأسها الاقتصاد، ومعالجة المديونية، وما يتطلبه ذلك من تطوير الأداء المالي والإداري للدولة، كما أنّ الخطاب حدد هدفاً واضحاً لا يمكن لمثله إلا أن يجمع الإرادة الوطنية وهو "الوصول إلى مستوى آمال وطموحات الشعب" وجعله عنوان المرحلة القادمة.

وتابع الحجري قائلا أنّ الخطاب السامي حدد أهدافاً للإرادة الوطنية الجامعة وأبرم عزيمة حاسمة للوصول لتلك الأهداف، فتلك الأهداف تحتاج لسياسات حاسمة تقتضي إعادة النظر في هيكلة الجهاز الإداري للدولة، ومراجعة آليات صنع القرار، وذلك يتطلب إعلاء المصلحة الوطنية فوق كل الاعتبارات، والتشبّث بقيم العدل وكرامة المواطن والنزاهة والمحاسبة والمساءلة والكفاءة لرفع الأداء المؤسسي، بوسع هذه القيم العليا التي تلتقي عليها الإرادة الوطنية أن تجدد الانطلاقة الواثقة للنهضة العمانية مرة أخرى، بترسيخ أكبر لدولة المؤسسات والقانون، القائمة على العدل وتكافؤ الفرص، ورفع كفاءة المؤسسات لتكون في مستوى طموحات المواطنين.

ونبّه الحجري إلى أنّ الرؤية المستقبلية "عمان 2040" التي كان جلالة السلطان هيثم بن طارق -حفظه الله ورعاه- مؤتمناً على صياغتها وبلورتها خلال السنوات الخمس الماضية تقتضي كل هذه المراجعات عند تطبيقها فهي في كل محاورها صممت لإعادة الحيوية والنشاط لروح النهضة العمانية على أسس أكثر معاصرة وقوة، والإشارة إليها في الخطاب واضحة خاصة في سياق أنّها بنيت بشراكة مجتمعية كما نصت عليها توجيهات السلطان الراحل طيّب الله ثراه، اليوم ستكون هذه الرؤية ومقتضياتها المؤسسية للدولة والقيم العليا التي تحكمها هي خارطة طريق إلى مستقبل جديد للنهضة العمانية، ولقد وضعنا الخطاب أمام مسؤولياتنا جميعاً في مواصلة مسيرة نهضة عمان وتقدمها، وأن نكون جميعاً شركاء في ذلك.

وأوضح محمد بن حمد المعولي، كاتب وخبير في الإدارة، أنّ خطاب المقام السامي لحضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم -حفظه الله ورعاه - خطاب تاريخي، وضع عدة محاور وأهداف للمرحلة المقبلة من بناء عمان، هنالك ثوابت وأسس لعمان منذ الأزل قائمة عليها لا تحيد ولا تتغير عنها، فالخطاب حوى ورسم خطة عمان للمستقبل ومواجهة التحديات المحلية والخارجية، وقوله السامي إنّ السلطنة من هذا العالم، ولا بد أن تتكيف عمان مع هذه المتغيرات والمعطيات.

وأضاف أنّ جلالته أرسل رسائل عديدة في خطابه السامي تتعلق بجوانب العمل الحكومي وتمكين الشباب والمرأة، والتعليم، والبحث العلمي والابتكار وتنويع مصادر الدخل، وريادة الأعمال، حيث كان الخطاب شاملاً ويرسم خطة عمان للمرحلة القادمة، وأنّ الخطاب تحدث عن هيكلة الجهاز الإداري للدولة، وما يصاحب هذه الهيكلة من مضاعفة الجهود واستخدام التقانة الحديثة، وتسهيل الإجراءات والشفافية، والنزاهة في العمل الحكومي، وتطوير المنظومة والتشريعات بمايتوافق ويدعم هذا الجانب؛ الذي يعتبر واحدا من أدوات التحديث الذي تتطلبه المرحلة المقبلة، فالجهاز الإداري للدولة يحتاج إلى مواكبة المتغيرات، وهي ليست متغيرات داخلية وإقليمية بل هي متغيرات عالمية، مما يستوجب على الجهاز الإداري أن يكون على قدرٍ من هذا التحديث والتطور الذي يشهده العالم؛ لكي يقدم خدماته للمواطنين وأن تكون هنالك حكومة عصرية تستخدم كل ما يتعلق بالتقنيات الحديثة لتبسيط وتسهيل الإجراءات.

وتابع هنالك وحدات قد تكون مشابهة في أداء بعض أو جزء من أعمالها، وقد تكون إعادة الهيكلة في رؤية حضرة صاحب الجلالة -حفظه الله ورعاه- أن تكون هذه الخدمات في الجهاز الإداري للدولة بأن تكون موحدة، وفي بعض الأحيان تكون هنالك عوائق وتحديات تواجه عددًا من التحديات الحكومية لإدخال نظام حديث وسريع لتسهيل الأعمال والإجراءات، وأنّ رؤية صاحب الجلالة بأن تكون هنالك إعادة توزيع هذه المهام والمسؤوليات لكل وحدة، وربما يتم تقليص عدد من الوحدات الحكومية التي تتشابه في مسؤولياتها ودمجها في جهة مختصة تقوم بذات العمل وذلك من أجل تبسيط الإجراءات.

وقال القانوني جمال النوفلي: لقد أكد جلالته في خطابه على موضوع مهم حظي باهتمام كبير من عامة الشعب، وهو موضوع إعادة هيكلة المؤسسات الحكومية، والسبب في ذلك لما في هذه الخطوة من رغبة جدية في التغيير، فإنّ التقدّم في مختلف المجالات الاقتصادية والثقافية والمجتمعية مرهون بمدى قدرة الجهاز الحكومي على مواكبة إجراءات النمو في مختلف الأصعدة.

وأضاف: لم يأتِ قرار إعادة هيكلة الجهاز الإداري عبثا، فهناك مقتضيات كثيرة تفضي إلى القرار؛ منها أنّ في مرحلة ما كانت هناك حاجة لتعيين أعداد كبيرة من المواطنين والخريجين في المؤسسات الحكومية لخفض نسب البطالة واستيعابهم ورفع مستوى المعيشة للمواطنين، إلا أنّ هذه الخطوة ولدت تشبعا كبيرًا لدى المؤسسات الحكومية بموظفين لا يكادون يقدمون أي ناتج خلال ساعات عملهم، فكان الحل أن تنشأ وزارات جديدة معاونة ذات اختصاصات جديدة للمساهمة في العمل الحكومي، وأن يشجع العمل في القطاع الخاص برفع مزاياه بجانب أن تخصص بعض المؤسسات الحكومية وتجعل فيها رواتب ومميزات أعلى من الحكومة لتشجيعهم على الانتقال من الوزارات إلى هذه الشركات والهيئات، وكانت خطة ناجحة فقد توجّه العديد من العمانيين إلى العمل في القطاع الخاص برواتب عالية وميزات عادلة، واستفاد الموظفون المحولون من مؤسساتهم الحكومية إلى شركات برواتبهم المضاعفة ومكافآتهم العالية.

تعليق عبر الفيس بوك