عُمان.. السيرة والمسيرة

 

شاكر بن حمود آل حموده

رحيل القائد الوالد جلالة السلطان قابوس -طيَّب الله ثراه- تاركا إرثا خالدا ودولة عصرية، واختيار جلالة السلطان هيثم عاهلا للبلاد، مُكمِّلا للمسيرة، لعُمان الغد، كما أراد لها المرحوم السلطان قابوس.

محطَّات ووقفات مهيبة بقدر عظمة المصاب وهيبة الرحيل، أثبتت عُمان أنها النموذج الرَّصين في الفقد والتأبين، أثبتت عُمان أنَّ الأمانة هي حفظ اللحمة الوطنية وصون التربة النقية.. عمان كانت نموذجا في عهدك يا قابوس وستبقى أمانتك مصانة في يد من أستأمنت.

نعم، بحجم الفقد الذي أبكَى العالم أجمع في أرجاء الأرض، كانت العزيمة أكبر وأقوى، وبالإرادة والحكمة سيبقى شموخ عُمان بفكر أحوذي رفيع، سنحفظ السيرة، ونكمل المسيرة لعُمان التي صُنتها في قلبك وجوارحك، سيبقى حبك الخالد لعمُان وأهل عُمان كما كنت تفاخر بهم في كل خطابتك ولقاءاتك في الوطن وأمام العالم أجمع. عُمان العزة والكرامة، مهيبة مُهَابة بخير من استخلفت من بعدك، فأهل بيتك وأسرتك كما أكرمتهم وقدرتهم حفظوا لك العهد والولاء، وأجمعوا على أن اختيارهم لن يكون إلا اختيارك؛ فاليقين أنك لن تختار لعُمان إلا من توسَّمت فيه المستقبل المشرق، وها هم اختصروا اليوم الوقت، وأجمعوا على أن عُمان ستبقى شامخة بحس الوطن وتاج عزه وكرامته جلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم -حفظه الله ورعاه.

نعم، العاشر من يناير كان يوما حزينا على قلوبنا، صباح ثقيل أدمانا وجعه، ومع من اصطفُّوا على جانبي الطريق في موقف الجنازة المهيب تلك الأصوات التي ما زالت ترن في أذنيْ كل عماني ومقيم، تلك الأصوات التي خنقتها العبرة في صباح لم تعهد مثله، نعم فقد أبكاها مرورك المهيب، وتذكرت إشراقة السبعين ودموع الفرح والخير بمقدمك، هي نفسها على ذات الوسيلة وأنت تُغادرها لم تتغير الوجوه ولا القلوب، فكأن الأمس هو اليوم: (فراقك صعب يابن سعيد) كما اسمع في أذني الآن، صوت تلك المرأة وهي تبكي والجنازة تشق طريقها، وعندما يبكي الرجال وتترطب لحاهم بدموعهم، فاعلم أن الخطب قد أخذ مأخذه منهم؛ فالرجال تحبس الدمع في محاجر أعينها، ولكن عندما يكون الفقد بحجم فقدك يا أبانا جميعا يعظم الخطب والمصاب؛ فلا نملك أن نكتم عاطفتنا فقوة عزمك وطيب قلبك وحبك لعمان وأهلها كانت تلك الأبوة والحميمية التي تدثرنا دائما.. اعتدتنا واعتدنا عليك، اسمك يتردد في كل ما حولنا، ولكن لا عزاء لنا إلا أن نبقى أوفياء لك بالدعاء، مخلصين لسلطاننا هيثم، نعدك بأننا سنكون معه دوما لنكمل المسيرة، نعم ستفاخر به وبنا، وسوف نبقى على العهد والولاء لعمان ولعاهلها ولترابها الطاهر ما حيينا.

"مابين الحزن الخفي واللطف الخفي، يبقى نبض وفائنا للسلطان قابوس وعهدنا للسلطان هيثم".

"إن الوظيفة تكليف ومسؤولية قبل أن تكون نفوذا أو سلطة، وعليكم جميعا أن تكونوا قدوة ومثلاً يُحتذى، سواء في الولاء لوطنه أو المواظبة على عمله واحترام مواعيده، أو في سلوكه الوظيفي داخل مكان العمل أو خارجه، وفي حسن الأداء وكفايته" (‎قابوس بن سعيد - طيَّب الله ثراه).

تعليق عبر الفيس بوك