المرحلة الحاسمة لمحاربة التجارة المستترة

حمود بن علي الطوقي

كتبت في تغريدة حملت حقيقة مُؤسفة عن تفشي ظاهرة التجارة المستترة التي تعد أحد التحديات التي واكبت قطاع العمل والأعمال على مدار السنوات الماضية، على الرغم من قناعتنا بالجهود التي تبذلها الحكومة للحد من ومحاربة هذه الظاهرة إلا أنها لم تصل إلى قناعة أو حلول تحد وتضيق الفجوة من ممارسة الوافدين تجارة أطلق عليها التجارة المستترة.

وهذه الظاهرة التي أصبحت تمارس عيانا بيانا وفي ضوء النهار وبمعرفة الجميع بأنّ الوافد هو من يُدير التجارة وأن المواطن ليس إلا مجرد اسم يستغل ويرضى بقليل من الريالات مُقابل ما يجنيه الوافد من آلاف الريالات التي تحول كلها إلى الخارج.

أكتب من جديد في هذا الموضوع وقد أشبع نقاشا وتحليلا على كافة المستويات، لكن يبدو أن البوصلة تتجه إلى نفس النهج رغم قناعتنا بأنَّ هناك حاجة لتغيير مسار البوصلة ليكون المواطن العُماني من يُدير تجارته ويبقى الوافد موظفًا يتقاضى راتبه الشهري وحقوقه كما حددها القانون. وربما القانون الذي يناقش في أروقة مجلس الدولة حاليا وسيرى النور قريبا سيعمل على مُعالجة والحد من هذه الظاهرة ونتمنى كمجتمع أن يكون القانون حاسمًا وبنوده جادة في معاقبة المخالفين وأن نرى مستقبلا تجانس بين الأطراف ذات العلاقة.

بالأمس قمت بزيارة صديق لي يعمل مع والده في بيع منتجات الإنارة وكل ما يتصل بهذا النشاط، تحدثنا عن نشاط البيع والظروف الاقتصادية والتحديات المستقبلية فكان حوارا صريحاً يحمل آلام رجل أعمال عماني ويرى بأم عينه التجاوزات واستغلال التجار الوافدين وتعاونهم معاً لمنافسة التاجر العماني وإخراجه من دائرة المنافسة.

صديقي رجل الأعمال الذي يعمل في هذه المهنة مع والده منذ أكثر من 40 سنة كان يحدثني عن قصص تستغرب لها وكأنها قصص خيالية، حدثتي عن نشاط بيع المواد الصحية والإنارة والأحجار والسراميك وأشار إلى أن الشارع الذي يقع فيه محله ويعرف بشارع هوندا أو شارع البلدية حسب التسمية الرسمية فإنَّ جل المحلات تدار من قبل الوافدين، وهي ما نطلق عليها التجارة المستترة. وقال تخيل معي الكم الهائل من هذه المحلات هي للوافدين وأن عدد المحلات التي تدار بواسطة التجار أبناء البلد لا تتعدى أصابع اليد الواحدة. وهذه المشكلة تتسع رقعتها عاماً بعد عام. هذه المشكلة يمكن أن نعممها على بقية ومختلف الأنشطة التي يمارس فيها الوافدون أنشطتهم التجارية.

ويجب هنا أن نكون واقعيين ونوجه أصابع الاتهام للمواطن (الكفيل) الذي ارتأى أن يكون مساهماً في تمكين الوافد ليتربع في سوق العمل ويكون المواطن مجرد اسم لا حول له ولا قوة، ارتضى أن يكون سببا في تمكين الوافد ليكون تاجرا متفردا في قراراته دون أن يلجأ للمواطن (الكفيل) الذي منح الصلاحيات المطلقة للعامل الوافد. لذا آن الأوان لوضع حد لتفشي هذه الظاهرة المقلقة، وهذا يتطلب أن نتعاون جميعا مواطنين وتجار ومسؤولين لرسم خارطة طريق جديدة قادرة على توجيه البوصلة نحو تمكين التاجر العماني إلى آفاق جديدة.