"نفط عمان" الأكثر ملاءمة لنوعية صناعات المصافي الصينية

بورصة دبي للطاقة: أفضل الخطط الموضوعة قد تخرج عن مسارها بسبب "كورونا"

 

< "أوبك بلس" تبحث إنقاذ الموقف.. و"برنت" يعود للواجهة

 

الرؤية - نجلاء عبد العال

لم يَكَد يمرُّ شهر واحد من العام الجديد -الذي بدأ بتوقعات مُتفائلة لأسعار النفط- حتى فوجئت الأسواق بحالة من الفوضى سببها فيروس كورونا؛ فتراجعت أسعار النفط الخام العماني -الذي يعدُّ بمثابة مرجعية لأسعار كثير من نفوط الشرق الأوسط- لتنخفض بأكثر من 16 دولارًا للبرميل عمَّا بلغته من قمة سعرية في يناير، وضربت المخاوف بشأن مصير الاقتصاد والناتج المحلي الإجمالي الصيني موجات متزايدة الاتساع لتطال أسواق السلع كما الأوراق المالية.

لذلك؛ يرى تقريرٌ صادرٌ عن بورصة دبي للطاقة -البورصة المعتمدة رسميًّا لتداول نفط عُمان- أنَّ أفضل الخطط الموضوعة قد تخرج عن مسارها بسبب حدث خارج عن الإرادة لم يتنبأ به أحد. ونفط عمان هو أحد أفضل الأنواع بالنسبة للمصافي الصينية؛ وقالت عنه سعادة سفيرة الصين لدى السلطنة: إنَّ "نوعية النفط العماني" الثقيل الأكثر ملاءمة لنوعية الصناعات التي تقوم بها المصافي في الصين، وهو الأقدر على توفير مشتقات تحتاجها الصناعة الصينية.

ومن سعر 70.45 دولار للبرميل في أعقاب واقعة اغتيال الجنرال سليماني، انخفض سعر تداول الخام العماني في بورصة دبي للطاقة إلى حوالي 54 دولارًا في 4 فبراير -وهي مستويات لم يشهدها نفط عمان منذ بداية 2019.

وفي ظل اتساع دائرة الفيروس، يتوقع الاقتصاديون أن يتسبَّب كورونا في ضربة للاقتصاد الصيني في المدى القريب، وربما يكُون التأثير أكبر من أثر انتشار "سارس"، الذي تسبَّب في محو ما يقدر بنحو 0.8% نقطة مئوية من نمو الناتج المحلي الإجمالي في العام 2003.

وظهر التأثير الفوري للفيروس وتداعياته على أكبر مصفاة في آسيا وهي مصفاة شركة سينوبك الصينية الحكومية؛ حيث تسبَّب في تراجع حاد في إنتاجية المصفاة لشهر فبراير بمقدار 600 ألف برميل يوميا، وهو ما يعادل حوالي 12% من متوسط إنتاجها اليومي. وقالت شركة بريتيش بتروليوم إن إجمالي الطلب الصيني انخفض بنحو "1 مليون" يوميا بالفعل، وأن الانخفاض المستمر في الطلب سيكون له تأثير كبير على نمو الطلب على النفط للعام 2020.

ويرصد تقرير بورصة دبي للطاقة التحول في الطلب بين النفط الخفيف والثقيل، فيوضح أن أسباب التحول بين الخامين كان تراكم المخزونات من الخام الخفيف بالتوازي مع النقص النسبي للنفط الثقيل؛ والذي جاء بسبب قرار أوبك بلس بخفض الإنتاج بجانب الانخفاض الناجم عن العقوبات على إيران، وهذه الأسباب أدت إلى تضييق الفارق بين نفط عمان ونفط بحر الشمال طوال عام 2019 وحتى عام 2020.

وقد شهد منتصف العشرية الأولى من القرن الحالي متوسط فارق بين سعر برنت ونفط عمان بلغ حوالي 3 دولارات للبرميل، لكنَّ الهجوم المفاجئ من النفط الصخري في الأسواق الدولية قلب المعادلة بين النوعين رأسا على عقب، ليقبع النفط الثقيل في المنطقة السلبية، وتتحول الكفة نحو النفط الخفيف مع دخول الربع الرابع من 2019.

لكنَّ الانخفاض الحاد في التجارة بالصين والأسواق الآسيوية الأوسع كانت ضربته أكثر قوة على خام النفط في الشرق الأوسط، فقد أدى لتحول الفارق السعري بين خام برنت وخام نفط عمان من متوسط ناقص 0.70 دولار في يناير لسعر برنت مقابل نفط عمان ليتفوق عليه في الأيام القليلة الأولى من شهر فبراير بفارق 0.80 دولار.

وتعدُّ الصين أكبر مُستورِد للنفط الخام في العالم على الإطلاق؛ بإجمالي يصل إلى 11 مليون برميل في اليوم، وخلال عام 2019 كانت المملكة العربية السعودية هي أكبر مصدر للنفط الخام إلى الصين بمتوسط بلغ حوالي 1.67 مليون برميل يوميا، تليها روسيا بمتوسط 1.55 مليون برميل يوميا.

وقد خلفت حالة "الإغلاق" التي انتشرت في جميع أنحاء الصين آثارا واسعة على الطلب العالمي على النفط، فتأثر الطلب على منتجات الوقود الرئيسية من البنزين والديزل ووقود الطائرات بسبب تراجع التحرك بين المدن ومن الصين وإليها، فيما تراجع الطلب على النافثا التي تستخدم في الصناعات البتروكيماوية بسبب الإغلاق الذي طال المصانع والصناعة.

وأشار التقرير إلى أنَّ تركيبة أسواق نفط الشرق الأوسط كانت بالفعل مُتراجعة بشكل كبير منذ العام 2017؛ حيث كانت علاوة أسعار التحميل العاجل أعلى من علاوة التحميل الآجل، لكن بفضل انتظام الطلب على النفط وتوازن المعروض بسبب ضبط الإنتاج وخفضه من قبل مجموعة أوبك بلس، أدى ذلك لارتفاع علاوة أقرب شهر تسليم الأول M1، مقابل علاوة الشهر التالي M2 لتتراوح بين 1.00 دولار و1.50 دولار للبرميل منذ سبتمبر الماضي، لكن في أوائل فبراير عاد هيكل الأسعار مرة أخرى للاختلاط، مضيِّقا الفارق في السعر بين تسليم شهري أبريل ومايو (M1 مقابل M2) إلى حوالي 0.20 دولار للبرميل.

وكذلك كانت الحال في بحر الشمال؛ حيث انزلق خام برنت في سعر البيع العاجل لأبريل إلى سعر أقل من سعر البيع الآجل في مايو، وزاد هبوط منحنى التسليم الآجل والمستقبلي حتى قارب الاصطدام بقاع جديد؛ مما يرفع التوقعات بخسائر أشد مما ناله.

وعلى سبيل المثال، في يناير وصل الفرق في السعر بين تسليم شهر التداول الأول (مارس)، والذي جرت تداولاته في ديسمبر إلى حوالي 6 دولارات للبرميل، ولكنَّ فارق السعر حاليا بين تسليم الشهر المقدم الجديد (أبريل) وما كانت عليه تداولات تسليم هذا الشهر في ديسمبر يقف الآن عند أقل من 2 دولار للبرميل.

وأوضح التقرير أن متوسط السعر الآجل للباقي من السنة اعتبارا من 4 فبراير يقف حاليا عند 53 دولار للبرميل، مقارنة بالمتوسط الذي كان قد وصل إليه معظم البنوك والمحللين بتوقعات 60 دولارا للبرميل في 2020. وانتقل التقرير إلى ما اتَّخذته أوبك بلس من خطوات لاحتواء تراجع الطلب والأسعار، مشيرا إلى أنَّ المجموعة تدرس خفض إنتاجها من النفط 500 ألف برميل يوميا في محاولة لإعادة التوازن للأسواق، وكشف أن مجموعة المنتجين من المنظمة وخارجها بما في ذلك روسيا تبحث التبكير بعقد الاجتماع المقرر في مارس ليصبح في 14-15 فبراير، أو حتى في وقت سابق، ونقل عن صحيفة وول ستريت جورنال القول بأن خيارًا آخر أصبح مطروحا، وهو قطع 1 مليون يوميا من الإنتاج السعودي لدعم سعر النفط في السوق؛ وذلك بالإضافة إلى القرار الساري تطبيقه من أوبك بلس منذ ديسمبر، وهو تخفيض إمدادات النفط لدعم الأسعار، بمقدار 1.7 مليون برميل يوميا حتى نهاية مارس المقبل.

ويختتم التقرير بالإشارة إلى أن النفط ليس الوقود الوحيد الذي يتأثر بشدة نتيجة فائض المعروض، حيث تكرر الوضع مع الغاز الطبيعي المسال الذي لحقته دوامة التراجع؛ فسجل أدنى مستوياته عند 3.5 دولار للمليون وحدة حرارية بريطانية في بدايات فبراير.

تعليق عبر الفيس بوك