لماذا يسقط الكبار في بطولة الكأس في أوروبا؟

...
...
...
...

 

متابعة - أحمد السلماني

صعقت الجماهير العاشقة للكرة الأسبانية وخاصة ثالوث الرعب فيها، الريال والبارشا واتليتيكو مدريد بخروجهم جميعا في ليلة واحدة بأقدام لاعبي أندية مراكز الوسط في الليجا، وقبل أن تهنأ جماهير البارسا بخروج الغريم التقليدي جاء الخبر الصاعق برصاصة قاتلة من اتلتيك بلباو ليلحق "البيلوغرانا" بغريمه وقبل ذلك خسر الأتلتيك أمام ليونيسا المعمور في الدور الـ32 ويحزمون الحقائب استعدادا لجولات دوري الأبطال الهم بالنسبة للناديين ومعهم اتليتيك بلباو.

ولا يمكن تصديق ما حصل الأسبوع في الكؤوس الأوروبية في القارة العجوز، مُفاجآت بالجملة شهدتها أكثر من بطولة. فرق كبرى ودّعت مبكراً بعد أن كانت مرشّحة للتتويج باللقب. من دون التقليل طبعاً من مجهود الفرق المنافِسة لتحقيق الفوز لكن لا يمكن استبعاد مسألة أن مسابقة دوري أبطال أوروبا التي تستعيد نشاطها من دور الـ 16 بدءاً من الأسبوع المقبل تشغل الفرق الكبرى، إذ إن جميع هذه الفرق التي ودّعت مسابقة الكأس ستلعب في هذا الدور ما يعني أن أولويّتها هي دوري الأبطال وهذا واحدا من اهم أسباب الخسارة كون تركيزها العالي ينصب في البطولات الأكبر، فضلاً طبعاً عن مواصلة المنافسة على لقب الدوري المحلي، وهذا يعكسه الأداء في الملعب وحتى خيارات المدرّبين لدى البعض.

البداية طبعاً مما حصل أمس في إسبانيا. بدا مُفاجئاً جداً لا بل صادِماً أن يودّع ريال مدريد وبرشلونة مسابقة الكأس في يوم واحد. هذا الأمر قليل الحدوث في هذه المسابقة، ما يعني ألا "كلاسيكو" بينهما في البطولة هذا الموسم حيث يبقى "كلاسيكو" إياب "الليغا" وربما "كلاسيكو" آخر في حال تواجها في دوري الأبطال.

ريال مدريد كان السبّاق إلى توديع الكأس عندما خسر بنتيجة كبيرة 3-4 أمام ريال سوسيداد بعد أن تأخّر 0-3 ثم 1-4. مُفاجأة كبرى في هذا التوقيت بالذات خصوصاً وأن "الميرينغي" يقدّم مستويات رائعة في الفترة الأخيرة وتحديداً منذ مطلع العام استهلّها بتتويجه بلقب كأس السوبر الإسبانية بفوزه في المباراة النهائية على أتلتيكو مدريد واستكملها في مسابقتيّ الدوري والكأس حيث فاز بكل مبارياته وبينها انتصاران على إشبيلية وأتلتيكو مجدّداً. من هنا تأتي خسارته أمس مفاجئة خصوصاً أنها كانت على ملعبه من دون التقليل طبعاً من قوّة المنافس وجدارته بالفوز. لكن إذا ما قارنا الخروج من الكأس والمنافسة على لقب "الليغا" لاستعادة اللقب من برشلونة حيث يتصدّر ريال مدريد الترتيب والرغبة القوية في استعادة لقب دوري الأبطال من ليفربول الإنكليزي، يصبح القول أن مدرّب "الميرينغي" زين الدين زيدان يشغل كل تركيزه ببطولتَي الدوري ودوري الأبطال وهذا بدا من خلال قيامه بتعديلات على التشكيلة كان لها أثر سلبي كإشراك إبراهيم دياز الذي لم يلعب إلا دقائق معدودة هذا الموسم والعائدَين من الإصابة الكولومبي خاميس رودريغيز والبرازيلي مارسيلو اللذين شاركا في الفترة الأخيرة في مسابقة الكأس فقط.

بعد ريال مدريد جاء الدور على برشلونة ليودّع البطولة بخسارته أمام أتلتيك بلباو 0-1. "البرسا" خسر في الثواني الأخيرة في الوقت بدل الضائع. لكن الأمور في الفريق الكتالوني تذهب ربما أبعد من التركيز على مسابقتَي "الليغا" ودوري الأبطال أكثر من الكأس إلى غياب الاستقرار الإداري والفني في النادي في الأيام الأخيرة وهذا بدا واضحاً من الأزمة التي شغلت الجميع بعد تصريحات المدير الرياضي للفريق الفرنسي إيريك أبيدال على خلفية إقالة المدرّب السابق إرنستو فالفيردي والانتقادات اللاذعة التي وجّهها النجم الأرجنتيني ليونيل ميسي إليه. فضلاً عن ذلك فإن الفريق يعاني من غياب الاستقرار الفني مع وصول المدرب الجديد كيكي سيتيين حيث ازدادت معاناة برشلونة وخسر أمام فالنسيا 0-2 مع أداء سيّىء للغاية فضلاً عن انتصارات صعبة أخرى باستثناء فوزه على ليغانيس 5-0 في الكأس، لكن بصفة عامة فإن حال "البرسا" ليست على ما يرام، فضلاً عن ذلك فإن النادي لم يتمكّن من التعاقد مع مهاجم يحل بديلا عن الهدّاف الأوروغوياني لويس سواريز المُبتعد فترة طويلة عن الملاعب وما يشكّله من تأثير على الفريق.

 

كذلك في ألمانيا

المفاجآت لم توفّر كأس ألمانيا. على غرار ريال مدريد وبرشلونة وفي يوم واحد ودّع لايبزيغ وصيف الدوري وبوروسيا دورتموند الثالث. الأول ورغم مشواره الأكثر من رائع هذا الموسم بدأ بالتراجع منذ استئناف "البوندسليغا" بعد العطلة الشتوية وخسر الصدارة لمصلحة بايرن ميونيخ وهو يخوض غمار دور الـ 16 لدوري الأبطال للمرة الأولى بمواجهة توتنهام الإنكليزي.

وعلى عكسه فإن دورتموند استعاد عافيته ونتائجه الرائعة مُحقّقاً انتصارات كبيرة خصوصاً مع وصول الهدّاف الشاب النروجي إرلينغ هالاند الذي يستمرّ في تحقيق الأرقام القياسية لتأتي الخسارة أمام فيردر بريمن الذي يعاني في "البوندسليغا" مفاجأة بكافة المقاييس وربما تعكس انشغال المدرّب السويسري لوسيان فافر بعودته للمنافسة على لقب "البوندسليغا" واقتراب موعد التحدّي القوي أمام باريس سان جيرمان الفرنسي في دوري الأبطال.

من جهته، فإن بايرن ميونيخ تمكّن من تخطّي عقبة ثمن نهائي الكأس لكن فوزه على هوفنهايم بنتيجة 4-3 أظهر تساهُلاً لدى اللاعبين خصوصاً وأن الفريق تقدّم 4-1 حتى الدقيقة 80 ليتلقّى هدفين في الدقائق الأخيرة ما يدلّ على أن مواجهة تشلسي الإنكليزي في دوري الأبطال بعد اسبوع شغلت فكر اللاعبين وكادت تفقدهم الفوز والتأهّل.

مثال آخر قدّمه ليفربول في كأس إنكلترا ومدرّبه الألماني يورغن كلوب، إذ إن الأخير استشاط غضباً من الاتحاد الإنكليزي لكرة القدم لتحديده مباراة الإعادة للفريق أمام شروسبيري تاون في البطولة في أيام العطلة المُستحدَثة في "البريميير ليغ" رافضاً خوضها بالفريق الأول وحتى أن يكون حاضراً في الملعب موكلاً المهمة لمدرّب الفريق الرديف ليفوز "الريدز" بلاعبيه الشبّان بصعوبة 1-0، ما يعطي فكرة واضحة أن كلوب يريد إراحة لاعبيه للاستحقاقات المقبلة خصوصاً المواجهة أمام أتلتيكو مدريد في دوري الأبطال بعد أن أصبح تتويجه بلقب "البريميير ليغ" مسألة وقت فقط.

  هي الزعامة المحلية والأوروبية إذاً تشغل الأندية الكبرى بالدرجة الأولى. مسابقة الكأس يمكن تعويضها

 

تعليق عبر الفيس بوك