نهج فريد ومتميز في التعرف على احتياجات المواطنين مباشرة

الجولات السامية.. "توفير الفرصة لكل عُماني أن يلتقي سلطانه من دون وسطاء"

 

 

◄ جلالة السلطان لم يدخر وسعا لتحقيق راحة المواطن في كل شبر من أرض عُمان الغالية

◄ الجولات السامية السنوية تحولت إلى جزء أصيل من برامج العمل الوطني

◄ لقاءات الخير بين السلطان والشعب تعكس ممارسة ديمقراطية رائعة وفريدة

 

 

 

نهجٌ فريد ومتميز في القيادة والمشاركة العميقة بَيْن القائد المغفور له -بإذن الله تعالى- جلالة السلطان قابوس بن سعيد بن تيمور -طيَّب الله ثراه- والمواطنين؛ لصياغة سياسة يُسهم المواطنون في وضعها وبشفافية وصراحة ووضوح، وعلى مرأى من العالم أجمع، تلك هي الجولات السامية للقائد الراحل -رحمه الله- الذي وَعَد شعبه في أول نطق سام له فور توليه زمام الأمور في البلاد في 23 يوليو 1970 بالقول: "أيها الشعب، سأعمل بأسرع ما يمكن لجعلكم تعيشون سعداء لمستقبل أفضل، وعلى كل واحد منكم المساعدة في هذا الواجب".

وكانت هذه الكلمات والنطق السامي الانطلاقة الحقيقية لبناء عُمان الإنسان والدولة؛ حيث إنَّ بناء الأوطان والتضحية من أجل ذلك يحتاج لقيادة فذة تتحمل المسؤولية، وإلى رجال مُخلصين نذروا أنفسهم لهكذا قسم فكانوا نعم من أقسم وأوفى.

مسقط - العُمانية

 

 

ففي الوقت الذي لم يدَّخر فيه السلطان قابوس بن سعيد -رحمه الله- وسعا في سبيل راحة المواطنين في كل شبر من أرض عُمان الغالية مترامية الأطراف، وتوفير كل سبل العيش الكريم لأبناء شعبه الوفي في كل مكان لتحقيق التقدم والازدهار في مختلف المجالات: التعليمية، والصحية، والاقتصادية، والاجتماعية؛ فإنه في الوقت نفسه أرسى قواعد الأمن والأمان والاستقرار؛ بهدف تمكين المواطن العُماني -أينما كان- من الإسهام القوي والفعال في صياغة برامج التنمية في البلاد، وتوجيه هذه البرامج نحو الرقي والتقدم.

ومن المعروف أنَّ الجولات السامية للسلطان قابوس -عليه رحمة الله- التي اعتاد القيام بها سنويًّا، والتي يجوب خلالها مختلف محافظات وولايات السلطنة، أصبحت جزءا مهمًّا من برامج العمل الوطني التي يصيغ فيها تقدم البلاد وازدهارها، وفي ممارسة فريدة تُعبر عن الترابط الوثيق بين القيادة والمواطنين دون بروتوكولات أو حواجز رسمية؛ حيث تنتقل القيادة والحكومة إلى حيث يعيش المواطنون، ولتتم حوارات عميقة تتناول كل ما يهم الوطن والمواطنين.

... إنَّ لقاءات الخير بين السلطان قابوس بن سعيد -رحمه الله- وأبناء شعبه، والتي كانت تتمُّ في جو مفتوح ومباشر، أتاحت الفرصة كاملة للمواطن ليتحدث مباشرة إلى القائد، وليطرح ما يريده وفي ممارسة ديمقراطية رائعة وفريدة كذلك، ومن ثمَّ التف الشعب حول قيادته لتنطلق نهضة عُمان الحديثة التي يفخر بها كل عُماني بين سائر الأمم. ومن أجل متابعة الأداء في مختلف المجالات، بدأ المغفور له -بإذن الله تعالى- السلطان قابوس بن سعيد بن تيمور -طيَّب الله ثراه- جولاته التفقدية منذ السنوات الأولى لتوليه الحكم في البلاد؛ وذلك بتفقد الوزارات والمؤسسات الحكومية الناشئة، والمدارس والمستشفيات الجديدة، بهدف معرفة العمل فيها، واتَّسعت هذه الجولات التفقدية لتشمل ولايات عدة خارج العاصمة للوقوف مباشرة على ما يتم من جهد، غير أن هذه الجولات التفقدية تختلف عن الجولات السنوية التي اعتاد السلطان الراحل القيام بها سنويًّا في محافظات وولايات السلطنة، والتي تستمر أياما وأسابيع؛ حيث يُقام المخيم السلطاني في سيوح عدة في ولايات السلطنة، بغض النظر عن المناخ وتقلبات الجو.

وتعدُّ الجولات السامية لجلالة السلطان قابوس -رحمة الله عليه- في الولايات صيغة من صيغ العمل السياسي، وبمثابة صيغة للديمقراطية المباشرة يُشارك فيها أبناء الشعب، وقال -رحمه الله- واصفا مثل هذه اللقاءات: "لقاءاتي هذه مع الشعب ذات أهمية بالغة بالنسبة لي، ومن تقاليد بلادنا توفير الفرصة لكل عُماني أن يلتقي سلطانه من دون وسطاء". ومما له دلالة عميقة أن السلطان الراحل -رحمه الله- قال في حديث لجريدة السياسة الكويتية في فبراير عام 2006، تمَّ خلال إحدى الجولات "في هذا المجال، أعترف بأني أتمتع كثيرا بهذه الرحلات الداخلية التي أقوم فيها بطول البلاد وعرضها، في هذه الرحلات ألتقي بالناس وأستمع إلى مطالبهم وهم يسمعون وجهة نظري، إنني أشعر بالألفة هنا وهم كذلك، إنَّ تفقد أحوال الرعية شأن موجود في تاريخ الإسلام، ويعد من واجبات القائد، هناك مُواطنون قد لا تسمح لهم ظروفهم بأن يطرقوا أبواباً معينة، فآتي أنا إليهم بشكل مباشر، إنني مرتاح، وأجد مُتعة نفسية بهذه الجولات السنوية، أجتمع فيها بأهلي، وأختلط بأنفس كثيرة، أسمع منها وتسمع مني، ونعطي جميعا الثمار المطلوبة، إني أتمتع وأنا أرى أهلي يستمعون إلى توجيهات ولي الأمر ويعملون بها".

وخلال الجولات السامية، اعتاد السلطان الراحل قابوس -رحمه الله- الانتقال بين المدن والقرى والصحاري والفيافي والسهول والجبال والأودية؛ في ظل ظروف طقس متقلب، متحملا في ذلك مشقة الطريق وعناء السفر في سبيل راحة المواطن العُماني، وليتحسَّس -رحمه الله- أحوال شعبه؛ حيث يعيش المواطن، ويظل القائد بين أبنائه طوال فترة الجولة التي تمتد لأسابيع عديدة، وأحيانا بضعة أشهر.

وقد شكل قصر السيب العامر وبيت البركة العامر، نقطتيْ انطلاق للجولات السامية، ويختار السلطان -رحمه الله- محافظتين، أو عدة محافظات في كل جولة؛ حيث شملتْ الجولات السامية ولايات السلطنة انطلاقًا من مسقط وإلى مسندم والباطنة شمالا، وظفار جنوبا، والبريمي والظاهرة غربا، والداخلية والوسطى، وكذلك المحافظات الشرقية شرقا. أمَّا بالنسبة للمواطنين في مختلف ولايات ومناطق السلطنة، فإنهم ينتظرون ويتطلعون بشوق بالغ موعد الجولة السنوية السامية، ليس فقط لأنها تتيح لهم فرصة اللقاء المباشر بالقائد والحديث إليه بشكل مباشر ومن القلب إلى القلب ودون أي حواجز، ولكن أيضا لأنَّ الجولة تعطي الفرصة للمواطنين للتعبير عن حبهم وولائهم، وتقديرهم البالغ لباني نهضة عُمان الحديثة الذي استطاع خلال خمسة عقود تحقيق نهضة تنموية متميزة ينعم بها المواطن العُماني في كل شبر من أرض الوطن، ويتمكن من خلالها من مواكبة التطور العالمي من حوله.

من جانب آخر، فإنه في حين تُتيح مؤسسات الشورى العُمانية، والممثلة في مجلسي الدولة والشورى، اللذين يضمهما مجلس عُمان، في حالات انعقاده إمكانية التعبير والمشاركة أمام المواطنين، وطرح كل ما يدور في أذهانهم حول قضايا التنمية، فإنَّ الجولات السنوية السامية تمثل كذلك ممارسة عُمانية متميزة لتفعيل الشورى العُمانية وفى إطار الخصوصية العُمانية كذلك.

ومن ثمَّ تظل هذه الجولات سِمة مميزة، وسُنة حميدة، استنَّها الراحل السلطان قابوس -رحمة الله عليه- وتميز مسيرة النهضة المباركة التي قادها على مدى العقود الخمسة الماضية.

ومن الأهمية بمكان التأكيد على أنَّ الجولات السنوية السامية تُمثل صيغة متكاملة؛ حيث تتعدد جوانبها: التنموية، والاجتماعية، والاقتصادية، والسياسية؛ فمن خلالها -وعبر اللقاءات التي يعقدها السلطان مع الشيوخ والأعيان والوجهاء والمواطنين- يوجه رحمه الله الأنظارَ والجهود إلى حيث ينبغي أن تتركَّز مسيرة العمل الوطني، وإلى الأمور موضع الأولوية وفق الظروف التي يمر بها الوطن في وقت أو آخر.

وخلال الجولات السنوية المباركة، فإنَّ السلطان قابوس -طيَّب الله ثراه- كان يتابع مع الوزراء والمستشارين المرافقين له سير عملية التنمية في الولايات، وما تم التوجيه بشأنه خلال الجولات السابقة؛ حيث كان يتابع -رحمه الله- هذه المنجزات خطوة بخطوة؛ بما في ذلك انطلاق خطط التنمية؛ ومن بينها: الخطط الخمسية للبلاد وخطة عُمان 2020، والانطلاق نحو خطة عُمان 2040، وهي بمجملها خطط الانطلاق الاقتصادي التي جاءت -ولله الحمد- كما خطط لها المغفور له -بإذن الله تعالى- مُعزَّزة بحكمة القيادة وبُعد نظرها ومرتكزة على الحب والولاء غير المحدود من أبناء الشعب العُماني لسلطانهم، الذي بني حاضرا زاهرا ومستقبلا مشرقا لكل أبناء الوطن أينما كانوا على هذه الأرض الطيبة.

وقد أينعتْ هذه الجهود الخيرة المباركة خيرا ونماء للوطن والمواطنين، وعم الرخاء في كافة ربوع عُمان الغالية من أقصاها الى أقصاها، بفضل االله والرعاية السامية، وبفضل إخلاص قائد مُلهم وشعب وفي، ولتبقى عُمان واحة أمن وسلام لأهلها ومحيطها الإقليمي والعربي والعالم.

تعليق عبر الفيس بوك