التنمية المستدامة وتطورها


هشام بن عيسى الشحي
عاش الإنسان في رغد من العيش في بيئته الطبيعية، ولم تكن مشكلته إلا إيجاد أرض خصبة، ومياه وفيرة لتأمين عيشه، فكانت التنمية في المجتمعات تمثل بحق التنمية المستدامة من خلال تطويعها البيئة، وفلاحتها المزيد من الأراضي، وإقامة السدود، وتطويرها لأنظمة الري التقليدية، مع تبنيها ثقافة القناعة، في ظل التزايد البطيء للسكان وتزايد احتياجاتهم معهم ببطء، ما جعل الحياة تسير بصورة طبيعية ومُستقرة.
ولكون الإنسان عامل حيوي في إحداث التغيير البيئي والإخلال الطبيعي والبيولوجي، فقد تدارك ارتباطه الوثيق بالبيئة التي يعيش فيها واستقرارها في ظل الظواهر الحديثة التي تحيط به كالعولمة، والحروب، والتلوث، والتقدم التكنولوجي والعلمي والذي عاد بالسلب على توازن النظم البيئية، وانعكس على الإنسان نفسه، ولكون الحق في التنمية المستدامة يمثل حلقة الوصل بين المجتمع والبيئة والاقتصاد، ولأن الإنسان هو موضوع هذا الحق، لذا تضافرت الجهود الدولية وانعقدت الاتفاقيات الدولية، وصدرت قرارات المنظمات والمؤتمرات الدولية، لا سيما دور منظمة الأمم المتحدة لتحقيق وتعزيز وتطوير مفهوم التنمية المستدامة كمفهوم جديد في القانون العام لم يكن معروفًا في القانون العام التقليدي.
فكان لندوة (البيئة البشرية) في ستكهولم عام 1972 دورها في تقديم نموذج للتنمية يعنى بالبيئة ويحترمها، عن طريق الاستخدام الفعال للموارد الطبيعية، بالإضافة إلى ما أشار إليه تقرير حدود النمو الصادر عن نادي روما عام 1972 الذي أوضح دور السكان، واستهلاك الموارد، والتلوث البيئي والتكنولوجي، وتأثيره على الاقتصاد العالمي والبشرية، ومن ثم تقرير الإستراتيجية الدولية للمحافظة على البيئة عام 1981، واستتبعه تقرير "مستقبلنا المشترك" عام 1987 الصادر عن اللجنة العالمية للتنمية والبيئة الذي دعا إلى مُراعاة تنمية الموارد البيئية الحاجات المشروعة للناس في الحاضر دون الإخلال بالقدرة على العطاء مستقبلا، مع ضرورة المزاوجة بين الإنسان والبيئة والاقتصاد، فتتابعت على إثرها تعريفات الباحثين والمؤسسات العلمية لمفهوم التنمية المستدامة، وكان أهم تلك التعريفات تعريف "برونتلاند" نسبة إلى رغرو برونتلاند التي ترأست اللجنة العالمية للبيئة والتنمية وعرف التقرير باسمها، وهو الأكثر شهرة عندما نشرت الأمم المتحدة التقرير الذي أنجز أعمال اللجنة العالمية للبيئة والتنمية والمشكلة في عام 1983 والذي يشير إلى أنها "التنمية التي تلبي احتياجات الحاضر دون الانتقاص من قدرات الأجيال القادمة على الوفاء باحتياجاتها".
إلا أنَّ مؤتمر الأمم المتحدة للبيئة والتنمية "قمة الأرض" المنعقد في ريو دي جانيرو في يونيو عام 1992 أضفى على مفهوم التنمية المستدامة طابع الشرعية على المستوى الدولي، وربط البيئة بالتنمية الاجتماعية والاقتصادية، فتمخض عنه جدول أعمال القرن الحادي والعشرين كخطة عمل عالمية في مجال التنمية، وانبثق عنه إنشاء لجنة التنمية المستدامة المعنية بوضع الأسس والمعايير التي تساند الدول في التعرف على التقدم في جميع جوانب التنمية.
ومما ينبغي التذكير به هو أنَّ السلطنة قد حظيت بالمركز الثاني عربياً في مؤشر التنمية المستدامة العالمي لعام 2016، والذي أصدرته مؤسسة "سول أبيليتي" بكوريا الجنوبية والمنشور على موقعها الإلكتروني، وحازت على المركز الـ70 عالميًا الذي يضم 135 دولة حول العالم.

 

تعليق عبر الفيس بوك