توماس فريدمان يسأل عبر "نيويورك تايمز":

في "صفقة القرن".. هل أصبح ترامب دمية نتنياهو؟

ترجمة- رنا عبدالحكيم

بالنظر إلى توقيت إطلاق خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للسلام في الشرق الأوسط، يجب أن أبدأ بالسؤال: هل هذه الخطة تتعلق بدولتين لشعبين أم أنها تتعلق بتشتيت الانتباه عن مُخالفات قائدين؟

من المؤكد أنه يبدو وكأنه الأخير. بعد كل شيء، يواجه الرئيس ترامب ورئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، في الواقع، تهمًا تهدد الوظيفة - ترامب بسبب عرقلة العدالة وإساءة استخدام السلطة ونتنياهو، الذي وُجهت إليه اتهامات محددة، تتعلق بالاحتيال والرشوة وانتهاك الثقة. كان لدى كلاهما حاجة كبيرة لتغيير الموضوع ودعم قاعدتهما المشتركة لليهود اليمنيين والإنجيليين.

إذا كنت جاريد كوشنر وعملت لمدة ثلاث سنوات على خطة سلام - وكنت جادًا في الحصول على جلسة استماع عادلة وكاملة من جميع الأطراف - فلن يكون من الممكن أن أعلن عن تفاصيلها الآن.  فمثل هذا التوقيت يثير الشك.

لكن وجهة نظري كانت دائمًا أن الشرق الأوسط لا يجعل وجهك يبتسم إلا إذا بدأ التغيير نحو الأفضل معهم. بدأ كامب ديفيد بالإسرائيليين والمصريين، ولم تُدخل أمريكا إلا لاحقًا. بدأت أوسلو من قبل الإسرائيليين والفلسطينيين، وانضمت أمريكا في وقت لاحق فقط. تونس، البلد الذي شق طريقه نحو الديمقراطية عبر "الربيع العربي"، وهي الدولة العربية الوحيدة التي لا علاقة لأمريكا بها. لكي تكون مبادرة السلام جادة ومستدامة، يجب أن تبدأ دائمًا بالشرق الأوسط.

ومع ذلك، أعلم أيضًا أنه عندما تضع أمريكا شيئًا مفصلاً بهذا الشكل على الطاولة، لا يمكن تجاهله، على الأقل في المدى القريب. لقد أعلن نتنياهو بالفعل أن إسرائيل ستتحرك بسرعة بمباركة ترامب لتطبيق قانونها (بمثابة الضم) على وادي الأردن بالضفة الغربية وجميع المستوطنات اليهودية في الأرض المحتلة. سيكون من المثير للاهتمام أن نرى كيف يستجيب الاتحاد الأوروبي، الذي يمول الكثير من البنية التحتية الحاكمة الفلسطينية في الضفة الغربية، بمجرد دراسته للخطة، ناهيك عن رد فعل الفلسطينيين والعرب كل يوم. (لا أتوقع الكثير. يبدو أن هذا الصراع قد انتهى تاريخ إصلاحه).

نعم، إذا فعل رئيسنا شيئًا صعبا. فماذا سيكون ذلك؟ هو أن يقول لنتنياهو أنه قبل أن يعدل القانون الإسرائيلي ليشمل جميع مستوطنات الضفة الغربية ووادي الأردن، يريد ترامب شيئًا واحدًا: بيان علني لا لبس فيه بأن نتنياهو يقبل حقيقة أنه بينما تحصل إسرائيل على القدس الشرقية، أكثر من 20% من الضفة الغربية الأساسية، مع جميع مستوطناتها، بالإضافة إلى غور الأردن، ستصبح النسبة المتبقية البالغة 70% دولة فلسطينية مستقلة، إذا وافق الفلسطينيون على جميع أنواع المتطلبات الأمنية.

يجب أن يقول ترامب لنتنياهو: " أنت تقول إنني الرئيس الموالي لإسرائيل الذي يجلس في البيت الأبيض. كتبت هذه الخطة مع فريقك. لقد أيدت موقفك الأقصى، استيعاب جميع المستوطنات اليهودية في إسرائيل والقدس، وبدون عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى إسرائيل. الآن أنا بحاجة إلى أن أعرف، يجب على الفلسطينيين أن يعرفوا، والعالم بحاجة إلى أن يعرف، أن هذا ليس موقفك الجديد. هل توافق الآن على أن الأرض المتبقية ستكون دولة فلسطينية إذا وافق الفلسطينيون على التجريد من السلاح والاعتراف بإسرائيل كدولة يهودية؟ هل توافق - الآن - على عدم تقديم أي مطالبات أخرى للضفة الغربية وعدم بناء مستوطنة أخرى خارج المناطق التي تخصصها خطة ترامب لإسرائيل؟"

إذا كان ترامب ينفق قليلاً من رأس المال السياسي في القيام بذلك، فقد أبدأ في أخذ هذه الخطة على محمل الجد. لكن إذا سمح لنتنياهو بالتهرب من هذا السؤال، أو رفض ترامب دون أي عواقب، فإن هذا الأمر برمته مهزلة حقًا - إنه مجرد خط أساس جديد لنتنياهو للاستيلاء على الأراضي في الضفة الغربية.

في الواقع، إذا قال نتنياهو إنه لا يزال يريد أكثر مما توفره له هذه الخطة بالفعل - كما يزعم القوميون المتطرفون في ائتلافه - فإنه يعلن صراحة أمام رئيس الولايات المتحدة أن شهيته هي لكل الضفة الغربية وأن رؤيته لإسرائيل هي أنها تصبح دولة ثنائية القومية والفصل العنصري وستحتجز 2.5 مليون فلسطيني في الضفة الغربية بدون حقوق سياسية كاملة.

هذه هي اللحظة التي نكتشف فيها ما إذا كان نتنياهو لديه أي عظمة من أي نوع أو مجرد مخترق سياسي يتطلع إلى البقاء خارج السجن وسيقوم بأي مناورة قصيرة الأجل ضرورية، بغض النظر عن تأثيره طويل الأجل على إسرائيل، للقيام بذلك.

في الوقت نفسه، وبينما أفهم سبب شجب الزعماء الفلسطينيين لهذه الخطة، إلا أنهم يجب أن يحاولوا إخراج بعض المكتسبات من صفقة ترامب. ليس الأمر كما لو كان لديهم الكثير من الخيارات العظيمة، ولم تصل مقاومتهم للاحتلال الإسرائيلي إلى أي مكان. كان الزعماء الفلسطينيون متقاعدين ومنقسمين لبعض الوقت. لقد قاطعوا تصميم هذه الخطة. ومع ذلك، إذا كنت أنا، فأنا أخبر ترامب، "نعم، لكننا سنستخدم هذه الخطة كأرضية في المفاوضات مع الإسرائيليين، وليس كحد أقصى". من المؤكد أنهم سيكسبون الكثير من النوايا الأمريكية والعربية والأوروبية من أجل محاولة هذا النهج. ماذا عليهم أن يخسروا؟

لكن خلاصة القول: من دون أن يجعل ترامب نتنياهو ينهي مطالباته إلى الضفة الغربية بشكل نهائي، ودون أن يتمكن القادة الفلسطينيون من إعادة توحيد فصائلهم السياسية المتباينة في غزة والضفة الغربية في هيئة واحدة يمكنها من الناحية النظرية أن تقول "نعم" لنتيجة عادلة لشعبهم، مع الاعتراف أيضًا بإسرائيل كدولة يهودية، ستنضم صفقة القرن من ترامب إلى مكتبة عمرها قرن من خطط السلام الفاشلة في الشرق الأوسط.

تعليق عبر الفيس بوك