قانون الاستثمار والتنافسية

 

حسَّان عمر ملكاوي

في تقرير المنتدى الاقتصادي العالمي للعام 2019، حصلتْ السلطنة على أرقام في المؤشرات التنافسية، تبعث على الفخر، وتُسهم في تشجيع الاستثمار؛ ومنها: الأول عالميًّا في الخلو من الوقوع بالإرهاب، والسادس عالميًّا في تكلفة الجريمة المنظمة على الأعمال التجارية، والسابع عالميًّا في رؤية الحكومة طويلة الأمد، والعاشر عالميًّا في الاستجابة الحكومية للتغير، والخامس عشر عالميًّا في ضمان استقرار السياسة الحكومية، والسابع والخمسون في مؤشر الابتكار، والرابع عشر في موثوقية خدمات الشرطة، والعاشر عالميًّا في جودة البنية الأساسية للطرق، والثاني والعشرون في كفاءة خدمات الموانئ، والسابع عالميًّا في الإطار القانوني للطعن في القرارات الحكومية، والتاسع عشر في استقلال القضاء، والسادس عالميًّا في مؤشر تنوع القوى العاملة.

ولأنه لا يخفى على أحد أن رأس المال لا يستثمر وفق العواطف، وأن جذب الاستثمار أولوية وضرورة ملحة ومهمة وركيزة أساسية في حل مشكلة البطالة وخلق التنافس في فرص العمل وصقل مهارات العاملين والاستفادة من الخبرات الاقتصادية للمستثمرين، ومواكبة التطور التكنولوجي والإداري، وزيادة الطاقة الإنتاجية للصناعات، وتعزير ميزان الصادرات، وإيجاد المشاريع التي تلائم حاجة السوق؛ مما يصبُّ في رفد احتياطات الدول من العملات الأجنبية.

ومن الثابت أنَّ المستثمر يبحث ويدرس أولوية استثماره في أي مكان وفق عناصر؛ من أهمها: الاستقرار السياسي، والأمن والأمان المعيشي، واستقرار القرار الحكومي، وانخفاض الضرائب، وكلف التأسيس، والإعفاءات الجمركية الممنوحة، ومرونة التحويلات المالية، وتملّك الأصول لاستثماره، وبساطة الإجراءات الإدارية وإمكانيات التسهيل في التمويل.

والحمد لله دائمًا وأبدا أنَّ السلطنة تتمتع بالمزايا التي أهَّلتها لاحتلال مراكز متقدمة في تقارير البنك الدولي وتقرير مؤسسة ماجنيت للمنتدى الاقتصادي العالمي العاشر، ومؤسسة عرب نت المتخصصة في قطاع الاستثمارات التقنية. وتواصل السلطنة التقدُّم وارتفاع التصنيف في كثير من المؤشرات، إضافة لما ورد أعلاه بفضل عدة عوامل؛ منها: قانون استثمار رأس المال الأجنبي الجديد، والذي يجيز نسبة التملك والاستثمار بنسبة 100%، وهو قانون يُشكل دفعة قوية في تعزيز الاستثمار والتقدم في مؤشرات الاستثمار.

وأوجد القانون: أولا: حوافز اقتصادية وتشجيعية سواء من حيث الاستثمار في المجالات المذكورة في القانون أو الاستثمار في المناطق الأقل نموًّا لتحقيق التنمية الشاملة، أو من حيث المعاملة التفضيلية في حالات المعاملة بالمثل.

ثانيا: تعزيزًا وانسجامًا مع ما تتمتع به السلطنة من شفافية في النظام القانوني والتميز التشريعي عزَّز قانون الاستثمار مظلة الحماية القانونية؛ سواء من حيث تصويب المخالفات أو العقوبة بشكل واضح ومتساوٍ على المخالف، أو من حيث التدرج بالعقوبة، أو من حيث التظلم لدى هيئة قضائية، أو من حيث التسبيب لأي قرار بإلغاء الترخيص أو من حيث اشتراط وتحديد حالات وآليات نزع الملكية أو الحجز أو إلغاء قرار الانتفاع.

ثالثا: تعزيزًا لأهمية الوقت، فقد راعى قانون الاستثمار بشكل واضح أهمية توحيد الإجراءات والاختصاصات، ومراعاة عنصر الزمن وأهميته للمستثمر، ولأن المشرِّع لا يتكلم نثرا والقاعدة القانونية تقول إن "المشرع لا يلغو"، فإنَّ تحديد شرط مدة 30 يوما للرد وفي حالة عدم الرد يعتبر الطلب مقبولا؛ فهذا دليل على أن الأصل قبول طلب المستثمر، وأيضا عندما حدد القانون صدورَ لائحة بالقطاعات المستثناة فهذا يتماشى مع قاعدة أنَّ الأصل في الأمور الإباحة والتحليل ما لم يرد دليل التحريم، وأن الأصل السماح في كافة القطاعات، وأن حظر بعض الأنشطة هو الاستثناء، وهذا دليل على التوسع لدى المشرع؛ لأنه لو أراد التقييد لأفاد بصدور لائحة بالأنشطة المسموحة وليس المحظورة.

ومن الإيجابيات التي يجب أن لا نغفلها عند قراءة نصوص القانون، أنه اوجب على الجهات المختصة توفير الخدمات الأساسية اللازمة للمستثمر واستثماره، وهذا يشكل عنصرًا مهمًّا وأساسيًّا للمستثمر عند اتخاذ قرار الاستثمار.

وهنا.. من المهم تنظيم ندوات توعوية وتخصصية في بيان المميزات والإيجابيات الواردة في القانون وشرح ذلك للمستثمر أو الموظف المعني؛ لأن هناك فارقًا بين النظرية والتطبيق، ولأنَّ مخرجات القانون تعتمد على نصوصه وآليات تطبيقه، إضافة إلى ضرورة تبنِّي فكرة التوجيه إلى الاستثمار في القطاعات المهمة؛ ومنها السياحة والزراعة؛ وذلك لتعزيز وزيادة الإيرادات غير النفطية.

لا شك أنَّ السلطنة تتميَّز بموقعها الإستراتيجي والتنوع والاختلاف المناخي والمساحة الواسعة بحرًا وأرضًا، إضافة إلى الموانئ الرائدة والأماكن السياحية الجاذبة والثروة السمكية التي تستحق زيادة الاستثمار بها.

تعليق عبر الفيس بوك