أنيسة الهوتية
كثُرت التعليقات والنقاشات حول "شبح العنوسة"، واتفق أغلب المجتمع الذكوري على أنَّ الوقاية منه هو تخفيف المهور، وكأنه هو السبب الرئيسي لتغذيته!
ورغم أنَّ هناك شبابًا غير متزوج، لكنه مديون للبنك أكثر من المتزوج، وديونه تلك للسيارة، والسفرات الموسمية، والهواتف، وهدايا "للرفيقات" مع وجبات العشاء والغداء في المطاعم الفارهة! ناهيك عن حضور السينما الذي مصاريفه الشهرية لا تقل عن 50 ريالا عند الأغلب! إذن المشكلة ليست في المهر!!
ومن زاوية أخرى، نرى أنَّ الشاب يدفع من 7 إلى 15 ألف ريال عماني لشراء سيارة يستخدمها من 5 إلى 10 سنوات، ولا يرى أنها غالية! إذن الـ5 والـ6 آلاف كذلك ليست قيمة غالية كمهر للمرأة التي ستبقى شريكة حياته مدى العمر، تخدمه، تساعده، تعاونه، تحمل أبناءه وتربِّيهم، وإذا كانت موظفة تشاركه في مصاريف البيت والأبناء! والمهر ذلك أيضا تشاركه مناصفة في مصاريف قاعة الزفاف والبوفيه، والدي جي، والكوشة! وطبعا بما أنها ستكون عروسًا ستحتاج إلى ملابس جديدة، أكسسوارت، القليل من الذهب! عطور، بخور، عبايات، "نعال وشنط"... وغيرها الكثير من الاحتياجات التي هي أساسيات العروس لتتزين لزوجها، وإلا كيف ستكون عروسًا بدون تلك الاشياء! وهل سيأخذها بقفاطين و"جلابيات" العزوبية؟ أم يريد أن يتسلَّف والدها ليجهزها ويزينها له؟!! لأن المهر ذلك ليس للإيداع البنكي، بل هو لتجهيز العروس، ولا أشكُّ أنَّ أهل العروس في أغلب البيوت يصرفون على بناتهم مبالغ إضافية بجانب المهر الذي يتضمن الجهاز.
ولا يجب أن نغض البصر عن الزوجة الموظفة التي تساعد زوجها في مصاريف البيت، والتي تتسلف لشراء شقة أو منزل، والتي تبيع ذهبها لقضاء الاحتياجات والالتزامات! ومواقف أخرى كثيرة كفيلة بأن تُقنعنا بأن المهر المدفوع في حقها استحقاق لها؛ لأنها فعلا رفيقة العمر وليست سيارة للاستخدام المؤقت، أو سفرة استجمام لأيام معدودة! أما إذا اختارت "هي" ألا تترافق مع زوجها بقية العمر، فحينها عليها أن تدفع ما يتكفل بخلعها منه! وفي هذه الحالة أيضا هو ليس بخاسر ماديًّا.
ومَن يُطالب بفتح الزواج من الخارج؛ لأنه غير قادر على دفع مهر "بنت البلد" فهذه وجهة نظره الشخصية ورغباته التي يعززها بحجة غلاء المهور! الذي ليس هو السبب الرئيسي لمنعه من الزواج! لأننا إن جئنا ندرس الموضوع سنرى أنه سيصرف أكثر على الزوجة الوافدة لاحقا "بشويش بشويش".
أما من تحدَّث عن الزواج من الخارج لتحسين النسل، فإنه من حقه الشخصي أنْ يطلب ذلك، ولكن بنفس الوقت من حق "بنت البلد" أن تُطالب بذلك! فهي أيضا لها حق أن تحسِّن نسلها!
وكما قلت تعليقاً لذات الموضوع عام 2013م: "إن لم تكن هي نور فأنت أيضاً لست مهند"!
وفي نهاية الأمر، فإننا يجب أن نؤمن بأنَّ الأسباب الرئيسية لكبر حجم "شبح العنوسة" هي ثانيًا "العطالة"، وأولاً: هي الكثافة السكانية النسائية التي تغلب الرجالية، ليس في عُمان فقط بل في العالم ككل، ففي إحصاءات يونيو 2019 بلغ عدد الذكور 2.2 مليار بينما الإناث 5.6 مليار في العالم!
إذن الحل الجذري لقتل "شبح العنوسة" هو التعدد، وللأسف على كل زوجة أن تتحمل مع زوجها المعدد مصاريف بيتها وأبنائها! لأنه لن يكون قادرًا على أن يصرف على بيتين، ثلاث، أو أربع براتبه البسيط!
وعلى الرجال أن يتوقَّفوا عن التذمر من مشاركة المرأة لهم في كل شيء، وأن يوافقوا على إيقاف موضوع توفير الوظائف للرجال فقط؛ لأنَّ المرأة أصبحت تشاركه فعلا في كل شيء، حتى في "القوامة".