"واشنطن بوست": الصراع الأمريكي الإيراني يدعم نفوذ الصين وروسيا

ترجمة- رنا عبدالحكيم

يرى ديفيد إم إدلشتاين في مقال تحليلي نشرته صحيفة واشنطن بوست الأمريكية، أن الصراع بين الولايات المتحدة وإيران من شأنه أن يدعم النفوذ الصيني والروسي في المنطقة.

وتساءل الكاتب: هل يمكن للولايات المتحدة التعامل مع أزمة عسكرية فورية، مع الاستمرار في التخطيط لقواتها العسكرية وإعادة توجيهها لمنافسة طويلة الأجل مع الصين؟

يجادل إلبريدج كولبي، أحد المؤلفين الرئيسيين لاستراتيجية الدفاع الوطني الأمريكية، وسيس ميتشل في مقال نشرته مجلة فورين أفيرز الأمريكية مؤخراً حول مسألة "الانخراط في حرب مع إيران، أو الحفاظ على وجود عسكري كبير في أفغانستان، أو التدخل في فنزويلا".

ويشير الكاتب إلى أن القوى العظمى القائمة والتي من المحتمل أن تتراجع، مثل الولايات المتحدة، مجبرة على التخطيط لفترة زمنية قصيرة، بينما تميل القوى الصاعدة إلى التخطيط لفترات زمنية أطول. والسبب أنه يجب على القوى الحالية التي تواجه تهديدات فورية أن تتصدى لهؤلاء الأشخاص، مع إيلاء اهتمام أقل للتهديدات طويلة الأجل وأقل تأكيدًا. وتدرك القوى الصاعدة أن أكثر أيامها ازدهارا ستكون في المستقبل، وترحب بالفرص المتاحة على المدى القصير لتعزيز آفاقها على المدى الطويل.

وقد تستفيد الصين من انشغال الولايات المتحدة بإيران، وقد يشكل أي صراع محتمل بين الولايات المتحدة وإيران بعض التحديات بالنسبة لروسيا والصين، لكن الأزمة توفر فرصًا أيضًا لكلا الطرفين.

أولاً: مع صرف الانتباه عن واشنطن، قد تسعى بكين وموسكو إلى تحقيق مصالحهما الخاصة دونما أي قلق بشأن ردة الفعل الأمريكية. وإذا كانت الصين تتصرف على نحو أكثر طموحًا في بحر الصين الجنوبي، أو أن روسيا تسعى إلى توسيع نفوذها على الصعيدين الإقليمي والعالمي، فإن قدرة الولايات المتحدة على الاستجابة عسكريًا أو اقتصاديًا أو دبلوماسيًا قد تكون مقيدة بتركيزها على إيران.

ثانياً: سيكون للنزاع العسكري في إيران آثارا كبيرة على الموارد الأمريكية، بما في ذلك نشر قوات أمريكية بأعداد ضخمة. ويشير جوشوا روفنر، إلى أن الصراع في إيران يعني استمرار وجود قوة كبيرة في الشرق الأوسط، وهذا قد يجعل من الصعب على الولايات المتحدة أن تركز اهتمامها على منافسة القوى العظمى، مثل روسيا أو الصين.

ثالثًا: قد تفضي التوترات مع إيران إلى عواقب سلبية على العلاقات الأمريكية مع الحلفاء الذين قد يكونون مفيدين في مواجهة تهديدات القوى العظمى الناشئة. وهؤلاء الحلفاء يمثلون أهمية حقيقية في مواجهة العدوان الروسي، ولعب دور متزايد الأهمية في الاستجابة لصعود الصين.

لكن الأخبار ليست كلها جيدة للصين وروسيا.. إذ تشير كل من الصين وروسيا باستمرار إلى معارضتهما لحيازة إيران للأسلحة النووية، بما في ذلك الوفاء بالتزاماتها بخطة العمل الشاملة المشتركة "الاتفاق النووي الإيراني"، حتى بعد انسحاب إدارة ترامب من الاتفاق. وإذا كان الصراع مع إيران يشجع طهران على تسريع برنامجها النووي، فمن المفترض ألا ترحب بكين ولا موسكو بهذا التطور.

كقوى عظمى ناشئة وقادرة على الظهور، فإن روسيا والصين ترغبان في تفادي التطورات قصيرة الأجل التي قد تتداخل مع طموحاتهما على المدى الطويل. وتعد الصين أكبر شريك تجاري لإيران؛ حيث استوردت بما قيمته 15 مليار دولار من خام النفط الإيراني في عام 2018. وبينما انخفضت هذه الواردات منذ فرض العقوبات الأمريكية على إيران، وقيام الصين بتنويع مصادر وارداتها من الطاقة، إلا أن بكين تشعر بالقلق على الأرجح من أي نزاع قد يهدد بتعطيل أسواق الطاقة العالمية.

وعلاوة على ذلك، وسعت مبادرة "الحزام والطريق" من الحضور الصيني في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك في الشرق الأوسط. ويمكن للصراع الأمريكي مع إيران أن يعقد وجود الصين في المنطقة، بما في ذلك تعميق علاقاتها مع المملكة العربية السعودية.

وزار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين حليفه السوري حتى في خضم الأزمة الحالية، لكن الوجود الأمريكي الأثقل والأكثر نشاطًا في المنطقة يمكن أن يعقد السعي وراء مصالح روسيا. وكان تجنب الصراع غير المقصود بين الولايات المتحدة وروسيا مصدر قلق في سوريا، ويمكن أن تزداد هذه المخاطر في ظل وجود عسكري أمريكي أكبر في المنطقة، وهو ما سيتحقق- على الأرجح- إذا تصاعد الصراع الأمريكي الإيراني.

باختصار.. قد تستفيد روسيا والصين من أزمة تشتعل بين الولايات المتحدة وإيران، لكنهما قد يفضلان أيضًا تجنب أن يستمر هذا الغليان قبل أن يصل إلى مرحلة الانفجار؛ إذ قد ينفجر صراع عسكري بطرق غير متوقعة، مع تداعيات غير مرحب بها لكل من الصين وروسيا.

تعليق عبر الفيس بوك