سلطان النور

 

نورة بنت محمد الطائية

لعُمان التي نُحب

لعُمان التي ستبقى إكليلاً كما أراد لها باني نهضتها السلطان قابوس بن سعيد رحمه الله.

 

لم أفكر في الكتابة ذات يوم، ولكن شيئًا ما دفعني وأنا أعيش أجواء الحزن التي غمرت سماء عُمان وأرضها، لقد تناغمت السّماء مع الأرض في معزوفة حزينة للتعبير عن جلال الخطب الذي حلّ في فضاء الوطن عُمان.

أيّ خطب جليلٍ هذا الذي حلَّ بنا، وأيّ نبأ عظيم هذا الذي غمرنا! لقد ألقى الحزن العميق غلاله علينا حين تلقينا عبر وسائل التواصل الاجتماعي فجر يوم السبت خبر وفاة مؤسس عُمان الحديثة وصانع منجزاتها السلطان قابوس بن سعيد رحمات الله عليه.. تلك الرحمات التي انسكبت على قبره بعد أن واراه التراب، لقد جلجلت السماء الأرض بين صخب وسكون على فراقه.

 إن الحديث عن العظماء أمر ليس هينًا، وتعداد ما خلدوه ليس سهلاً.

وكيف لا وأنا أتلمس

فكل بذرة نهضة سقاها، وكل غراس أزهر حصدته روحه العظيمة وهمته العالية في أرض الوطن الحبيب عُمان.

أولسنا نحن جيل الشباب الذي تغنينا بكلمات الأيقونة الخالدة نشيد صوت النهضة بقلم جدي الأديب الراحل عبدالله بن محمد الطائي رحمه الله، وتربينا عليها، وشاهدنا ترجمة فحواها كمسرحية خالدة لا تنسى حين لبينا نداء الزعيم القائد وقلنا جميعاً "صافحنا الفجر بأجفانٍ ورفعنا الأعناق صعاداً ومحونا كل فسادٍ وفرحنا شعباً وبلاداً".

ماذا نحكي عن منجزاتك أيها القائد الفذ، والأب الحنون! فإنجازاتك شاهدة عليك كأسطورة تتراءى أمام أعيننا وتتعمق في قلوبنا لنستمر على العهد والوعد الذي رسمته لنا.

كانت أفكارك ترجمة لمرادك ومبتغاك

أولست أول زعيم في العالم أجمع يشهد له القاصي قبل الداني برؤيته، بحبه لشعبه؟! لقد آمنت بالشباب ودعمته وشحذت هممه وثبت عزيمته عندما جعلت لنا عاماً يحمل اسمنا ألا وهو عام الشبيبة؟ ورددنا بكل فخرٍ نشيد عام الشبيبة للشاعر العُماني عبدالله بن صخر العامري رحمه الله "عام الشبيبة في بلادي للمروءة والحمى عام بها الآمال ترقى ترقى سلاماً عام سنًا فتبسما".

وفي تمكين المرأة أيضًا رسمت خطى نشيد صوت النهضة الخالد "وأنا حاملة الراية لي في بلدي معوان فالعلم لنا نور لا يمنعه حرمان" فالتعزيز من دور المرأة كان من أولويات رؤية سُلطاننا قابوس رحمة الله عليه لتصبح المبادرة سباقة على مستوى العالم العربي والإسلامي في تمكين المرأة بخطى واثقة ورؤية حكيمة من جلالته طيب الله ثراه فرأيناها في مجلس الشورى ومجلس الدولة وسفيرة ممثلة لوطنها.

وتوج مسيرة المرأة بتخصيص يوم المرأة العُمانية بتاريخ 17 أكتوبر من كل عام ليحتفل بالأم والزوجة والابنة والأخت والأدوار الاجتماعية الأخرى مبادرات سبق فيها العديد من الدول المجاورة.

يندر أن ترى في قصص التاريخ سلطاناً أو ملكاً جمع الحب لشعبه والعزيمة والحزم في وقت واحد بهدف الارتقاء بالشباب وشحذ عقولهم نحو وجهة واحدة ألا وهي قيمة حب الوطن والانتماء للأرض. وعزمت منذ توليك مقاليد الحكم تعميق قيمة حب الوطن وترسيخ مكتسباته وعددتها هي أعلى قيمة يبنى عليها الإنسان وكل ما يأتي من قيم أخرى أو فضيلة ستأتي لاحقاً.نعم إنها نظرة أبوية ملهمة ثاقبة وحكيمة. فبحب الوطن يتحد الشعب وبحب الوطن يأتي الإخلاص في العمل والسعي للأفضل. فجاء النسيج العُماني القابوسي نوراً توحدت شعاعاته بمعاني الحب والكرم والسلام والتعايش.

ويستحضرني هنا ونحن على أعتاب عهدٍ جديد قول جدي الأديب الراحل عبدالله الطائي رحمه الله "سيروا قدماً إن الأوطان تُصان ودعوا العِلم لكم بهجة بالدين يُزان".

فارتقينا على أصداء أناشيدنا الوطنية للمعالي بالجد والاجتهاد، فكنت خير أب مؤسس لدولتنا الحديثة التي جمعت بين الأصالة والمعاصرة بما حملته من علم وفكر ورؤى ومهارات وهوايات غرستها فينا، وجعلت منّا كفاءات تفخر بها عُمان.

نعاهدك أيها الوالد بأننا ماضون على وعدك، سائرون على نهجك لرفعة عُمان بالعمل والجد والعطاء، والمحافظة على كل ما بذلته من أجلنا لتبقَ دولة حسنة الجوار، قوامها التسامح والتعايش والسلام.

رحم الله أبانا القائد المؤسس ونعاهدك يا أبي أن نحافظ على تراثك ونهجك ما حيينا من أجل حبك الكبير والعظيم سلطنة عُمان.

قال تعالى

{وَاجْعَل لِّي وَزِيراً مِّنْ أَهْلِي* هَارُونَ أَخِي* اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي* وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي* }

صدق الله العظيم

تعليق عبر الفيس بوك